للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِن فِي الْجَنَّةِ دَارًا، وَوَصْفَهَا ثُمَّ قَالَ: لَا يَنْزِلُها إِلا نَبِيٌّ أَو صِدِّيق أَو شَهيد أَو مُحَكَّمٌ فِي نَفْسِهِ.

ومُحَكَّم اليَمامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ يَوْمَ مُسَيْلِمَةَ. والمُحَكَّمُ، بِفَتْحِ الْكَافِ «١»، الَّذِي فِي شِعْرِ طَرَفَةَ إِذ يَقُولُ:

لَيْتَ المُحَكَّمَ والمَوْعُوظَ صوتَكُما ... تحتَ التُّرابِ، إِذا مَا الباطِلُ انْكشفا «٢»

. هُوَ الشَّيْخُ المُجَرّبُ الْمَنْسُوبُ إِلى الحِكْمة. والحِكْمَةُ: الْعَدْلُ. وَرَجُلٌ حَكِيمٌ: عَدَلٌ حَكِيمٌ. وأَحْكَمَ الأَمر: أَتقنه، وأَحْكَمَتْه التجاربُ عَلَى المَثَل، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ. وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ حَكِيمًا: قَدْ أَحْكَمَتْه التجارِبُ. وَالْحَكِيمُ: الْمُتْقِنُ للأُمور، وَاسْتَعْمَلَ ثَعْلَبٌ هَذَا فِي فَرْجِ المرأَة فَقَالَ: المكَثَّفَة مِنَ النِّسَاءِ الْمُحْكَمَةُ الْفَرْجِ، وَهَذَا طَرِيفٌ جِدًّا. الأَزهري: وحَكَمَ الرجلُ يَحْكُمُ حُكْماً إِذا بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي مَعْنَاهُ مَدْحًا لَازِمًا؛ وَقَالَ مُرَقَّشٌ:

يأْتي الشَّبابُ الأَقْوَرينَ، وَلَا ... تَغْبِطْ أَخاك أَن يُقالَ حَكَمْ

أَي بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي مَعْنَاهُ. أَبو عَدْنَانَ: اسْتَحْكَمَ الرجلُ إِذا تَنَاهَى عَمَّا يَضُرُّهُ فِي دِينه أَو دُنْياه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

لمُسْتَحْكِمٌ جَزْل المُرُوءَةِ مؤمِنٌ ... مِنَ الْقَوْمِ، لَا يَهْوى الْكَلَامَ اللَّواغِيا

وأَحْكَمْتُ الشَّيْءَ فاسْتَحْكَمَ: صَارَ مُحْكَماً. واحْتَكَمَ الأَمرُ واسْتَحْكَمَ: وثُقَ. الأَزهري: وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ

؛ فإِن التَّفْسِيرَ جَاءَ: أُحْكِمَتْ آياتُهُ

بالأَمر وَالنَّهِيِ والحلالِ والحرامِ ثُمَّ فُصِّلَتْ بِالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، قَالَ: وَالْمَعْنَى، وَاللَّهُ أَعلم، أَن آيَاتِهِ أُحْكِمَتْ وفُصِّلَتْ بِجَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ إِليه مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَثْبِيتِ نُبُوَّةِ الأَنبياء وَشَرَائِعِ الإِسلام، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَا فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ

؛ إِنه فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعَلٍ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ

؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا إِن شَاءَ اللَّهُ كَمَا قِيل، والقرآنُ يُوَضِّحُ بعضُه بَعْضًا، قَالَ: وإِنما جَوَّزْنَا ذَلِكَ وَصَوَّبْنَاهُ لأَن حَكَمْت يَكُونُ بِمَعْنَى أَحْكَمْتُ فَرُدَّ إِلى الأَصل، وَاللَّهُ أَعلم. وحَكَمَ الشَّيْءَ وأَحْكَمَهُ، كِلَاهُمَا: مَنَعَهُ مِنَ الْفَسَادِ. قَالَ الأَزهري: وَرُوِّينَا

عَنْ إِبراهيم النَّخَعِيُّ أَنه قَالَ: حَكِّم اليَتيم كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ

أَي امْنَعْهُ مِنَ الْفَسَادِ وأَصلحه كَمَا تُصْلِحُ وَلَدَكَ وَكَمَا تَمْنَعُهُ مِنَ الْفَسَادِ، قَالَ: وَكُلُّ مَنْ مَنَعْتَهُ مِنْ شَيْءٍ فَقَدْ حَكَّمْتَه وأحْكَمْتَهُ، قَالَ: وَنَرَى أَن حَكَمَة الدَّابَّةِ سُمِّيَتْ بِهَذَا الْمَعْنَى لأَنها تَمْنَعُ الدَّابَّةَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الجَهْل. وَرَوَى

شمرٌ عَنْ أَبي سَعِيدٍ الضَّرِيرِ أَنه قَالَ فِي قَوْلِ النَّخَعِيِّ: حَكِّمِ اليَتيم كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ

؛ مَعْنَاهُ حَكِّمْهُ فِي مَالِهِ ومِلْكِه إِذا صَلَحَ كَمَا تُحكِّمُ وَلَدَكَ فِي مِلْكِه، وَلَا يَكُونُ حَكَّمَ بِمَعْنَى أَحْكَمَ لأَنهما ضدان؛


(١). قوله [والمحكم بفتح الكاف إلخ] كذا في صحاح الجوهري، وغلطه صاحب القاموس وصوب أَنه بكسر الكاف كمحدث، قال ابن الطيب محشيه: وجوز جماعة الوجهين وقالوا هو كالمجرب فإِنه بالكسر الذي جرب الأمور، وبالفتح الذي جربته الحوادث، وكذلك المحكم بالكسر حكم الحوادث وجربها وبالفتح حكمته وجربته، فلا غلط
(٢). قوله [ليت المحكم إلخ] في التكملة ما نصه: يقول ليت أَني والذي يأمرني بالحكمة يوم يكشف عني الباطل وأَدع الصبا تحت التراب، ونصب صوتكما لأَنه أَراد عاذليّ كفّا صوتكما

<<  <  ج: ص:  >  >>