كالفِعْل. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمر مُعاذاً أَن يأْخذ مِنْ كُلِّ حالِمٍ دِينَارًا
يَعْنِي الْجِزْيَةَ؛ قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: أَراد بالحالِمِ كلَّ مَنْ بَلَغَ الحُلُمَ وَجَرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الرِّجَالِ، احتَلَمَ أَو لَمْ يَحْتَلِم. وَفِي الْحَدِيثِ:
الغُسْلُ يومَ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حالِمٍ إِنما هُوَ عَلَى مَنْ بَلَغَ الحُلُم
أَي بَلَغَ أَن يَحْتَلم أَو احْتَلَم قَبْلَ ذَلِكَ، وَفِي رِوَايَةٍ: مُحْتَلِمٍ أَي بَالِغٍ مُدْرِك. والحِلْمُ، بِالْكَسْرِ: الأَناةُ وَالْعَقْلُ، وَجَمْعُهُ أَحْلام وحُلُومٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا؛ قَالَ جَرِيرٌ:
هَلْ مِنْ حُلُومٍ لأَقوامٍ، فَتُنْذِرَهُم ... مَا جَرَّبَ الناسُ مِنْ عَضِّي وتَضْرِيسي؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَحد مَا جُمِعَ مِنَ الْمَصَادِرِ. وأَحْلامُ الْقَوْمِ: حُلَماؤهم، وَرَجُلٌ حَلِيمٌ مِنْ قَوْمٍ أَحْلامٍ وحُلَماء، وحَلُمَ، بِالضَّمِّ، يحْلُم حِلْماً: صَارَ حَليماً، وحلُم عَنْهُ وتَحَلَّم سَوَاءً. وتَحَلَّم: تَكَلَّفَ الحِلْمَ؛ قَالَ:
تَحَلَّمْ عَنِ الأَدْنَيْنَ واسْتَبْقِ وُدَّهم، ... وَلَنْ تستطيعَ الحِلْمَ حَتَّى تَحَلَّما
وتَحالَم: أَرَى مِنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ وَلَيْسَ بِهِ. والحِلْم: نقيضُ السَّفَه؛ وشاهدُ حَلُمَ الرجُلُ، بِالضَّمِّ، قولُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْس الرُّقَيَّات:
مُجَرَّبُ الحَزْمِ فِي الأُمورِ، وإِن ... خَفَّتْ حُلُومٌ بأَهلِها حَلُمَا
وحَلَّمه تَحليماً: جَعَلَهُ حَلِيماً؛ قَالَ المُخَبَّل السَّعْدِيُّ:
ورَدُّوا صُدورَ الخَيْل حَتَّى تَنَهْنَهَتْ ... إِلى ذِي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلِّمِ
أَي أَطاعوا الَّذِي يأْمرهم بالحِلْمِ، وقيل «١»: حَلَّمه أَمره بالحِلْمِ. وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ: لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولوا الأَحْلام والنُّهَى
أَي ذَوُو الأَلباب وَالْعُقُولِ، وَاحِدُهَا حِلْمٌ، بِالْكَسْرِ، وكأَنه مِنَ الحِلْم الأَناة والتثبُّت فِي الأُمور، وَذَلِكَ مِنْ شِعار الْعُقَلَاءِ. وأَحْلَمَت المرأَةُ إِذا وَلَدَتِ الحُلَماء. والحَلِيمُ فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: مَعْنَاهُ الصَّبور، وَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنه الَّذِي لَا يسْتَخِفُّهُ عِصْيان العُصاة وَلَا يستفِزّه الْغَضَبُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِكُلِّ شيءٍ مِقْداراً، فَهُوَ مُنْتَهٍ إِليه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ
؛ قَالَ الأَزهري: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنه كِنايةٌ عَنْ أَنهم قَالُوا إِنك لأَنتَ السَّفِيهُ الْجَاهِلُ، وَقِيلَ: إِنهم قَالُوهُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِهْزَاءِ؛ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا مِنْ أَشدّ سِباب الْعَرَبِ أَن يَقُولَ الرَّجُلُ لِصَاحِبِهِ إِذا اسْتَجْهَلَهُ يَا حَلِيمُ أَي أَنت عِنْدَ نَفْسِكَ حَلِيمٌ وَعِنْدَ النَّاسِ سَفِيهٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ؛ أَي بِزَعْمِكَ وَعِنْدَ نَفْسِكَ وأَنتَ المَهِينُ عِنْدَنَا. ابْنُ سِيدَهْ: الأَحْلامُ الأَجسام، قَالَ: لَا أَعرف وَاحِدَهَا. والحَلَمَةُ: الصَّغِيرَةُ مِنَ القِرْدانِ، وَقِيلَ: الضَّخْمُ مِنْهَا، وَقِيلَ: هُوَ آخِرُ أَسنانها، وَالْجَمْعُ الحَلَمُ وَهُوَ مِثْلُ العَلّ، وَفِي حَدِيثِ
ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ يَنْهَى أَن تُنْزَع الحَلَمَةُ عَنْ دَابَّتِهِ
؛ الحَلَمَةُ، بِالتَّحْرِيكِ: الْقُرَادَةُ الْكَبِيرَةُ. وحَلِمَ البعيرُ حَلَماً، فَهُوَ حَلِمٌ: كَثُرَ عَلَيْهِ الحَلَمُ، وبعِير حَلِمٌ: قَدْ أَفسده الحَلَمُ
(١). قوله [أَي أَطاعوا الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بالحلم وقيل إلخ] هذه عبارة المحكم، والمناسب أَن يقول: أَي أَطاعوا من يعلمهم الحلم كما في التهذيب، ثم يقول: وقيل حلمه أَمره بالحلم، وعليه فمعنى البيت أَطاعوا الَّذِي يَأْمُرُهُمْ بِالْحِلْمِ