للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي المَرْعَى، ويُشَبَّهُ بِهَا الفَرَسُ. قَالَ الأَزهري: وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ كَانَتْ مَشْهُورَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ، ذَكَرَهَا لبيدٌ «١» وَغَيْرُهُ مِنْ قُدَماءِ الشُّعَرَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي أَربعين لَيْلَةً، فَقَدْ عَزَّبَ

أَي بَعُدَ عَهْدُه بِمَا ابْتَدَأَ مِنْهُ، وأَبْطَأَ فِي تِلاوَتهِ. وعَزَبَ يَعْزُبُ، فَهُوَ عازِبٌ: أَبْعَدَ. وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا غابَ عَنْهَا زَوْجُهَا؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبيانيّ:

شُعَبُ العِلافِيَّاتِ بَيْنَ فُروجِهِمْ، ... والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ

العِلافِيَّاتُ: رِحال مَنْسُوبَةٌ إِلى عِلافٍ، رَجُلٍ مِنْ قُضاعةَ كَانَ يَصْنَعُها. والفُروج: جَمْعُ فَرْج، وَهُوَ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ. يُرِيدُ أَنهم آثَرُوا الغَزْوَ عَلَى أَطْهارِ نِسَائِهِمْ. وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحدٌ، مُخْصِبةً كَانَتْ، أَو مُجْدِبةً.

عزلب: العَزْلَبَةُ: النِّكَاحُ؛ حَكَاهُ ابْنُ دُرَيْدٍ، قَالَ: وَلَا أَحُقُّه.

عسب: العَسْبُ: طَرْقُ الفَحْلِ أَي ضِرابُه. يُقَالُ: عَسَبَ الفَحلُ الناقةَ يَعْسِبُها، وَيُقَالُ: إِنه لَشَدِيدُ العَسْب، وَقَدْ يُسْتَعار لِلنَّاسِ؛ قَالَ زُهَيْرٌ فِي عبدٍ لَهُ يُدْعَى يَساراً؛ أَسَرَه قومٌ، فهَجَاهم:

وَلَوْلَا عَسْبُه لرَدَدْتُموه، ... وشَرُّ مَنِيحةٍ أَيْرٌ مُعارُ «٢»

وَقِيلَ: العَسْبُ مَاءُ الفَحْلِ، فَرَسًا كَانَ، أَو بَعِيرًا، وَلَا يَتَصَرَّفُ مِنْهُ فِعْلٌ. وقَطَعَ اللهُ عَسْبَه وعُسْبَه أَي ماءَه ونَسْلَه. وَيُقَالُ للوَلد: عَسْبٌ؛ قَالَ كُثَيِّرٌ يَصِفُ خَيْلًا، أَزْلَقَتْ مَا فِي بُطُونِها مِن أَولادها، مِنَ التَّعَب:

يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيِّ وناصِحٍ، ... تَخُصُّ بِهِ أُمُّ الطَّرِيقِ عِيالَها

العَسْبُ: الوَلَدُ، أَو ماءُ الفَحْل. يَعْنِي: أَن هَذِهِ الخيلَ تَرْمي بأَجِنَّتِها مِنْ هَذَيْنِ الفَحْلين، فتأْكلُها الطَّيْرُ والسباعُ. وأُمُّ الطَّرِيقِ، هُنَا: الضَّبُعُ. وأُمُّ الطَّرِيقِ أَيضاً: مُعْظَمُه. وأَعْسَبَهُ جَمَلَه: أَعارَه إِياه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. واسْتَعْسَبه إِياه: اسْتَعاره مِنْهُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

أَقْبَلَ يَردي مُغارَ ذِي الحِصانِ إِلى ... مُسْتَعْسِبٍ، أَرِبٍ مِنْهُ بتَمْهِينِ

والعَسْبُ: الكِراء الَّذِي يُؤْخَذ عَلَى ضَرْبِ الفَحْل. وعَسَبَ الرجلَ يَعْسِبُه عَسْباً: أَعطاه الكِراءَ عَلَى الضِّرابِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ عَسْبِ الفَحْل.

تَقُولُ: عَسَبَ فَحْلَه يَعْسِبُه أَي أَكراه. عَسْبُ الفَحْل: ماؤُه، فَرَسًا كَانَ أَو بَعِيرًا، أَو غَيْرَهُمَا. وعَسْبُه: ضِرابُه، وَلَمْ يَنْهَ عَن واحدٍ مِنْهُمَا، وإِنما أَراد النَّهْيَ عَنِ الْكِرَاءِ الَّذِي يُؤْخَذ عَلَيْهِ، فإِن إِعارة الْفَحْلِ مَنْدُوبٌ إِليها. وَقَدْ جاءَ فِي الْحَدِيثِ:

ومِن حَقِّها إِطْراقُ فَحْلِها.

ووَجْهُ الْحَدِيثِ: أَنه نَهَى عَنِ كِرَاءِ عَسْبِ الفَحْل، فحُذِفَ المضافُ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ. وَقِيلَ: يُقَالُ لِكِرَاءِ الْفَحْلِ عَسْبٌ، وإِنما نَهَى عَنْهُ للجَهالة الَّتِي فِيهِ، وَلَا بُدَّ فِي الإِجارة مِنْ تَعْيينِ الْعَمَلِ، ومَعْرِفةِ مِقْدارِه. وَفِي حَدِيثِ

أَبي مُعَاذٍ: كنتُ تَيَّاساً، فَقَالَ لِي البَراءُ بنُ عَازِبٍ: لَا يَحِلُّ لَكَ عَسْبُ الفَحْل.

وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى العَسْبِ في


(١). قوله [ذكرها لبيد] أي في قوله:
تَهْدِي أَوَائِلَهُنَّ كُلُّ طِمِرَّةٍ ... جَرْدَاءُ مِثْلُ هِرَاوَةِ الأَعزاب
(٢). قوله [لرددتموه] كذا في المحكم ورواه في التهذيب لتركتموه.

<<  <  ج: ص:  >  >>