صَارَ الْمَعْنَى: وعَلام أَركبه حِينَ لَمْ أَنزل إِلى الأَرض، قَالَ: وَمَعْلُومٌ أَنه حِينَ لَمْ يَنْزِلْ هُوَ رَاكِبٌ فكأَنه قَالَ: وَعَلَامَ أَركبه فِي حِينِ أَنا رَاكِبٌ؛ قَالَ وَمِمَّا يُقَوِّي ذَلِكَ قَوْلُ زُهَيْرٍ:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا ... دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ فِي الذُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لَمْ يَمْدَحْهُ بِنُزُولِهِ إِلى الأَرض خَاصَّةً بَلْ فِي كُلِّ حَالٍ؟ وَلَا تمدَح الْمُلُوكُ بِمِثْلِ هَذَا، وَمَعَ هَذَا فإِنه فِي صِفَةِ الْفَرَسِ مِنَ الصِّفَاتِ الْجَلِيلَةِ وَلَيْسَ نُزُولُهُ إِلى الأَرض مِمَّا تمدَح بِهِ الْفَرَسُ، وأَيضاً فَلَيْسَ النُّزُولُ إِلى الأَرض هُوَ العلَّة فِي الرُّكُوبِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
نَازَلْتُ رَبِّي فِي كَذَا
أَي رَاجَعْتُهُ وسأَلته مرَّة بَعْدَ مرَّة، وَهُوَ مُفاعَلة مِنَ النُّزُول عَنِ الأَمر، أَو مِنَ النِّزَال فِي الْحَرْبِ. والنَّزِيلُ: الضَّيْفُ؛ وَقَالَ:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً، ... وحَقُّ اللهِ فِي حَقِّ النَّزِيلِ
سِيبَوَيْهِ: وَرَجُلٌ نَزِيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم. والنُّزُل والنُّزْل: مَا هُيِّئَ لِلضَّيْفِ إِذا نَزَلَ عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: إِن فُلَانًا لَحَسَنُ النُّزْل والنُّزُل أَي الضِّيَافَةِ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
فَجَاءَتْ بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قَالَ: أَراد لِضِيافة النَّاسِ؛ يَقُولُ: هُوَ يَخِفُّ لِذَلِكَ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ
؛ يَقُولُ: أَذلك خَيْرٌ فِي بَابِ الأَنْزَال الَّتِي يُتَقَوَّت بِهَا وتمكِن مَعَهَا الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النَّارِ؟ قَالَ: وَمَعْنَى أَقمت لَهُمْ نُزُلهم أَي أَقمت لَهُمْ غِذاءَهم وَمَا يصلُح مَعَهُ أَن يَنْزِلُوا عَلَيْهِ. الْجَوْهَرِيُّ: والنُّزْل مَا يهيَّأُ للنَّزِيل، وَالْجَمْعُ الأَنْزَال. وَفِي الْحَدِيثِ:
اللَّهُمَّ إِني أَسأَلك نُزْلَ الشُّهَدَاءِ
؛ النُّزْل فِي الأَصل: قِرَى الضَّيْفِ وتُضَمّ زايُه، يُرِيدُ مَا لِلشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الأَجر وَالثَّوَابِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ:
وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تَقُولُ: أَنْزِلْني مُنْزَلًا مُباركاً. ونَزَّلَ القومَ: أَنْزَلَهم المَنازل. ونَزَّلَ فُلَانٌ عِيرَه: قَدَّر لَهَا المَنَازل. وَقَوْمٌ نُزُل: نازِلون. والمَنْزِل والمَنْزِلَة: مَوْضِعُ النُّزول. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ مَنْزِلُنا بِمَوْضِعِ كَذَا، قَالَ: أُراه يَعْنِي مَوْضِعَ نُزولنا؛ قَالَ: وَلَسْتُ مِنْهُ عَلَى ثِقَةٍ؛ وَقَوْلُهُ:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فَحَذَفَ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض مَا يبلِّغُها، ... بِصَاحِبِ الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فَحَذَفَ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد بِمَنَاهَا قصدَها، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا حَذْفَ. الْجَوْهَرِيُّ: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ والمَنْزِلَة مِثْلُهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عَلَيْكُمَا ... هلِ الأَزْمُنُ اللَّائي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لَا تجمَع. واستُنْزِل فُلَانٌ أَي حُطَّ عَنْ مَرْتَبَتِهِ. والمَنْزِل: الدَّرَجَةُ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا هُوَ مِنِّي مَنْزِلَة الشَّغَاف أَي هُوَ بِتِلْكَ المنزِلة،