للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَجْهِهِ، مُسْتَعَارٌ مِنْ مَوْضِعِ حَكَمَةِ اللِّجَامِ، ورَفْعُها كِنَايَةٌ عَنِ الإِعزاز لأَن مِنْ صِفَةِ الذَّليل تنكيسَ رأْسه. وحَكَمة الضَّائِنَةِ: ذَقَنُها. الأَزهري: وَفِي الْحَدِيثِ:

فِي أَرْش الجِراحات الحُكومَةُ

؛ وَمَعْنَى الحُكومة فِي أَرش الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ: أَن يُجْرَحَ الإِنسانُ فِي موضع في بَدَنه يُبْقِي شَيْنَهُ وَلَا يُبْطِلُ العُضْوَ، فيَقْتاس الْحَاكِمُ أَرْشَهُ بِأَنْ يَقُولَ: هَذَا المَجْروح لَوْ كَانَ عَبْدًا غَيْرَ مَشينٍ هَذَا الشَّيْنَ بِهَذِهِ الجِراحة كَانَتْ قيمتُه أَلفَ دِرْهمٍ، وَهُوَ مَعَ هَذَا الشِّينِ قيمتُه تِسْعُمائة دِرْهَمٍ فَقَدْ نَقَصَهُ الشَّيْنُ عُشْرَ قِيمَتِهِ، فَيَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ عُشْرُ دِيَتِه فِي الحُرِّ لأَن الْمَجْرُوحَ حُرٌّ، وَهَذَا وَمَا أَشبهه بِمَعْنَى الْحُكُومَةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْفُقَهَاءُ فِي أَرش الْجِرَاحَاتِ، فاعْلَمْه. وَقَدْ سَمَّوْا حَكَماً وحُكَيْماً وحَكِيماً وحَكّاماً وحُكْمان. وحَكَمٌ: أَبو حَيّ مِنَ الْيَمَنِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

شَفاعَتي لأَهل الْكَبَائِرِ مِنْ أُمتي حَتَّى حَكَم وحاءَ

؛ وَهُمَا قَبِيلَتَانِ جافِيتان مِنْ وَرَاءِ رَمْلِ يَبرين.

حلم: الحُلْمُ والحُلُم: الرُّؤْيا، وَالْجَمْعُ أَحْلام. يُقَالُ: حَلَمَ يَحْلُمُ إِذا رأَى فِي المَنام. ابْنُ سِيدَهْ: حَلَمَ فِي نَوْمِهِ يَحْلُمُ حُلُماً واحْتَلَم وانْحَلَمَ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:

أَحَقٌّ مَا رأَيتَ أَمِ احْتِلامُ؟

وَيُرْوَى أَم انْحِلامُ. وتَحَلَّمَ الحُلْمَ: اسْتَعْمَلَهُ. وحَلَمَ بِهِ وحَلَمَ عَنْهُ وتَحَلَّم عَنْهُ: رأَى لَهُ رُؤْيا أَو رَآهُ فِي النَّوْمِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ تَحَلَّم مَا لَمْ يَحْلُمْ كُلِّفَ أَنْ يَعقِدَ بَيْنَ شَعيرتين

، أَي قَالَ إِنه رأَى فِي النَّوْمِ مَا لَمْ يَرَهُ. وتَكَلَّفَ حُلُماً: لَمْ يَرَه. يُقَالُ: حَلَم، بِالْفَتْحِ، إِذا رأَى، وتَحَلَّم إِذا ادَّعَى الرؤْيا كَاذِبًا، قَالَ: فإِن قِيلَ كَذِبُ الكاذِبِ فِي منامِه لَا يَزِيدُ عَلَى كَذبه فِي يَقَظَتِه، فلِمَ زادَتْ عُقوبته وَوَعِيدُهُ وتَكليفه عَقْدَ الشَّعِيرَتَيْنِ؟ قِيلَ: قَدْ صَحَّ الخَبَرُ أَن الرُّؤْيَا الصَّادِقَةَ جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّة، والنبوةُ لَا تَكُونُ إِلَّا وَحْياً، وَالْكَاذِبُ فِي رُؤْيَاهُ يَدَّعِي أَن اللَّهَ تَعَالَى أَراه مَا لَمْ يُرِهِ، وأَعطاه جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ ولم يعطه إِياه، والكذِبُ عَلَى اللَّهِ أَعظم فِرْيَةً مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى الْخَلْقِ أَو عَلَى نَفْسِهِ. والحُلْمُ: الِاحْتِلَامُ أَيضاً، يُجْمَعُ عَلَى الأَحْلامِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ والحُلْمُ مِنَ الشَّيْطَانِ

، وَالرُّؤْيَا والحُلْمُ عِبَارَةٌ عَمَّا يَرَاهُ النَّائِمُ فِي نَوْمِهِ مِنَ الأَشياء، وَلَكِنْ غَلَبت الرُّؤْيَا عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّيْءِ الْحَسَنِ، وَغَلَبَ الحُلْمُ عَلَى مَا يَرَاهُ مِنَ الشَّرِّ وَالْقَبِيحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: أَضْغاثُ أَحْلامٍ*

، ويُستعمل كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ، وتُضَم لامُ الحُلُمِ وَتُسَكَّنُ. الْجَوْهَرِيُّ: الحُلُمُ، بِالضَّمِّ، مَا يَرَاهُ النَّائِمُ. وَتَقُولُ: حَلَمْتُ بِكَذَا وحَلَمْتُه أَيضاً؛ قَالَ:

فَحَلَمْتُها وبنُو رُفَيْدَةَ دُونَهَا، ... لَا يَبْعَدَنَّ خَيالُها المَحْلُومُ «١»

. وَيُقَالُ: قَدْ حَلَم الرجلُ بالمرأَة إِذا حَلَم فِي نَوْمِهِ أَنه يُبَاشِرُهَا، قَالَ: وَهَذَا الْبَيْتُ شَاهِدٌ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ خالوَيْه: أَحْلامُ نائمٍ ثِيابٌ غِلاظٌ «٢». والحُلْم والاحْتِلامُ: الجِماع وَنَحْوُهُ فِي النَّوْمِ، وَالِاسْمُ الحُلُم. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ؛ والفِعْل


(١). إِن هذا البيت للأَخطل
(٢). قوله [أَحْلَامُ نَائِمٍ ثِيَابٌ غِلَاظٌ] عبارة الأَساس: وهذه أحلام نائم للأَماني الكاذبة. ولأَهل المدينة ثياب غلاظ مخططة تسمى أحلام نائم، قال:
تبدلت بعد الخيزران جريدة ... وبعد ثياب الخز أحلام نائم
يقول: كبرت فاستبدلت بقدّ في لين الخيزران قدّاً في يبس الجريدة وبجلد في لين الخز جلداً في خشونة هذه الثياب

<<  <  ج: ص:  >  >>