للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وكُتُبِهِ ورسُله وأَنتم كَفَرْتُمْ بِبَعْضٍ، فظهرتْ حُجَّةُ الْمُسْلِمِينَ. والخَصِيمُ: كالخَصْمِ، وَالْجَمْعُ خُصَماءُ وخُصْمانٌ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: لَا تَخَفْ خَصْمانِ

؛ أَي نَحْنُ خَصْمانِ، قَالَ: والخَصْمُ يَصْلُحُ لِلْوَاحِدِ وَالْجَمْعِ وَالذَّكَرِ والأُنثى لأَنه مَصْدَرُ خَصَمْتُهُ خَصْماً، كأَنك قُلْتَ: هُوَ ذُو خَصْم، وَقِيلَ للخَصْمَيْنِ خَصْمان لأَخذ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي شِقٍّ مِنَ الحِجاج والدَّعْوى. قال: هَؤُلَاءِ خَصْمي، وَهُوَ خَصْمِي. وَرَجُلٌ خَصِمٌ: جَدِلٌ، عَلَى النَّسَبِ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ

، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَخِصِّمُونَ

، فِيمَنْ قرأَ بِهِ، لَا يَخْلُو «١». مِنْ أَحد أَمرين: إِما أَن تَكُونَ الْخَاءُ مُسَكَّنَةً البَتَّة، فَتَكُونُ التَّاءُ مِنْ يَخْتَصِمُونَ مُخْتَلَسة الْحَرَكَةِ، وإِما أَن تَكُونَ الصَّادُ مُشَدَّدَةً، فَتَكُونُ الخاءُ مَفْتُوحَةً بِحَرَكَةِ التَّاءِ الْمَنْقُولِ إِليها، أَو مَكْسُورَةً لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الصَّادِ الأُولى. وَحَكَى ثَعْلَبٌ: خاصِمِ المَرْءَ فِي تُراثِ أَبيه أَي تَعَلَّقْ بِشَيْءٍ، فإِن أَصبتَه وإِلَّا لَمْ يَضُرَّكَ الْكَلَامُ. وخاصَمْتُ فُلَانًا فَخصَمْتُه أَخْصِمهُ، بِالْكَسْرِ، وَلَا يُقَالُ بِالضَّمِّ، وَهُوَ شَاذٌّ؛ وَمِنْهُ قرأَ حَمْزَةُ:

وَهُمْ يَخْصِمونَ

، لأَن مَا كَانَ مِنْ قَوْلِكَ فاعَلْتُه ففعَلْتُه، فإِن يَفْعِلُ مِنْهُ يُرَدُّ إِلى الضَّمِّ إِذا لَمْ يَكُنْ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْحَلْقِ مِنْ أَي بَابٍ كَانَ مِنَ الصَّحِيحِ، عالَمْتهُ فَعَلَمْتُه أَعْلُمُهُ، بِالضَّمِّ، وفاخَرْته فَفَخَرْته أَفْخَرُه، بِالْفَتْحِ، لأَجل حَرْفِ الْحَلْقِ، وأَما مَا كَانَ مِنَ الْمُعْتَلِّ مِثْلُ وَجَدْتُ وبِعتُ وَرَمَيْتُ وخَشِيتُ وسَعَيْتُ فإِن جَمِيعَ ذَلِكَ يُرَدُّ إِلى الْكَسْرِ، إِلَّا ذَوَاتَ الْوَاوِ فإِنها تُرَدُّ إِلى الضَّمِّ، تَقُولُ راضَيْتُهُ فَرَضَوْتُه أَرْضُوهُ، وخاوَفَني فخُفْتُه أَخُوفهُ، وَلَيْسَ فِي كُلِّ شَيْءٍ يَكُونُ ذَلِكَ، لَا يُقَالُ نازعْتُه فنَزعْتُه لأَنهم يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ بِغَلَبْتُهُ، وأَما مَنْ قرأَ: وَهُمْ يَخَصِّمونَ؛ يُرِيدُ يَخْتَصِمونَ، فيَقْلِبُ التَّاءَ صَادًا فَيُدْغِمُهُ وَيَنْقُلُ حَرَكَتَهُ إِلى الْخَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَنْقُلُ وَيَكْسِرُ الْخَاءَ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ، لأَن السَّاكِنَ إِذا حُرِّك حُرِّكَ إِلى الْكَسْرِ، وأَبو عَمْرٍو يَخْتَلِسُ حَرَكَةَ الْخَاءِ اخْتِلَاسًا، وأَما الْجَمْعُ بَيْنَ السَّاكِنَيْنِ فَلَحْنٌ، وَاللَّهُ أَعلم. وأَخْصَمْتُ فُلَانًا إِذا لقَّنْته حُجته عَلَى خَصْمِهِ. والخُصْمُ: الْجَانِبُ، وَالْجَمْعُ أَخْصامٌ. والخَصِمُ، بِكَسْرِ الصَّادِ: الشَّدِيدُ الخُصُومَةِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تَقُولُ خَصِمَ الرجلُ غَيْرُ مُتَّعَدٍّ، فَهُوَ خَصِمٌ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ

، وَقَدْ يُقَالُ خَصِيم؛ قَالَ: والأَظهر عِنْدِي أَنه بِمَعْنَى مُخاصِمٍ مِثْلَ جَلِيسٍ بِمَعْنَى مُجالِسٍ وعَشيِرٍ بِمَعْنَى مُعاشرٍ وخَدِينٍ بِمَعْنَى مُخادنٍ، قَالَ: وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وتعالى: لا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً

؛ أَي مُخاصِماً، قَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَن يُقْرَأَ عَلَى هَذَا خَصِماً لأَنه غَيْرُ مُتَعَدّ، لأَن الخَصِمَ الْعَالِمُ بالخُصومَةِ،


(١). قوله [يَخِصِّمُونَ فِيمَنْ قَرَأَ بِهِ لا يخلو إلخ] في زاده على البيضاوي: وفي قوله تعالى يَخِصِّمُونَ سبع قراءات، الأَولى عن حمزة
يخصمون
بسكون الخاء وتخفيف الصاد، والثانية
يختصمون
على الأَصل، والثالثة
يخصمون
بفتح الياء وكسر الخاء وتشديد الصاد أسكنت تاء يختصمون فأدغمت في الصاد فالتقى ساكنان فكسر أَولهما، والرابعة بكسر الياء إِتباعاً للخاء، والخامسة
يخصمون
بفتح الياء والخاء وتشديد الصاد المكسورة نقلوا الفتحة الخالصة التي في تاء يختصمون بكمالها إِلى الخاء فأدغمت في الصاد فصار يخصمون بإخلاص فتحة الخاء وإِكمالها، والسادسة
يخصمون
بإِخفاء فتحة الخاء واختلاسها وسرعة التلفظ بها وعدم إِكمال صوتها نقلوا شيئاً من صوت فتحة تاء يختصمون إِلى الخاء تنبيهاً على أَن الخاء أصلها السكون، والسابعة
يخصمون
بفتح الياء وسكون الخاء وتشديد الصاد المكسورة والنحاة يستشكلون هذه القراءة لاجتماع ساكنين على غير حدهما إِذ لم يكن أَول الساكنين حرف مد ولين وإِن كان ثانيهما مدغماً

<<  <  ج: ص:  >  >>