زيدٌ الشريفَ؛ وَمِنْهَا: طَفِق يَفْعَلُ، وأَخَذ يَكْتُب، وأَنشأَ يَقُولُ، وجَعَلَ يَقُولُ. وَفِي حَدِيثِ
تَوْبةِ كَعْبٍ: رأَى رَجُلًا لَا يَزُول بِهِ السَّرابُ فَقَالَ كُنْ أَبا خَيْثَمة
أَي صِرْهُ. يُقَالُ لِلرَّجُلِ يُرَى مِنْ بُعْدٍ: كُن فُلَانًا أَي أَنت فُلَانٌ أَو هُوَ فُلَانٌ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه دَخَلَ الْمَسْجِدَ فرأَى رَجَلًا بَذَّ الْهَيْئَةِ، فَقَالَ: كُنْ أَبا مُسْلِمٍ
، يَعْنِي الخَوْلانِيَّ. وَرَجُلٌ كُنْتِيٌّ: كَبِيرٌ، نُسِبَ إِلَى كُنْتُ. وَقَدْ قَالُوا كُنْتُنِيٌّ، نُسِبَ إِلَى كُنْتُ أَيضاً، وَالنُّونُ الأَخيرة زَائِدَةٌ؛ قَالَ:
وَمَا أَنا كُنْتِيٌّ، وَلَا أَنا عاجِنُ، ... وشَرُّ الرِّجال الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ
وَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن إِخْرَاجَهُ عَلَى الأَصل أَقيس فَتَقُولُ كُونِيٌّ، عَلَى حَدِّ مَا يُوجِبُ النَّسَبَ إِلَى الْحِكَايَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا شَاخَ هُوَ كُنْتِيٌّ، كأَنه نُسِبَ إِلَى قَوْلِهِ كُنْتُ فِي شَبَابِي كَذَا؛ وأَنشد:
فأَصْبَحْتُ كُنْتِيّاً، وأَصْبَحْتُ عاجِناً، ... وشَرُّ خِصَالِ المَرْءِ كُنْتُ وعاجِنُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إِذَا مَا كُنْتَ مُلْتَمِساً لِغَوْثٍ، ... فَلَا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كبيرِ
فَلَيْسَ بِمُدْرِكٍ شَيْئًا بَسَعْيٍ، ... وَلَا سَمْعٍ، وَلَا نَظَرٍ بَصِيرِ
وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه دَخَلَ المسجدَ وعامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّونَ
؛ هُمُ الشُّيوخُ الَّذِينَ يَقُولُونَ كُنَّا كَذَا، وكانَ كَذَا، وَكُنْتُ كَذَا، فكأَنه مَنْسُوبٌ إِلَى كُنْتُ. يُقَالُ: كأَنك وَاللَّهِ قَدْ كُنْتَ وصِرْتَ إِلَى كانَ وكُنْتَ أَي صرتَ إِلَى أَن يُقَالَ عَنْكَ: كانَ فُلَانٌ، أَو يُقَالُ لك في حال الهَرَم: كُنْتَ مَرَّةً كَذَا، وَكُنْتَ مَرَّةً كَذَا. الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ كَنَتَ: ابْنُ الأَعرابي كَنَتَ فلانٌ فِي خَلْقِه وَكَانَ فِي خَلْقِه، فَهُوَ كُنْتِيٌّ وكانِيٌّ. ابْنُ بُزُرْج: الكُنْتِيُّ الْقَوِيُّ الشَّدِيدُ؛ وأَنشد:
قَدْ كُنْتُ كُنْتِيّاً، فأَصْبَحْتُ عاجِناً، ... وشَرُّ رِجال الناسِ كُنْتُ وعاجِنُ
يَقُولُ: إِذَا قَامَ اعْتَجَن أَي عَمَدَ عَلَى كُرْسُوعه، وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الكُنْتِيُّ الْكَبِيرُ؛ وأَنشد:
فَلَا تَصْرُخْ بكُنْتِيٍّ كَبِيرِ
وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
فاكتَنِتْ، لَا تَكُ عَبْداً طائِراً، ... واحْذَرِ الأَقْتالَ مِنَّا والثُّؤَرْ
قَالَ أَبو نَصْرٍ: اكْتَنِتْ ارْضَ بِمَا أَنت فِيهِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: الاكْتناتُ الْخُضُوعُ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
مُسْتَضْرِعٌ مَا دَنَا منهنَّ مُكْتَنِتٌ ... للعَظْمِ مُجْتَلِمٌ مَا فَوْقَهُ فَنَعُ
قَالَ الأَزهري: وأَخبرني الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه قَالَ لَا يُقَالُ فَعَلْتُني إِلَّا مِنَ الْفِعْلِ الَّذِي يتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ، مِثْلَ ظَنَنْتُني ورأَيْتُني، ومُحالٌ أَن تَقُولَ ضَرَبْتُني وصَبَرْتُني لأَنه يُشْبِهُ إِضَافَةَ الْفِعْلِ إِلَى نِي، وَلَكِنْ تَقُولُ صَبَرْتُ نَفْسِي وضَرَبْتُ نَفْسِي، وَلَيْسَ يُضَافُ مِنَ الْفِعْلِ إِلَى نِي إِلَّا حَرْفٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُهُمْ كُنْتي وكُنْتُني؛ وأَنشد:
وَمَا كُنْتُ كُنْتِيّاً، وَمَا كُنْت عاجِناً، ... وشَرُّ الرجالِ الكُنْتُنِيُّ وعاجِنُ
فَجَمَعَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنيّاً فِي الْبَيْتِ. ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: قِيلَ لصَبِيَّةٍ مِنَ الْعَرَبِ مَا بَلَغَ الكِبَرُ مِنْ أَبيك؟ قَالَتْ: قَدْ عَجَنَ وخَبَزَ وثَنَّى وثَلَّثَ