للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَنِ الأَمِيرُ، وإِن قال رأَيت ابْنَ أَخيك قُلْتُ مَنِ ابنُ أَخيك، بِالرَّفْعِ لَا غَيْرَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِن أَدخلت حَرْفَ الْعَطْفِ عَلَى مَنْ رَفَعْتَ لَا غَيْرَ قُلْتُ فمَنْ زيدٌ ومَنْ زيدٌ، وإِن وَصَلْتَ حُذِفَتِ الزِّيَادَاتُ قُلْتَ مَنْ يَا هَذَا، قَالَ: وَقَدْ جَاءَتِ الزِّيَادَةُ فِي الشِّعْرِ فِي حَالِ الْوَصْلِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

أَتَوْا نَارِي فقلتُ: مَنُونَ أَنْتُمْ؟ ... فَقَالُوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما

وَتَقُولُ فِي المرأَة: مَنَهْ ومَنْتانْ ومَنَاتْ، كُلُّهُ بِالتَّسْكِينِ، وإِن وصلت قلت مَنَةً يا هَذَا ومناتٍ يَا هَؤُلَاءِ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وإِن وَصَلْتَ قُلْتَ مَنةً يَا هَذَا، بِالتَّنْوِينِ، ومَناتٍ؛ قَالَ: صَوَابُهُ وإِن وَصَلْتَ قُلْتَ مَنْ يَا هَذَا فِي الْمُفْرَدِ وَالْمُثَنَّى وَالْمَجْمُوعِ وَالْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ، وإِن قَالَ: رأَيت رَجُلًا وَحِمَارًا، قُلْتُ مَنْ وأَيَّا، حَذَفْتَ الزِّيَادَةَ مِنَ الأَول لأَنك وَصَلْتَهُ، وإِن قَالَ مَرَرْتُ بِحِمَارٍ وَرَجُلٍ قُلْتُ أَيٍّ ومَنِي، فَقِسْ عَلَيْهِ، قَالَ: وَغَيْرُ أَهل الْحِجَازِ لَا يَرَوْنَ الْحِكَايَةَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ وَيَرْفَعُونَ الْمَعْرِفَةَ بَعْدَ مَنْ، اسْمًا كَانَ أَو كُنْيَةً أَو غَيْرُ ذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالنَّاسُ الْيَوْمَ فِي ذَلِكَ عَلَى لُغَةِ أَهل الْحِجَازِ؛ قَالَ: وإِذا جَعَلْتَ مَنْ اسْمًا مُتَمَكِّنًا شَدَدْتَهُ لأَنه عَلَى حَرْفَيْنِ كَقَوْلِ خِطامٍ المُجاشِعيّ:

فرَحلُوها رِحْلَةً فِيهَا رَعَنْ، ... حَتَّى أَنَخْناها إِلى مَنٍّ ومَنْ

أَي أَبْرَكْناها إِلى رَجُلٍ وأَيّ رَجُلٍ، يُرِيدُ بِذَلِكَ تَعْظِيمَ شأْنه، وإِذا سَمَّيْتَ بمَنْ لَمْ تُشَدِّدْ فَقُلْتَ هَذَا مَنٌ وَمَرَرْتُ بمَنٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِذا سأَلت الرَّجُلَ عَنْ نَسَبِهِ قُلْتَ المَنِّيُّ، وإِن سأَلته عَنْ بَلَدِهِ قُلْتَ الهَنِّيُّ؛ وَفِي حَدِيثِ

سَطِيح:

يَا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ

قَالَ ابْنُ الأَثير: هَذَا كَمَا يُقَالُ أَعيا هذا الأَمر فلاناً وَفُلَانًا عِنْدَ الْمُبَالَغَةِ وَالتَّعْظِيمِ أَي أَعيت كلَّ مَنْ جَلَّ قَدْرُه فَحَذَفَ، يَعْنِي أَن ذَلِكَ مِمَّا تَقْصُرُ الْعِبَارَةُ عَنْهُ لِعِظَمِهِ كَمَا حَذَفُوهَا مِنْ قَوْلِهِمْ: بَعْدَ اللَّتَيّا وَالَّتِي، اسْتِعْظَامًا لشأْن الْمَخْلُوقِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

مَنْ غَشَّنا فَلَيْسَ مِنَّا

أَي لَيْسَ عَلَى سِيرَتِنَا وَمَذْهَبِنَا وَالتَّمَسُّكِ بسُنَّتنا، كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ أَنا منْك وإِليك، يُرِيدُ الْمُتَابَعَةَ وَالْمُوَافَقَةَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وخَرَقَ وصَلَقَ

، وَقَدْ تَكَرَّرَ أَمثاله فِي الْحَدِيثِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَذَهَبُ بَعْضُهُمْ إِلى أَنه أَراد بِهِ النَّفْيَ عَنْ دِينِ الإِسلام، وَلَا يَصِحُّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: مَنْ اسْمٌ بِمَعْنَى الَّذِي، وَتَكُونُ لِلشَّرْطِ وَهُوَ اسْمٌ مُغْنٍ عَنِ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ الْمُتَنَاهِي فِي البِعادِ والطُّولِ، وَذَلِكَ أَنك إِذا قُلْتَ مَنْ يَقُمْ أَقُمْ مَعَهُ كَفَاكَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، وَلَوْلَا هُوَ لَاحْتَجْتَ أَن تَقُولَ إِن يَقُمْ زَيْدٌ أَو عَمْرٌو أَو جَعْفَرٌ أَو قَاسِمٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ، ثُمَّ تَقِفُ حَسِيرًا مَبْهُورًا ولَمّا تَجِدْ إِلى غَرَضِكَ سَبِيلًا، فإِذا قُلْتَ مَنْ عِنْدَكَ أَغناك ذَلِكَ عَنْ ذِكْرِ النَّاسِ، وَتَكُونُ لِلِاسْتِفْهَامِ الْمَحْضِ، وَتُثَنَّى وَتُجْمَعُ فِي الْحِكَايَةِ كَقَوْلِكَ: مَنَانْ ومَنُونْ ومَنْتانْ ومَناتْ، فإِذا وَصَلْتَ فَهُوَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ؛ وأَما قَوْلُ شَمِرِ بن الحرث الضَّبِّيِّ:

أَتَوْا نَارِي فقلتُ: مَنُونَ؟ قَالُوا: ... سَرَاةُ الجِنِّ قُلْتُ: عِمُوا ظَلاما

قَالَ: فَمَنْ رَوَاهُ هَكَذَا فإِنه أَجرى الْوَصْلَ مُجْرَى الْوَقْفِ، فإِن قُلْتَ فإِنه فِي الْوَقْفِ إِنما يَكُونُ مَنُونْ سَاكِنَ النُّونِ، وأَنت فِي الْبَيْتِ قَدْ حَرَّكْتَهُ، فَهُوَ إِذاً لَيْسَ عَلَى نِيَّةِ الْوَصْلِ وَلَا عَلَى نِيَّةِ الْوَقْفِ؟ فَالْجَوَابُ أَنه

<<  <  ج: ص:  >  >>