وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ، أَي مَحْلٌ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها
؛ أَي يَعْمَلُوا بحَسَنِها، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ نَحْوَ مَا أَمَرنا بِهِ مِنَ الِانْتِصَارِ بَعْدَ الظُّلْمِ، والصبرُ أَحسَنُ مِنَ القِصاص والعَفْوُ أَحسَنُ. والمَحاسِنُ: الْمَوَاضِعُ الحسَنة مِنَ البَدن. يُقَالُ: فُلَانَةٌ كَثِيرَةُ المَحاسِن؛ قَالَ الأَزهري: لَا تَكَادُ الْعَرَبُ توحِّد المَحاسِن، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاحِدُهَا مَحْسَن؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَيْسَ هَذَا بالقويِّ وَلَا بِذَلِكَ الْمَعْرُوفِ، إِنما المَحاسِنُ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ وَجُمْهُورِ اللُّغَوِيِّينَ جمعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ، وَلِذَلِكَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: إِذا نسبْتَ إِلى مَحَاسِنٍ قُلْتَ مَحاسِنيّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ وَاحِدٌ لرَدَّه إِليه فِي النَّسَبِ، وإِنما يُقَالُ إِن واحدَه حَسَن عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَمِثْلُهُ المَفاقِر والمَشابِه والمَلامِح وَاللَّيَالِي. وَوَجْهٌ مُحَسَّن: حَسَنٌ، وحسَّنه اللَّهُ، لَيْسَ مِنْ بَابِ مُدَرْهَم ومفؤود كَمَا ذَهَبَ إِليه بَعْضُهُمْ فِيمَا ذُكِر. وطَعامٌ مَحْسَنةٌ لِلْجِسْمِ، بِالْفَتْحِ: يَحْسُن بِهِ. والإِحْسانُ: ضدُّ الإِساءة. وَرَجُلٌ مُحْسِن ومِحسان؛ الأَخيرة عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ مَا أَحسَنَه؛ أَبو الْحَسَنِ: يَعْنِي منْ هَذِهِ، لأَن هَذِهِ الصِّيغَةَ قَدِ اقْتَضَتْ عِنْدَهُ التَّكْثِيرَ فأَغْنَتْ عَنْ صِيغَةِ التَّعَجُّبِ. وَيُقَالُ: أَحْسِنْ يَا هَذَا فإِنك مِحْسانٌ أَي لَا تَزَالُ مُحْسِناً.
وَفَسَّرَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الإِحسانَ حِينَ سأَله جِبْرِيلُ، صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا وَسَلَامُهُ، فَقَالَ: هُوَ أَن تَعْبُدَ اللَّهَ كأَنك تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإِنه يَراك
، وَهُوَ تأْويلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ
؛ وأَراد بالإِحسان الإِخْلاص، وَهُوَ شرطٌ فِي صِحَّةِ الإِيمان والإِسلام مَعًا، وَذَلِكَ أَن مَنْ تلفَّظ بِالْكَلِمَةِ وَجَاءَ بِالْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ إِخْلاص لَمْ يَكُنْ مُحْسِناً، وإِن كَانَ إِيمانُه صَحِيحًا، وَقِيلَ: أَراد بالإِحسان الإِشارةَ إِلى المُراقبة وحُسْن الطَّاعَةِ، فَإِنَّ مَنْ راقَبَ اللهَ أَحسَن عمَله، وَقَدْ أَشار إِليه فِي الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ:
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإِنه يَرَاكَ
، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ
؛ أَي مَا جزاءُ مَنْ أَحْسَن فِي الدُّنيا إِلا أَن يُحْسَنَ إِليه فِي الْآخِرَةِ. وأَحسَنَ بِهِ الظنَّ: نقيضُ أَساءَه، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الإِحسان والإِنعام أَن الإِحسانَ يَكُونُ لنفسِ الإِنسان وَلِغَيْرِهِ، تَقُولُ: أَحْسَنْتُ إِلى نَفْسِي، والإِنعامُ لَا يَكُونُ إِلا لِغَيْرِهِ. وكتابُ التَّحاسين: خِلَافُ المَشْق، ونحوُ هَذَا يُجْعَل مَصْدَرًا ثُمَّ يُجْمَعُ كالتَّكاذِيب والتَّكاليف، وَلَيْسَ الجمعُ فِي الْمَصْدَرِ بفاشٍ، وَلَكِنَّهُمْ يُجْرُون بَعْضَهُ مُجْرى الأَسماء ثُمَّ يَجْمَعُونَهُ. والتَّحاسينُ: جمعُ التَّحْسِين، اسْمٌ بُنِيَ عَلَى تَفْعيل، ومثلُه تَكاليفُ الأُمور، وتَقاصيبُ الشَّعَرِ مَا جَعُدَ مِنْ ذَوائِبه. وَهُوَ يُحْسِنُ الشيءَ أَي يَعْمَله، ويَسْتَحْسِنُ الشيءَ أَي يَعُدُّه حَسَناً. وَيُقَالُ: إِني أُحاسِنُ بِكَ الناسَ. وَفِي النَّوَادِرِ: حُسَيْناؤُه أَن يَفْعَلَ كَذَا، وحُسَيْناه مِثْلُه، وَكَذَلِكَ غُنَيْماؤه وحُمَيْداؤه أَي جُهْدُه وغايتُه. وحَسَّان: اسْمُ رَجُلٍ، إِن جَعَلْتَهُ فعَّالًا مِنَ الحُسْنِ أَجْرَيْتَه، وإِن جَعَلْتَه فَعْلَانَ مِنَ الحَسِّ وَهُوَ القَتْل أَو الحِسِّ بِالشَّيْءِ لَمْ تُجْرِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنه مِنَ الحِسِّ أَو مِنَ الحَسِّ، وَقَالَ: ذَكَرَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أَنه فَعَّالٌ مِنَ الحُسْنِ، قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وتصغيرُ فعَّالٍ حُسَيْسِين، وتصغيرُ فَعْلانَ حُسَيْسان. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وحَسَنٌ وحُسَيْن يقالانِ بِاللَّامِ فِي التَّسْمِيَةِ عَلَى إِرادة الصِّفَةِ، وَقَالَ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَما الَّذِينَ قَالُوا الحَسَن، فِي اسْمِ الرَّجُلِ، فَإِنَّمَا أَرادوا أَن يَجْعَلُوا الرجلَ هُوَ الشيءَ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَجْعلوه سُمِّيَ بِذَلِكَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute