للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واعْتَصَبُوا: صَارُوا عُصْبَةً، قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

هَبَطْنَ بَطْنَ رهاطٍ واعْتَصَبْنَ، كَمَا ... يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ

والتَّعَصُّبُ: مِنَ العَصَبِيَّة. والعَصَبِيَّةُ: أَن يَدْعُوَ الرجلَ إِلى نُصْرةِ عَصَبَتِه، والتَّأَلُّبِ مَعَهُمْ، عَلَى مَنْ يُناوِيهم، ظَالِمِينَ كانوا أَو مَظْلُومِينَ. وَقَدْ تَعَصَّبُوا عَلَيْهِمْ إِذا تَجَمَّعُوا، فإِذا تَجَمَّعُوا عَلَى فَرِيقٍ آخَرَ، قِيلَ: تَعَصَّبُوا. وَفِي الْحَدِيثِ:

العَصَبِيُّ مَنْ يُعِين قومَه عَلَى الظُّلْم.

العَصَبِيُّ هُوَ الَّذِي يَغْضَبُ لعَصَبتِه، ويُحامي عَنْهُمْ. والعَصَبةُ: الأَقاربُ مِنْ جِهَةِ الأَب، لأَنهم يُعَصِّبونه، ويَعْتَصبُ بِهِمْ أَي يُحِيطُون بِهِ، ويَشْتَدُّ بِهِمْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

لَيْسَ مِنَّا مَنْ دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ أَو قاتَلَ عَصَبِيَّةً.

العَصَبِيَّةُ والتَّعَصُّبُ: المُحاماةُ والمُدافعةُ. وتَعَصَّبْنا لَهُ وَمَعَهُ: نَصَرناه. وعَصَبةُ الرَّجُل: قومُه الَّذِينَ يَتَعَصَّبونَ لَهُ، كأَنه عَلَى حَذْفِ الزائدِ. وعَصَبُ الْقَوْمِ: خِيارُهم. وعَصَبُوا بِهِ: اجْتَمَعُوا حَوْلَه، قَالَ سَاعِدَةُ:

ولكنْ رأَيتُ القومَ قَدْ عَصَبوا بِهِ، ... فَلَا شَكَّ أَنْ قَدْ كَانَ ثَمَّ لَحِيمُ

واعْصَوصَبُوا: اسْتَجمعوا، فإِذا تَجَمَّعُوا عَلَى فريقٍ آخرَ، قِيلَ: تَعَصَّبُوا. واعْصَوصَبُوا: اسْتَجْمَعُوا وَصَارُوا عِصابةً وعَصائِبَ. وَكَذَلِكَ إِذا جَدُّوا فِي السَّيْر. واعْصَوصَبَتِ الإِبلُ وأَعْصَبَتْ: جَدَّتْ فِي السَّيْر. واعْصَوْصَبَتْ وعَصَبَتْ وعَصِبَتْ: اجتمعتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ فِي مَسِيرٍ، فَرَفَعَ صَوْتَه، فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَه، اعْصَوْصَبُوا

أَي اجْتَمَعُوا، وَصَارُوا عِصابةً واحِدةً، وجَدُّوا في السَّيْر. واعْصَوْصَبَ السَّيْر: اشْتَدَّ كأَنه مِنَ الأَمْرِ العَصِيبِ، وَهُوَ الشديدُ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الَّذِي سَوَّدَه قَوْمُه: قَدْ عَصَّبُوه، فَهُوَ مُعَصَّبٌ وَقَدْ تَعَصَّبَ، وَمِنْهُ قَوْلُ المُخَبَّلِ فِي الزِّبْرِقانِ:

رَأَيْتُك هَرَّيْتَ العِمامةَ، بعدَ ما ... أَراكَ، زَماناً، حاسِراً لَمْ تَعَصَّبِ

وَهُوَ مأْخوذٌ مِنِ العِصابة، وَهِيَ الْعِمَامَةُ. وَكَانَتِ التِّيجانُ لِلْمُلُوكِ، والعمائمُ الحُمْرُ لِلسَّادَةِ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ الأَزهري: وَكَانَ يُحْمل إِلى الْبَادِيَةِ مِنْ هَراةَ عَمَائِمُ حُمْرٌ يَلْبَسُها أَشرافُهم. وَرَجُلٌ مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّدٌ، قال عمرو ابن كُلْثُومٍ:

وسَيَّدِ مَعْشَرٍ قَدْ عَصَّبُوه ... بتاجِ المُلْكِ، يَحْمي المُحْجَرينا

فَجَعَلَ المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً، لأَنَّ التَّاجَ أَحاطَ برأْسه كالعِصابة الَّتِي عَصَبَتْ برأْسِ لَابِسِهَا. وَيُقَالُ: اعتَصَبَ التاجُ عَلَى رأْسه إِذا اسْتَكَفَّ بِهِ، ومِنه قَوْلُ قَيْس الرُّقَيَّاتِ:

يَعْتَصِبُ التَّاجُ، فَوْقَ مَفْرِقه، ... على جَبينٍ كأَنه الذَّهَبُ

وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه شَكا إِلى سَعْدِ بنِ عُبادة، عَبْدَ اللَّه بنَ أُبَيٍّ، فَقَالَ: اعْفُ عَنْهُ، يَا رَسُولَ اللَّه، فَقَدْ كَانَ اصْطَلَحَ أَهلُ هَذِهِ البُحَيرة، عَلَى أَن يُعَصِّبُوه بالعِصابة، فَلَمَّا جاءَ اللَّهُ بالإِسلام شَرِقَ لِذَلِكَ.

يُعَصِّبُوه أَي يُسَوِّدُوه ويُمَلِّكوه، وَكَانُوا يُسَمُّونَ السيدَ المُطاعَ: مُعَصَّباً، لأَنه يُعَصَّبُ بِالتَّاجِ، أَو تُعَصَّبُ بِهِ أُمورُ النَّاسِ أَي تُرَدُّ إِليه، وتُدارُ بِهِ. وَالْعَمَائِمُ تِيجانُ الْعَرَبِ، وَتُسَمَّى العصائبَ، واحِدتها عِصابَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>