كُنْ حَكِيماً كَفَتَاةِ الْحَيِّ أَي إِذا قُلْتَ فأَصِبْ كَمَا أَصابت هَذِهِ المرأَة، إِذ نظَرَتْ إِلى الحمامِ فأَحْصَتْها ولم تُخْطِئ عَدَدَهَا؛ قَالَ: ويَدُلُّكَ عَلَى أَن مَعْنَى احْكُمْ كُنْ حَكِيماً قولُ النَّمر بْنِ تَوْلَب:
إِذا أَنتَ حاوَلْتَ أَن تَحْكُما
يُرِيدُ إِذا أَردت أَن تَكُونَ حَكِيماً فَكُنْ كَذَا، وَلَيْسَ مِنَ الحُكْمِ فِي الْقَضَاءِ فِي شَيْءٍ. والحاكِم: مُنَفّذُ الحُكْمِ، وَالْجَمْعُ حُكّامٌ، وَهُوَ الحَكَمُ. وحاكَمَهُ إِلى الحَكَمِ: دَعَاهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
وبكَ حاكَمْتُ
أَي رَفَعْتُ الحُكمَ إِليك وَلَا حُكْمَ إِلا لَكَ، وَقِيلَ: بكَ خاصمْتُ فِي طَلَبِ الحُكْمِ وإِبطالِ مَنْ نازَعَني فِي الدِّين، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الحُكْمِ. وحَكَّمُوهُ بَيْنَهُمْ: أَمروه أَن يَحكمَ. وَيُقَالُ: حَكَّمْنا فُلَانًا فِيمَا بَيْنَنَا أَي أَجَزْنا حُكْمَهُ بَيْنَنَا. وحَكَّمَهُ فِي الأَمر فاحْتَكَمَ: جَازَ فِيهِ حُكْمُه، جَاءَ فِيهِ الْمُطَاوِعُ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ وَالْقِيَاسُ فَتَحَكَّمَ، وَالِاسْمُ الأُحْكُومَةُ والحُكُومَةُ؛ قَالَ:
ولَمِثْلُ الَّذِي جَمَعْتَ لرَيْبِ الدَّهْرِ ... يَأْبى حُكومةَ المُقْتالِ
يَعْنِي لَا يَنْفُذُ حُكومةُ مَنْ يَحْتَكِمُ عَلَيْكَ مِنَ الأَعداء، وَمَعْنَاهُ يأْبى حُكومةَ المُحْتَكِم عَلَيْكَ، وَهُوَ المُقْتال، فَجَعَلَ المُحْتَكِمَ المُقْتالَ، وَهُوَ المُفْتَعِلُ مِنَ الْقَوْلِ حَاجَةً مِنْهُ إِلى الْقَافِيَةِ، وَيُقَالُ: هُوَ كَلَامٌ مستعمَلٌ، يُقَالُ: اقْتَلْ عليَّ أَي احْتَكِمْ، وَيُقَالُ: حَكَّمْتُه فِي مَالِي إِذا جعلتَ إِليه الحُكْمَ فِيهِ فاحْتَكَمَ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ. واحْتَكَمَ فلانٌ فِي مَالِ فُلَانٍ إِذا جَازَ فِيهِ حُكْمُهُ. والمُحاكَمَةُ: الْمُخَاصَمَةُ إِلى الحاكِمِ. واحْتَكَمُوا إِلى الحاكِمِ وتَحاكَمُوا بِمَعْنًى. وَقَوْلُهُمْ فِي الْمَثَلِ: فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الحَكَمُ؛ الحَكَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْحَاكِمُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
أَقادَتْ بَنُو مَرْوانَ قَيْساً دِماءَنا، ... وَفِي اللَّهِ، إِن لَمْ يَحْكُمُوا، حَكَمٌ عَدْلُ
والحَكَمَةُ: الْقُضَاةُ. والحَكَمَةُ: الْمُسْتَهْزِئُونَ. وَيُقَالُ: حَكَّمْتُ فُلَانًا أَي أَطلقت يَدَهُ فِيمَا شَاءَ. وحاكَمْنا فُلَانًا إِلى اللَّهِ أَي دَعَوْنَاهُ إِلى حُكْمِ اللَّهِ. والمُحَكَّمُ: الشَّارِي. والمُحَكَّمُ: الَّذِي يُحَكَّمُ فِي نَفْسِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والخَوارِج يُسَمَّوْنَ المُحَكِّمَةَ لإِنكارهم أَمر الحَكَمَيْن وقولِهِمْ: لَا حُكْم إِلا لِلَّهِ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وتحْكِيمُ الحَرُوريَّةِ قَوْلُهُمْ لَا حُكْمَ إِلا لِلَّهِ وَلَا حَكَمَ إِلا اللهُ، وكأَن هَذَا عَلَى السَّلْبِ لأَنهم يَنْفُونَ الحُكْمَ؛ قَالَ:
فكأَني، وَمَا أُزَيِّنُ مِنْهَا، ... قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما «٣»
. وَقِيلَ: إِنما بدءُ ذَلِكَ فِي أَمر عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، ومعاوِيةَ. والحَكَمان: أَبو مُوسَى الأَشعريُّ وعمرو بْنُ الْعَاصِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
إِن الْجَنَّةَ للمُحَكّمين
، وَيُرْوَى بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا، فَالْفَتْحُ هُمُ الَّذِينَ يَقَعُون فِي يَدِ الْعَدُوِّ فيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الشِّرْك وَالْقَتْلِ فَيَخْتَارُونَ الْقَتْلَ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُمْ قَوْمٌ مِنْ أَصحاب الأُخْدودِ فُعِل بِهِمْ ذَلِكَ، حُكِّمُوا وخُيِّروا بَيْنَ الْقَتْلِ وَالْكُفْرِ، فَاخْتَارُوا الثَّبات عَلَى الإِسلام مَعَ الْقَتْلِ، قَالَ: وأَما الْكَسْرُ فَهُوَ المُنْصِفُ مِنْ نَفْسِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: والأَول الْوَجْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ
كَعْبٍ:
(٣). قوله [وما أزين] كذا في الأَصل، والذي في المحكم: مما أزين