للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَصْحابه فَقَالُوا صَدَقتْ رؤْياك يَا رَسُولَ اللَّهِ

، قَالَ: وَهَذَا المذهبُ أَسْوَغ فِي الْعَرَبِيَّةِ لأَنه قَدْ جَاءَ: وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ؛ فَدَلَّ بِهَا أَنَّ هَذِهِ رؤْية الِالْتِقَاءِ وأَن تِلْكَ رؤْية النَّوْم. الْجَوْهَرِيُّ: تَقُولُ نِمْت، وأَصله نَوِمْت بِكَسْرِ الْوَاوِ، فَلَمَّا سَكَنَتْ سَقَطَتْ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ ونُقِلتْ حركتُها إِلى مَا قَبْلَهَا، وَكَانَ حقُّ النُّونِ أَن تُضَمَّ لتَدُلَّ عَلَى الْوَاوِ السَّاقِطَةِ كَمَا ضَمَمْت الْقَافَ فِي قُلْتَ، إِلا أَنهم كَسَرُوهَا فَرْقاً بَيْنَ الْمَضْمُومِ وَالْمَفْتُوحِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ وكانَ حَقُّ النُّونِ أَن تُضَمَّ لتدلَّ عَلَى الْوَاوِ السَّاقِطَةِ وَهَمٌ، لأَن المُراعى إِنما هُوَ حَرَكَةُ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ الكسرةُ دُونَ الْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ خِفْت، وأَصله خَوِفْت فنُقِلت حَرَكَةُ الْوَاوِ، وَهِيَ الْكَسْرَةُ، إِلى الْخَاءِ، وحُذفت الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، فأَما قُلت فإِنما ضُمَّت الْقَافُ أَيضاً لِحَرَكَةِ الْوَاوِ، وَهِيَ الضَّمَّةُ، وَكَانَ الأَصل فِيهَا قَوَلْت، نُقِلتْ إِلى قوُلت، ثُمَّ نقِلت الضَّمَّةُ إِلَى الْقَافِ وحُذِفَت الْوَاوُ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما كِلْتُ فإِنما كَسَرُوهَا لِتَدُلَّ عَلَى الْيَاءِ السَّاقِطَةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا وَهَمٌ أَيضاً وإِنما كَسَرُوهَا لِلْكَسْرَةِ الَّتِي عَلَى الْيَاءِ أَيضاً، لَا لِلْيَاءِ، وأَصلها كَيِلْت مُغَيَّرة عَنْ كَيَلْتُ، وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّصَالِ الضَّمِيرِ بِهَا أَعني التَّاءَ، عَلَى مَا بُيِّن فِي التَّصْرِيفِ، وَقَالَ: وَلَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ كالَ فَعِل لِقَوْلِهِمْ فِي الْمُضَارِعِ يَكيلُ، وفَعِلَ يَفْعِلُ إِنما جَاءَ فِي أَفعال مَعْدُودَةٍ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما عَلَى مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ فالقياسُ مستمرٌّ لأَنه يَقُولُ: أَصلُ قَالَ قَوُلَ، بِضَمِّ الْوَاوَ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَمْ يَذْهَبِ الْكِسَائِيُّ وَلَا غيرُه إِلى أَنَّ أَصلَ قَالَ قَوُل، لأَن قَالَ مُتَعدٍّ وفَعُل لَا يَتعدَّى وَاسْمُ الْفَاعِلِ مِنْهُ قائلٌ، وَلَوْ كَانَ فَعُل لَوَجَبَ أَن يَكُونَ اسْمَ الْفَاعِلِ مِنْهُ فَعيل، وإِنما ذَلِكَ إِذا اتَّصَلَتْ بِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ أَو الْمُخَاطَبِ نَحْوُ قُلْت، عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَلِكَ كِلْت؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَصل كالَ كَيِلَ، بِكَسْرِ الْيَاءِ، والأَمر مِنْهُ نَمْ، بِفَتْحِ النُّونِ، بِناءً عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ لأَن الْوَاوَ الْمُنْقَلِبَةَ أَلفاً سَقَطَتْ لِاجْتِمَاعِ السَّاكِنَيْنِ. وأَخَذه نُوَامٌ، بِالضَّمِّ، إِذا جعَل النَّوْمُ يَعْترِيه. وتَناوَمَ: أَرى مِنْ نفْسه أَنه نائمٌ وَلَيْسَ بِهِ، وَقَدْ يَكُونُ النَّوْم يُعْنى بِهِ المَنامُ. الأَزهري: المَنامُ مَصْدَرُ نَامَ يَنَامُ نَوْماً ومَنَاماً، وأَنَمْتُه ونَوَّمْتُه بِمَعَنًى، وَقَدْ أَنَامَه ونَوَّمَه. وَيُقَالُ فِي النِّدَاءِ خَاصَّةً: يَا نَوْمانُ أَي يَا كَثِيرَ النَّوْم، قَالَ: وَلَا تَقُل رَجُلٌ نَوْمانُ لأَنه يَخْتَصُّ بِالنِّدَاءِ. وَفِي حَدِيثِ

حُذَيْفَةَ وَغَزْوَةِ الخَنْدق: فَلَمَّا أَصْبَحتْ قَالَتْ: قُمْ يَا نَوْمانُ

؛ هُوَ الْكَثِيرُ النَّوْم، قَالَ: وأَكثر مَا يُسْتَعْمَلُ فِي النِّدَاءِ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي المثَل أَصْبِحْ نَوْمانُ، فأَصْبِحْ عَلَى هَذَا مِنْ قَوْلِكَ أَصْبَحَ الرجلُ إِذا دَخَلَ فِي الصُّبح، وَرِوَايَةُ سِيبَوَيْهِ أَصْبِحْ ليْلُ لِتَزُلْ حَتَّى يُعاقِبَك الإِصباح؛ قَالَ الأَعشى:

يَقُولُونَ: أَصْبِحْ ليْلُ، والليلُ عاتِم

وَرُبَّمَا قَالُوا: يَا نَوْمُ، يُسَمُّون بِالْمَصْدَرِ. وأَصابَ الثَّأْرَ المُنِيم أَي الثأْر الَّذِي فِيهِ وَفاءُ طِلْبتِه. وَفُلَانٌ لَا يَنَامُ وَلَا يُنِيمُ أَي لَا يَدَعُ أَحداً يَنام؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:

كَمَا مِنْ هاشمٍ أَقرَرْت عَيْني، ... وكانَتْ لَا تَنَامُ وَلَا تُنِيمُ

وَقَوْلُهُ:

تَبُكُّ الحَوْضَ عَلَّاها ونَهْلا، ... وخَلْفَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنِيمُ

مَعْنَاهُ تسكُن إِليها فتُنِيمُها. ونَاوَمَنِي فنُمْتُه أَي كنتُ أَشدَّ نَوْماً مِنْهُ. ونُمْتُ الرجلَ، بِالضَّمِّ، إِذا

<<  <  ج: ص:  >  >>