بِهِ الانقيادَ لِحُكْمِ الْقُرْآنِ وإِلقاءَ الأَزِمَّةِ إِليهِ، ودخولُ الْبَاءِ فِي خَزائمهم مَعَ كَوْنِ أَعطى يتعدَّى إِلى مَفْعُولَيْنِ كَقَوْلِهِ أعْطى «١» بِيَدِهِ إِذا انْقَادَ ووَكَلَ أَمْرَهُ إِلى مَنْ أَطَاعَهُ وعَنَا لَهُ، قَالَ: وَفِيهَا بيانُ مَا تضَمَّنَتْ مِنْ زِيَادَةِ الْمَعْنَى عَلَى مَعْنَى الإِعطاء المُجَرَّدِ، وَقِيلَ: الْبَاءُ زَائِدَةٌ، وَقِيلَ: يَعْطوا، بِفَتْحِ الْيَاءِ، مِنْ عَطا يَعْطُو إِذا تَنَاوَلَ، وَهُوَ يَتَعَدَّى إِلى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَن يأْخذوا الْقُرْآنَ بِتَمَامِهِ وحَقّه كَمَا يُؤخَذُ البعيرُ بِخزامَتِه، قَالَ: والأَول الوَجْهُ. والمُخَزَّمُ: مِنْ نَعْتِ النَّعام، قِيلَ لَهُ مُخَزَّمٌ لثَقْب فِي مِنْقارِهِ، وَقَدْ خَزَمَهُ يَخْزِمُهُ خَزْماً وخَزَّمَه. وإِبل خَزْمَى: مُخَزَّمَةٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنها خَزْمَى وَلَمْ تُخَزَّمِ
وَذَلِكَ أَن النَّاقَةَ إِذا لقِحَتْ رَفَعَتْ ذَنَبَها ورأْسها، فكأَنَّ الإِبل إِذا فَعَلَتْ ذَلِكَ خَزْمَى أَي مشدودةُ الأُنوف بالخِزامةِ وإِن لَمْ تُخَزَّمْ. والخَزْماءُ: النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ المَنْخِرِ. ابْنُ الأَعرابي: الخَزْماءُ النَّاقَةُ الْمَشْقُوقَةُ الخِنَّابَةِ وَهِيَ المَنْخِرُ، قَالَ: والزَّخْماءُ المُنْتِنَةُ الرَّائِحَةِ، وَكُلُّ مَثْقُوبٍ مَخزُومٌ. وخَزَمْتُ الجَرادَ فِي العُود: نَظَمْتُهُ. وخَزَمْتُ الْكِتَابَ وَغَيْرَهُ إِذا ثَقَبْتَهُ، فَهُوَ مَخْزُومٌ. ابْنُ الأَعرابي: الخُزُمُ الخَرَّازونَ. وَفِي حَدِيثِ
حُذَيفة: إِن اللَّهَ يَصْنَعُ صانِعَ الخَزَمِ وَيَصْنَعُ كلَّ صَنْعَةٍ
؛ يُرِيدُ أَن اللَّهَ يَخْلُقُ الصِّناعة وصانِعها سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: فِي قَوْلِ حُذَيْفَةَ تَكذيبٌ لِقَوْلِ الْمُعْتَزِلَةِ إِن الأَعمال لَيْسَتْ بِمَخْلُوقَةٍ، وَيُصَدِّقُ قولَ حُذَيْفَةَ قولُ اللَّهِ تَعَالَى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ؛ يَعْنِي نَحْتَهُمْ للأَصنام يَعْمَلُونَهَا بأَيديهم، وَيُرِيدُ بِصَانِعِ الخَزَمِ صانِعَ مَا يُتَّخَذُ مِنَ الخَزَمِ، وَالطَّيْرُ كُلُّهَا مَخْزُومَةٌ ومُخَزَّمَةٌ لأَن وَتَراتِ أُنوفِها مَثْقُوبَةٌ، وَكَذَلِكَ النَّعامُ؛ قَالَ:
وأَرْفَعُ صَوْتِي لِلنَّعَامِ المُخَزَّمِ
وخِزامةُ النعلِ: السَّيْرُ الدَّقِيقُ الَّذِي يَخْزِمُ بَيْنَ الشِّراكَيْنِ، وشِراك مَخْزُومٌ ومَشْكوكٌ. وتَخَزَّمَ الشوكُ فِي رِجْلِهِ: شَكَّها وَدَخَلَ فِيهَا؛ قَالَ الْقَطَامِيُّ:
سَرَى فِي جَلِيدِ اللَّيْلِ، حَتَّى كأَنما ... تَخَزَّمَ بالأَطْراف شَوْكُ العَقارِبِ
وخازَمَه الطريقَ: أَخذ فِي طَرِيقٍ وأَخذ غَيْرَهُ فِي طَرِيقٍ حَتَّى الْتَقَيَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، قَالَ: وَهِيَ المُخاصَرَةُ. والمُخازَمَةُ: المعارضةُ فِي السَّيْرِ؛ قَالَ ابْنُ فَسْوَةَ:
إِذا هُوَ نَحَّاها عَنِ القَصْدِ خازَمَتْ ... بِهِ الجَوْرَ، حَتَّى يَسْتَقِيمَ ضُحَى الغَدِ
ذَكَرَ نَاقَتَهُ أَن رَاكِبَهَا إِذا جارَ بِهَا عَنِ الْقَصْدِ ذهبَتْ بِهِ خِلَافَ الجَوْر حَتَّى تَغْلِبَهُ فتأْخذ عَلَى القَصد؛ وأَما قَوْلُهُ:
قطعتُ مَا خازَمَ مِنْ مُزْوَرِّهِ
فَمَعْنَاهُ مَا عَرَضَ لِي مِنْهُ. وَرِيحٌ خازِمٌ: بَارِدَةٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ؛ وأَنشد:
تُراوِحُها إِمَّا شَمالٌ مُسِفَّةٌ، ... وإِمَّا صَباً، مِنْ آخِرِ الليْلِ، خازِمُ
(١). قوله [كقوله أعطى إلخ] أَي كدخولها في قوله أعطى إلخ وقد عبر به في النهاية