للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثِ الكِراءُ. والأَصل فِيهِ الضِّرابُ، والعَرَبُ تُسَمِّي الشيءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذا كَانَ مَعَهُ أَو مِنْ سَببه، كَمَا قَالُوا للمَزادة راوِية، وإِنما الرَّاوية البعيرُ الَّذِي يُسْتَقَى عَلَيْهِ. والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُدُ الكلابَ للسِّفادِ. واسْتَعْسَبَتِ الفرسُ إِذا اسْتَوْدَقَتْ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: اسْتَعْسَبَ فلانٌ اسْتِعْسابَ الكَلْب، وَذَلِكَ إِذا مَا هَاجَ واغْتَلَم؛ وَكَلْبٌ مُسْتَعْسِبٌ. والعَسِيبُ والعَسِيبةُ: عَظْمُ الذَّنَب، وَقِيلَ: مُسْتَدَقُّهُ، وَقِيلَ: مَنْبِتُ الشَّعَرِ مِنْهُ، وَقِيلَ: عَسِيبُ الذَّنَبِ مَنْبِتُه مِنَ الجِلْدِ وَالْعَظْمِ. وعَسِيبُ القَدَم: ظاهرُها طُولًا، وعَسِيبُ الرِّيشةِ: ظاهرُها طُولًا أَيضاً، والعَسِيبُ: جَرِيدَةٌ مِنَ النَّخْلِ مُسْتَقِيمَةٌ، دَقِيقَةٌ يُكْشَطُ خُوصُها؛ أَنشد أَبو حَنِيفَةَ:

وقَلَّ لَهَا مِنِّي، عَلَى بُعْدِ دارِها، ... قَنا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِليكِ عسِيبُ

قَالَ: إِنما اسْتَهْدَتْهُ عَسِيباً، وَهُوَ القَنا، لتَتَّخِذ مِنْهُ نِيرةً وحَفَّة؛ وَالْجُمَعُ أَعْسِبَةٌ وعُسُبٌ وعُسُوبٌ، عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وعِسْبانٌ وعُسْبانٌ، وَهِيَ العَسِيبة أَيضاً. وَفِي التَّهْذِيبِ: العَسِيب جَرِيدُ النَّخْلِ، إِذا نُحِّيَ عَنْهُ خُوصه. والعَسِيبُ مِنَ السَّعَفِ: فُوَيْقَ الكَرَبِ، لَمْ يَنْبُتْ عَلَيْهِ الخوصُ؛ وَمَا نَبَت عَلَيْهِ الخُوصُ، فَهُوَ السَّعَفُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه خَرَجَ وَفِي يَدِهِ عَسِيبٌ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي جريدَةٌ من النخل، وهي السَّعَفَة، مِمَّا لَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الخُوصُ. وَمِنْهُ حَدِيثُ

قَيْلة: وَبِيَدِهِ عُسَيِّبُ نخلةٍ، مَقْشُوٌّ

؛ كَذَا يُرْوَى مُصَغَّرًا، وَجَمْعُهُ: عُسُبٌ، بِضَمَّتَيْنِ. وَمِنْهُ حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ مِنَ العُسُبِ واللِّخَافِ.

وَمِنْهُ حَدِيثُ

الزُّهْرِيِّ: قُبِضَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والقرآنُ فِي العُسُبِ والقُضُم

؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:

عَلَى مَثاني عُسُبٍ مُسَاطِ

فَسَّرَهُ، فَقَالَ: عَنَى قَوائمه. والعَسْبَةُ والعَسِبَةُ والعَسِيبُ: شَقٌّ يَكُونُ فِي الجَبل. قَالَ المُسَيَّب بْنُ عَلَسٍ، وَذَكَرَ العاسِلَ، وأَنه صَبَّ العَسلَ فِي طَرَفِ هَذَا العَسِيبِ، إِلى صَاحِبٍ لَهُ دُونَهُ، فتَقَبَّله مِنْهُ:

فهَراقَ فِي طَرَفِ العَسِيبِ إِلى ... مُتَقَبِّلٍ لنَواطِفٍ صُفْرِ

وعَسِيبٌ: اسمُ جَبَل. وَقَالَ الأَزهري: هُوَ جَبَل، بعالِيةِ نَجْدٍ، مَعْرُوفٌ. يُقَالُ: لَا أَفْعَلُ كَذَا مَا أَقَامَ عَسِيبٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

أَجارَتَنا إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ، ... وإِنِّي مُقيمٌ مَا أَقامَ عَسِيبُ

واليَعْسُوب: أَمير النَّحْلِ وذكَرُها، ثُمَّ كَثُر ذَلِكَ حَتَّى سَمَّوْا كُلَّ رَئيسٍ يَعْسُوباً. وَمِنْهُ حديثُ

الدَّجَّالِ: فتَتْبَعُه كُنُوزُها كيَعاسِيبِ النَّحْل

، جَمْعُ يَعْسُوبٍ، أَي تَظْهَر لَهُ وَتَجْتَمِعُ عِنْدَهُ، كَمَا تَجْتَمِعُ النحلُ عَلَى يَعاسِيبها. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ يَصِفُ أَبا بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: كنتَ للدِّينِ يَعْسُوباً أَوَّلًا حِينَ نَفَر الناسُ عَنْهُ.

اليَعْسُوب: السَّيِّدُ والرئيسُ والمُقَدَّمُ، وأَصله فَحْلُ النَّحْلِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه ذَكرَ فِتْنَةً فَقَالَ: إِذا كَانَ ذَلِكَ، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه، فيَجْتَمِعُونَ إِليه كَمَا يَجْتَمِعُ قَزَعُ الخَريفِ

؛ قَالَ الأَصمعي: أَراد بِقَوْلِهِ يَعْسُوبُ الدِّينِ، أَنه سَيِّدُ الناسِ فِي الدِّين يومئذٍ. وَقِيلَ: ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بِذَنَبِهِ أَي فارَقَ الفتنةَ وأَهلَها، وضرَبَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>