أَعَيْنَيَّ! لَا يَبْقَى، عَلَى الدَّهْرِ، فادِرٌ ... بِتَيْهُورةٍ تحتَ الطِّخَافِ العَصَائِب
وَقَدْ عَصَبَ الأُفُقُ يَعْصِبُ أَي احْمَرَّ. وعَصَبَةُ الرَّجلِ: بَنوه وقَرابتُه لأَبيه. والعَصَبة: الَّذِينَ يَرِثُونَ الرجلَ عَنْ كَلالة، مِنْ غَيْرِ وَالِدٍ وَلَا وَلَدَ. فأَما فِي الْفَرَائِضِ، فكلُّ مَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فريضةٌ مسماةٌ، فَهُوَ عَصَبةٌ، إِن بَقِيَ شَيْءٌ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَخَذَ. قَالَ الأَزهري: عَصَبةُ الرجلِ أَولياؤُه الذُّكُورُ مِنْ ورَثَته، سُمُّوا عَصَبةً لأَنهم عَصَبُوا بنَسبه أَي اسْتَكَفُّوا بِهِ، فالأَبُ طَرَفٌ، وَالِابْنُ طَرَفٌ، والعَمُّ جانبٌ، والأَخُ جانِبٌ، وَالْجَمْعُ العَصَباتُ. وَالْعَرَبُ تُسَمِّي قَراباتِ الرجلِ: أَطْرافَه، وَلِمَا أَحاطتْ بِهِ هَذِهِ القراباتُ، وعَصَبَت بنَسبه، سُموا عَصَبةً. وَكُلُّ شَيْءٍ اسْتَدارَ بِشَيْءٍ، فَقَدْ عَصَبَ بِهِ. والعمائمُ يُقَالُ لَهَا: العَصائب، واحدتُها عِصابة، مِنْ هَذَا قَالَ: وَلَمْ أَسمع للعَصَبة بواحدٍ، وَالْقِيَاسُ أَن يَكُونَ عاصِباً، مِثْلَ طالِبٍ وطَلَبةٍ، وَظَالِمٍ وظَلَمة. وَيُقَالُ: عَصِبَ [عَصَبَ] القومُ «١» بِفُلَانٍ أَي اسْتَكَفُّوا حَولَه. وعَصِبَتِ [عَصَبَتِ] الإِبلُ بعَطَنِها إِذا اسْتَكَفَّتْ بِهِ، قَالَ أَبو النَّجْمِ:
إِذ عَصَبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ
يَعْنِي المُدَقَّق ترابُه. والعُصْبةُ والعِصابةُ: جماعةُ مَا بَيْنَ العَشَرة إِلى الأَربعين. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَنَحْنُ عُصْبَةٌ*
. قَالَ الأَخفش: والعُصْبة والعِصَابة جَمَاعَةٌ لَيْسَ لَهَا وَاحِدٌ. قَالَ الأَزهري: وَذَكَرَ ابْنُ المُظَفَّر فِي كِتَابِهِ حَدِيثًا:
أَنه يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ رَجُلٌ، يُقال لَهُ أَمير العُصَب
، قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ جَمْعُ عُصْبةٍ. قَالَ الأَزهري: وَجَدْتُ تَصْديقَ هَذَا الْحَدِيثِ، فِي حَدِيثٍ مَروِيٍ عَنْ عُقْبة بْنِ أَوْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عَمْرٍو بْنِ الْعَاصِ، أَنه قَالَ: وجدتُ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ، يَوْمَ اليَرْمُوكِ: أَبو بَكْرٍ الصديقُ أَصَبْتُم اسْمَه، عُمَرُ الفاروقُ قَرْناً مِنْ حديدٍ أَصَبْتُم اسْمَه، عثمانُ ذُو النُّورَيْنِ كِفْلَيْنِ مِنَ الرَّحْمَةِ، لأَنه يُقْتلُ مَظْلُوماً أَصَبْتُم اسْمَه. قَالَ: ثُمَّ يَكُونُ مَلِكُ الأَرض المُقَدَّسةِ وابنُه. قَالَ عُقْبة: قلتُ لِعَبْدِ اللَّه: سَمِّهما. قَالَ: معاويةُ وابنُه، ثُمَّ يَكُونَ سَفَّاحٌ، ثُمَّ يَكُونُ مَنْصور، ثُمَّ يَكُونُ جابرٌ، ثُمَّ مَهْديّ، ثُمَّ يَكُونُ الأَمينُ، ثُمَّ يكونُ سِينٌ وَلَامٌ، يَعْنِي صَلاحاً وعاقِبةً، ثُمَّ يَكُونُ أُمَراءُ العُصَب: سِتَّةٌ مِنْهُمْ مِنْ وَلَد كَعْبِ بْنِ لُؤَيّ، ورجلٌ مِنْ قَحْطانَ، كُلُّهُمْ صالِحٌ لَا يُرَى مِثْلُه. قَالَ أَيوب: فَكَانَ ابنُ سِيرِينَ إِذا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: يَكُونُ عَلَى النَّاسِ مُلُوكٌ بأَعمالهم. قَالَ الأَزهري: هَذَا حَدِيثٌ عجيبٌ، وإِسنادُه صَحِيحٌ، واللَّه عَلَّامُ الغُيُوب. وَفِي حَدِيثِ الْفِتَنِ، قَالَ:
فإِذا رَأَى الناسُ ذَلِكَ، أَتته أَبدالُ الشامِ، وعصَائبُ العِرَاق فيَتَّبِعُونه.
العَصائبُ: جَمْعُ عِصَابة، وَهِيَ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ إِلى الأَربعين. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ: الأَبْدالُ بِالشَّامِ، والنُّجَباءُ بمِصْرَ، والعَصائبُ بالعِراق.
أَراد أَن التَّجَمُّعَ للحُروب، يَكُونُ بالعِراقِ. وَقِيلَ: أَراد جَمَاعَةً مِنَ الزُّهَّادِ، سَمَّاهم بالعَصائب، لأَنه قَرَنَهم بالأَبدال والنُّجَباءِ. وكلُّ جماعةِ رجالٍ وخيلٍ بفُرْسانِها، أَو جماعةِ طَيْرٍ أَو غَيْرِهَا: عُصْبة وعِصابَةٌ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
عِصابةُ طَيْرٍ تَهْتَدي بعَصَائِبِ
(١). قوله [ويقال عصب القوم إلخ] بابه كالذي بعده سمع وضرب وباب ما قبله ضرب كما في القاموس وغيره.