السَّواد كَمَا سُمِّيَتْ فُرُسٌ أُخرى حُمَمة؛ قَالَتْ بَعْضُ نِسَاءِ الْعَرَبِ تَمْدَحُ فَرَسَ أَبيها: فَرَسُ أَبي حُمَمةُ وَمَا حُمَمةُ. والحُمَّةُ دُونَ الحُوَّةِ، وَشَفَةٌ حَمَّاء، وَكَذَلِكَ لِثَةٌ حَمَّاءُ. وَنَبْتٌ يَحْمومٌ: أَخضرُ رَيَّانُ أَسودُ. وحَمَّمَتِ الأَرضُ: بَدَا نباتُها أَخضرَ إِلى السَّوَادِ. وحَمَّمَ الفرخُ: طلَع ريشُه، وَقِيلَ: نَبْتٌ زَغَبُهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ لَجَإٍ:
فَهُوَ يَزُكُّ دائمَ التَّزَعُّمِ، ... مِثْلَ زَكيكِ الناهِضِ المُحمِّمِ
وحَمَّم رأْسُه إِذا اسْوَدَّ بَعْدَ الحَلْق؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَمَّمَ الرأْسُ نَبَتَ شَعَرُه بَعْدَ مَا حُلِق؛ وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنه كَانَ إِذا حَمَّمَ رأْسُه بِمَكَّةَ خَرَجَ وَاعْتَمَرَ
، أَي اسْوَدَّ بَعْدَ الحلْق بِنَبَاتِ شَعْرِهِ، وَالْمَعْنَى أَنه كَانَ لَا يُؤَخِّرُ الْعُمْرَةَ إِلى المُحَرَّمِ، وإِنما كَانَ يَخْرُجُ إِلى الْمِيقَاتِ وَيَعْتَمِرُ فِي ذِي الحِجَّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
ابْنِ زِمْلٍ: كأَنما حُمِّمَ شَعْرُهُ بِالْمَاءِ
أَي سُوِّدَ، لأَن الشَّعْرَ إِذا شَعِثَ اغْبَرَّ، وإِذا غُسِل بِالْمَاءِ ظَهَرَ سَوَادُهُ، وَيُرْوَى بِالْجِيمِ أَي جُعل جُمَّةً. وحَمَّمَ الغلامُ: بَدَتْ لِحْيَتُهُ. وحَمَّمَ المرأَةَ: متَّعها بِشَيْءٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ؛ قَالَ:
أَنتَ الَّذِي وَهَبْتَ زَيداً، بَعْدَ مَا ... هَمَمْتُ بِالْعَجُوزِ أَن تُحَمَّما
هَذَا رَجُلٌ وُلِدَ لَهُ ابنٌ فَسَمَّاهُ زَيْدًا بَعْدَ مَا كَانَ هَمّ بِتَطْلِيقِ أُمِّه؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
وحَمَّمْتُها قَبْلَ الْفِرَاقِ بِطعنةٍ ... حِفاظاً، وأَصحابُ الحِفاظِ قَلِيلُ
وَرَوَى
شَمِرٌ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: كَانَ مَسْلمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَرَبِيًّا، وَكَانَ يَقُولُ فِي خُطبته: إِن أَقلَّ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا هَمّاً أَقلُّهم حَمّاً
أَي مَالًا وَمَتَاعًا، وَهُوَ مِنَ التَّحْميمِ المُتْعَةِ؛ وَقَالَ الأَزهري: قَالَ سُفْيَانُ أَراد بِقَوْلِهِ أَقلُّهم حَمّاً أَي مُتْعةً، وَمِنْهُ تَحْمِيم المطلَّقة. وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنه طَلَّقَ امرأَته فمتَّعها بخادمٍ سَوْداءَ حَمَّمَها إِياها
أَي مَتَّعها بِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تسمِّي المُتْعةَ التَّحْميمَ، وعَدَّاه إِلى مَفْعُولَيْنِ لأَنه فِي مَعْنَى أَعطاها إِياها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد حَمَّمَها بِهَا فَحَذَفَ وأَوصَل. وثِيابُ التَّحِمَّة: مَا يُلْبِس المطلِّقُ المرأَةَ إِذا مَتَّعها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
فإِنْ تَلْبَسي عَنّي ثيابَ تَحِمَّةٍ، ... فَلَنْ يُفْلِحَ الْوَاشِي بِكِ المُتَنَصِّحُ
الأَزهري: الحَمامة طَائِرٌ، تَقُولُ الْعَرَبُ: حمامَةٌ ذكرٌ وَحَمَامَةٌ أُنثى، وَالْجَمْعُ الحَمام. ابْنُ سِيدَهْ: الحَمام مِنَ الطَّيْرِ البَرّيُّ الَّذِي لَا يأْلَف الْبُيُوتَ، قَالَ: وَهَذِهِ الَّتِي تَكُونُ فِي الْبُيُوتِ هِيَ اليَمام. قَالَ الأَصمعي: اليَمام ضَرْبٌ مِنَ الْحَمَامِ برِّيّ، قَالَ: وأَما الْحَمَامُ فكلُّ مَا كَانَ ذَا طَوْق مِثْلَ القُمْريّ والفاخِتة وأَشباهِها، واحِدته حَمامة، وَهِيَ تَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ كالحَيّة والنَّعامة وَنَحْوِهَا، وَالْجَمْعُ حَمائم، وَلَا يُقَالُ لِلذَّكَرِ حَمام؛ فأَما قَوْلُهُ:
حَمامَيْ قفرةٍ وَقَعا فَطَارَا
فَعَلَى أَنه عَنى قَطِيعَيْنِ أَو سِرْبين كَمَا قَالُوا جِمالان؛ وأَما قَوْلُ العَجَّاج:
ورَبِّ هَذَا البلدِ المُحَرَّمِ، ... والقاطِناتِ الْبَيْتِ غيرِ الرُّيَّمِ،
قَوَاطِنًا مكةَ مِنْ وُرْقِ الحَمي