للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والظَّلِيمةُ، قَالَ: وَيُقَالُ ظَلَمْتُ القومَ إِذَا سَقاهم اللَّبَنَ قَبْلَ إِدْراكِهِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هَكَذَا رُوِيَ لَنَا هَذَا الحرفُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ ظَلَمْتُ القومَ، وَهُوَ وَهَمٌ. وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ وَأَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى أَنَّهُمَا قَالَا: يُقَالُ ظَلَمْتُ السقَاءَ وظَلَمْتُ اللبنَ إِذَا شَرِبْتَه أَوْ سَقَيْتَه قَبْلَ إِدْرَاكِهِ وإخراجِ زُبْدَتِه. وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ظَلَمتُ وَطْبي القومَ أي سَقَيْتُه قبل رُؤُوبه. والمَظْلُوم: اللبنُ يُشْرَبُ قَبْلَ أن يَبْلُغَ الرُّؤُوبَ. الْفَرَّاءُ: يُقَالُ ظَلَم الوَادِي إِذَا بَلَغَ الماءُ مِنْهُ موضِعاً لَمْ يَكُنْ نالَهُ فِيمَا خَلا وَلَا بَلَغَه قَبْلَ ذَلِكَ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ يَصِفُ سَيْلًا:

يَكادُ يَطْلُع ظُلْماً ثُمَّ يَمْنَعُه ... عَنِ الشَّواهِقِ، فَالْوَادِي بِهِ شَرِقُ

وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِ النَّابِغَةِ يَصِفُ سَيْلًا:

إلَّا الأَوارِيَّ لأْياً مَا أُبَيِّنُها، ... والنُّؤْيُ كالحَوضِ بالمَظلُومة الجَلَدِ

قَالَ: النُّؤْيُ الحاجزُ حولَ الْبَيْتِ مِنْ تُرَابٍ، فشَبَّه داخلَ الحاجِزِ بالحوض بالمظلومة، يعني أَرْضًا مَرُّوا بِهَا فِي بَرِّيَّةِ فتَحَوَّضُوا حَوْضاً سَقَوْا فِيهِ إبِلَهُمْ وَلَيْسَتْ بمَوْضِع تَحْويضٍ. يُقَالُ: ظَلَمْتُ الحَوْضَ إِذَا عَمِلْتَه فِي مَوْضِعٍ لَا تُعْمَلُ فِيهِ الحِياض. قَالَ: وأَصلُ الظُّلْمِ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنِ مُقْبِلٍ:

عَادَ الأَذِلَّةُ فِي دارٍ، وكانَ بِهَا ... هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلَّامُونَ للجُزُرِ

أَيْ وَضَعوا النَّحْرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وظُلِمَت الناقةُ: نُحِرَتْ من غَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ ضَبِعَتْ عَلَى غَيْرِ ضَبَعَةٍ. وكُلُّ مَا أَعْجَلْتَهُ عَنْ أَوَانِهِ فَقَدْ ظَلَمْتَهُ، وأَنشد بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ:

هُرْتُ الشَّقاشِقِ، ظَلَّامُون للجُزُر

وظَلَم الحِمارُ الأَتانَ إِذَا كامَها وَقَدْ حَمَلَتْ، فَهُوَ يَظْلِمُها ظَلْماً؛ وأَنشد أَبُو عَمْرٍو يَصِفُ أُتُناً:

أَبَنَّ عقَاقاً ثُمَّ يَرْمَحْنَ ظَلْمَةً ... إِبَاءً، وَفِيهِ صَوْلَةٌ وذَمِيلُ

وظَلَم الأَرضَ: حَفَرَها وَلَمْ تَكُنْ حُفِرَتْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ يَحْفِرَها فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الحَفْرِ؛ قَالَ يَصِفُ رَجُلًا قُتِلَ فِي مَوْضِعٍ قَفْرٍ فحُفِرَ لَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ حَفْرٍ:

أَلَا للهِ مِنْ مِرْدَى حُروبٍ، ... حَواه بَيْنَ حِضْنَيْه الظَّلِيمُ

أَيُّ الْمَوْضِعِ الْمَظْلُومِ. وظَلَم السَّيلُ الأَرضَ إِذَا خَدَّدَ فِيهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِ تَخْدِيدٍ؛ وأَنشد للحُوَيْدِرَة:

ظَلَم البِطاحَ بِهَا انْهلالُ حَرِيصَةٍ، ... فَصَفَا النِّطافُ بِهَا بُعَيْدَ المُقْلَعِ

مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الإِقْلاعِ، مُفْعَلٌ بِمَعْنَى الإِفْعالِ، قَالَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ مُقامٌ بِمَعْنَى الإِقامةِ. وَقَالَ الْبَاهِلِيُّ فِي كِتَابِهِ: وأَرضٌ مَظْلُومة إِذَا لَمْ تُمْطَرْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذَا أَتَيْتُمْ عَلَى مَظْلُومٍ فأَغِذُّوا السَّيْرَ.

قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: المَظْلُومُ البَلَدُ الَّذِي لَمْ يُصِبْهُ الغَيْثُ وَلَا رِعْيَ فِيهِ لِلرِّكابِ، والإِغْذاذُ الإِسْراعُ. والأَرضُ المَظْلومة: الَّتِي لَمْ تُحْفَرْ قَطُّ ثُمَّ حُفِرَتْ، وَذَلِكَ الترابُ الظَّلِيمُ، وسُمِّيَ تُرابُ لَحْدِ القبرِ ظَلِيماً لِهَذَا الْمَعْنَى؛ وأَنشد:

<<  <  ج: ص:  >  >>