للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّلَامُ، أَعْلَم بالمُهَيْمِناتِ

أَي القَضايا، مِنَ الهَيْمنَة وَهِيَ الْقِيَامُ عَلَى الشَّيْءِ، جَعَلَ الْفِعْلَ لَهَا وَهُوَ لأَربابها الْقَوَّامِينَ بالأُمور. وَرُوِيَ

عَنْ عُمَرَ أَنه قَالَ يَوْمًا: إنِّي داعٍ فَهَيْمِنُوا

أَي إِنِّي أَدْعُو اللَّهَ فأَمِّنُوا، قَلَبَ أَحد حَرْفَيِ التَّشْدِيدِ فِي أَمِّنُوا يَاءً فَصَارَ أَيْمِنُوا، ثُمَّ قَلَبَ الْهَمْزَةَ هَاءً وَإِحْدَى الْمِيمَيْنِ يَاءً فَقَالَ هَيْمِنُوا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي اشْهَدُوا. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: أَمَّا زَيْدٌ فَحَسَنٌ، وَيَقُولُونَ أَيْما بِمَعْنَى أَمَّا؛ وأَنشد الْمُبَرِّدُ فِي قَوْلِ جَمِيل:

عَلَى نَبْعةٍ زَوْراءَ أَيْما خِطامُها ... فَمَتْنٌ، وأَيْما عُودُها فعَتِيقُ

قَالَ: إِنَّمَا يُرِيدُ أَمَّا، فَاسْتَثْقَلَ التَّضْعِيفَ فأَبدل مِنْ إِحْدَى الْمِيمَيْنِ يَاءً، كَمَا فَعَلُوا بقِيراطٍ ودِينارٍ ودِيوانٍ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري فِي قَوْلِهِ: وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ

، قَالَ: المُهَيْمِنُ الْقَائِمُ عَلَى خَلْقِهِ؛ وأَنشد:

أَلا إنَّ خَيْرَ الناسِ، بَعْدَ نَبِيِّهِ، ... مُهَيْمِنُه التالِيه فِي العُرْفِ والنُّكْرِ

قَالَ: مَعْنَاهُ الْقَائِمُ عَلَى النَّاسِ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: الْقَائِمُ بأُمور الْخَلْقِ، قَالَ: وَفِي المُهَيْمِن خَمْسَةُ أَقوال: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ المُهَيْمِن المُؤْتَمَنُ، وَقَالَ الْكِسَائِيُّ المُهَيْمِنُ الشَّهِيدُ، وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ الرَّقِيبُ، يُقَالُ هَيْمَن يُهَيْمِنُ هَيْمنَة إِذَا كَانَ رَقِيبًا عَلَى الشَّيْءِ، وَقَالَ أَبو مَعْشَرٍ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ

مَعْنَاهُ وقَبَّاناً عَلَيْهِ، وَقِيلَ: وَقَائِمًا عَلَى الكُتُب، وَقِيلَ: مُهَيْمِنٌ فِي الأَصل مُؤيْمِنٌ، وَهُوَ مُفَيْعِلٌ مِنَ الأَمانة. وَفِي حَدِيثِ

وُهَيْبٍ: إِذَا وَقَعَ العَبْدُ فِي أُلْهانِيَّةِ الرَّبِّ ومُهَيْمِنِيَّةِ الصِّدِّيقين لَمْ يَجِدْ أَحَداً يأْخذُ بقَلْبه

؛ المُهَيْمِنِيَّة: مَنْسُوبٌ إِلَى المُهَيْمِن، يُرِيدُ أَمانة الصدِّيقين، يَعْنِي إدا حَصَلَ العبدُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ لَمْ يُعْجِبْهُ أَحد، وَلَمْ يُحِبَّ إِلَّا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ. والهِمْيانُ: التِّكَّة، وَقِيلَ للمِنْطَقَةِ هِمْيانٌ، وَيُقَالُ لِلَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ النَّفَقَةُ وَيُشَدُّ عَلَى الْوَسَطِ: هِمْيان؛ قَالَ: والهِمْيان دَخِيلٌ مُعَرَّبٌ، وَالْعَرَبُ قَدْ تَكَلَّمُوا بِهِ قَدِيمًا فأَعربوه. وَفِي حَدِيثِ

النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرّنٍ يَومَ نهاوَنْدَ: أَلا إنِّي هازٌّ لَكُمُ الرايةَ الثَّانِيَةَ فَلْيَثِب الرجالُ وليَشُدُّوا هَمَايِنَهم عَلَى أَحْقائهم

، يَعْنِي مَناطِقَهم ليَسْتَعِدُّوا عَلَى الْحَمْلَةِ، وَفِي النِّهَايَةِ فِي حَدِيثِ

النُّعمان يَوْمَ نَهَاوَنْدَ. تَعاهدُوا هَمايِنكم فِي أَحْقِيكُم وأَشْساعَكم فِي نِعَالِكُمْ

؛ قَالَ: الهَماينُ جَمْعُ هِمْيانٍ، وَهِيَ المِنْطَقة والتِّكَّة، والأَحْقِي جَمْعُ حِقْوٍ، وَهِيَ مَوْضِعُ شَدِّ الإِزار؛ وأَورد ابْنُ الأَثير حَدِيثًا آخَرَ عَنْ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، مُسْتَشْهِدًا بِهِ عَلَى أَن الهِمْيَان تِكَّةُ السَّرَاوِيلِ لَمْ أَستحسن إيرادَه، غَفَرَ اللَّهُ لنا وله بكرمه.

هنن: الهانَّةُ والهُنانَة: الشَّحْمَةُ فِي بَاطِنِ الْعَيْنِ تَحْتَ المُقْلة. وَبَعِيرٌ مَا بِهِ هانَّةٌ وَلَا هُنانة أَي طِرْق. قَالَ أَبو حَاتِمٍ: حضرتُ الأَصمعي وسأَله إِنْسَانٌ عَنْ قَوْلِهِ مَا بِبَعِيرِي هَانَّة وَلَا هُنانَةٌ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ هُتَاتة، بِتَاءَيْنِ؛ قَالَ أَبو حَاتِمٍ: قُلْتُ إِنَّمَا هُوَ هانَّة وهُنانة، وَبِجَنْبِهِ أَعرابي فسأَله فَقَالَ: مَا الهُتاتة؟ فَقَالَ: لَعَلَّكَ تُرِيدُ الهُنَانَة، فَرَجَعَ إِلَى الصَّوَابِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنَ الْعَرَبِ؛ الهُنَانَةُ، بِالنُّونِ: الشَّحْمُ. وَكُلُّ شَحْمَةٍ هُنَانة. والهُنَانة أَيضاً: بَقِيَّةُ الْمُخِّ. وَمَا بِهِ هانَّة أَي شَيْءٌ مِنْ خَيْرٍ، وَهُوَ عَلَى الْمِثْلِ. وَمَا بِالْبَعِيرِ هُنَانة، بِالضَّمِّ، أَي مَا بِهِ طِرْقٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

أَيُفايِشُونَكَ، والعِظَامُ رقيقةٌ، ... والمُخُّ مُمْتَخَرُ الهُنانة رارُ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>