للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَلْصَقَ وأَوْرَصَ وكانَ وكَنَتَ. قَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: وأَخبرني سَلَمَةُ عَنِ الْفَرَّاءِ قَالَ: الكُنْتُنِيُّ فِي الْجِسْمِ، والكَانِيُّ فِي الخُلُقِ. قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي إِذَا قَالَ كُنْتُ شَابًّا وَشُجَاعًا فَهُوَ كُنْتِيٌّ، وَإِذَا قَالَ كانَ لِي مَالٌ فكُنْتُ أُعطي مِنْهُ فَهُوَ كانِيٌّ. وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي بَابِ الْمَجْمُوعِ مُثَلَّثاً: رَجُلٌ كِنْتَأْوٌ وَرَجُلَانِ كِنْتَأْوان وَرِجَالٌ كِنْتَأْوُونَ، وَهُوَ الْكَثِيرُ شَعَرِ اللِّحْيَةِ الكَثُّها؛ وَمِنْهُ: جَمَلٌ سِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوان وسِندَأْوُونَ، وَهُوَ الْفَسِيحُ مِنَ الإِبل فِي مِشْيَتِه، وَرَجُلٌ قِنْدَأْوٌ وَرَجُلَانِ قِنْدَأْوان وَرِجَالٌ قِنْدَأْوُون، مَهْمُوزَاتٌ. وَفِي الْحَدِيثِ:

دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ المسجدَ وَعَامَّةُ أَهله الكُنْتِيُّون، فقلتُ: مَا الكُنْتِيُّون؟ فَقَالَ: الشُّيُوخُ الَّذِينَ يَقُولُونَ كانَ كَذَا وَكَذَا وكُنْتُ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: دارَتْ رَحَى الإِسلام عليَّ خَمْسَةً وثَلاثين، ولأَنْ تَمُوتَ أَهلُ دارِي أَحَبُّ إليَّ مِنْ عِدَّتِهم مِنَ الذِّبَّان والجِعْلانِ.

قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْفَرَّاءُ تَقُولُ كأَنَّك وَاللَّهِ قَدْ مُتَّ وصِرْتَ إِلَى كانَ، وكأَنكما مُتُّمَا وَصِرْتُمَا إِلَى كَانَا، وَالثَّلَاثَةُ كَانُوا؛ الْمَعْنَى صِرْتَ إِلَى أَن يُقَالَ كانَ وأَنت مَيِّتٌ لَا وأَنت حَيٌّ، قَالَ: وَالْمَعْنَى لَهُ الْحِكَايَةُ عَلَى كُنْت مَرَّةً للمُواجهة وَمَرَّةً لِلْغَائِبِ، كَمَا قَالَ عَزَّ مِنْ قائلٍ: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وسَيُغْلَبُون؛ هَذَا عَلَى مَعْنَى كُنْتَ وكُنْتَ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: وكُلُّ أَمْرٍ يَوْمًا يَصِيرُ كَانَ. وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: كأَنِّي بِكَ وَقَدْ صِرْتَ كانِيّاً أَي يُقَالُ كَانَ وللمرأَة كانِيَّة، وَإِنْ أَردت أَنك صِرْتَ مِنَ الهَرَم إِلَى أَن يُقَالَ كُنْت مَرَّةً وكُنْت مَرَّةً، قِيلَ: أَصبحتَ كُنْتِيّاً وكُنْتُنِيّاً، وَإِنَّمَا قَالَ كُنْتُنِيّاً لأَنه أَحْدَثَ نُونًا مَعَ الْيَاءِ فِي النِّسْبَةِ لِيَتَبَيَّنَ الرَّفْعُ، كَمَا أَرادوا تَبين النَّصبِ فِي ضَرَبني، وَلَا يَكُونُ مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ، تَقُولُ: جَاءَ الْقَوْمُ لَا يَكُونُ زيداً، ولا تستعمل إلى مُضْمَرًا فِيهَا، وكأَنه قَالَ لَا يَكُونُ الْآتِي زَيْدًا؛ وَتَجِيءُ كَانَ زَائِدَةً كَقَوْلِهِ:

سَراةُ بَني أَبي بَكْرٍ تَسامَوْا ... عَلَى كانَ المُسَوَّمةِ العِرابِ

أَي عَلَى المُسوَّمة العِراب. وَرَوَى الْكِسَائِيُّ عَنِ الْعَرَبِ: نَزَلَ فُلَانٌ عَلَى كَانَ خَتَنِه أَي نزَل عَلَى خَتَنِه؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ:

جادَتْ بكَفَّيْ كانَ مِنْ أَرمى البَشَرْ

أَي جَادَتْ بكفَّي مَنْ هُوَ مِنْ أَرمى الْبَشَرِ؛ قَالَ: وَالْعَرَبُ تُدْخِلُ كَانَ فِي الْكَلَامِ لَغْوًا فَتَقُولُ مُرَّ عَلَى كَانَ زيدٍ؛ يُرِيدُونَ مُرَّ عَلَى زيدٍ فأَدخل كَانَ لَغْوًا؛ وأَما قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

فكيفَ وَلَوْ مَرَرْت بدارِ قومٍ، ... وجِيرانٍ لَنَا كَانُوا كِرامِ؟

ابْنُ سِيدَهْ: فَزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أَن كَانَ هُنَا زائدة، وقال أَبو العباس: إِنَّ تَقْدِيرَهُ وجِيرانٍ كِرامٍ كَانُوا لَنَا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا أَسوغ لأَن كَانَ قَدْ عَمِلَتْ هَاهُنَا فِي مَوْضِعِ الضَّمِيرِ وَفِي مَوْضِعٍ لَنَا، فَلَا مَعْنًى لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ مِنْ أَنها زَائِدَةٌ هُنَا، وَكَانَ عَلَيْهِ كَوْناً وكِياناً واكْتانَ: وَهُوَ مِنَ الكَفالة. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَالَ أَبو زَيْدٍ اكْتَنْتُ بِهِ اكْتِياناً وَالِاسْمُ مِنْهُ الكِيانةُ، وكنتُ عَلَيْهِمْ أَكُون كَوْناً مِثْلُهُ مِنَ الْكَفَالَةِ أَيضاً ابْنُ الأَعرابي: كَانَ إِذَا كَفَل. والكِيانةُ: الكَفالة، كُنْتُ عَلَى فلانٍ أكُونُ كَوْناً أَي تَكَفَّلْتُ بِهِ. وَتَقُولُ: كُنْتُكَ وكُنْتُ إِيَّاكَ كَمَا تَقُولُ ظَنَنْتُكَ زَيْدًا وظَنْنتُ زَيْدًا إِياك، تَضَعُ الْمُنْفَصِلَ مَوْضِعَ الْمُتَّصِلَ فِي الْكِنَايَةِ عَنْ الِاسْمِ وَالْخَبَرِ، لأَنهما مُنْفَصِلَانِ فِي الأَصل، لأَنهما مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ؛ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>