ابنَ عَمَّار:
يَا جَفْنَةً كَإِزَاءِ الحَوْضِ قَدْ كَفَأُوا، ... ومَنْطِقاً مثلَ وَشْيِ اليُمْنَةِ الحِبَرَه
وَقَالَ رَبِيعَةُ الأَسدي:
إنَّ المَودَّةَ والهَوادَةَ بَيْنَنَا ... خلَقٌ، كسَحْقِ اليُمْنَةِ المُنْجابِ
وَفِي هَذِهِ الْقَصِيدَةِ:
إنْ يَقْتُلوكَ، فَقَدْ هَتَكْتَ بُيوتَهم ... بعُتَيْبةَ بنِ الحرثِ بنِ شِهابِ
وَقِيلَ لِنَاحِيَةِ اليَمنِ يَمَنٌ لأَنها تَلِي يَمينَ الْكَعْبَةِ، كَمَا قِيلَ لِنَاحِيَةِ الشأْم شأْمٌ لأَنها عَنْ شِمال الْكَعْبَةِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ مُقْبِلٌ مِنْ تَبُوكَ: الإِيمانُ يَمانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمانِيَة
؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: إِنما قَالَ ذَلِكَ لأَن الإِيمان بَدَا مِنْ مَكَّةَ، لأَنها مَوْلِدُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَبْعَثُهُ ثُمَّ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ. وَيُقَالُ: إِنَّ مَكَّةَ مِنْ أَرض تِهامَةَ، وتِهامَةُ مِنْ أَرض اليَمن، وَمِنْ هَذَا يُقَالُ لِلْكَعْبَةِ يَمَانية، وَلِهَذَا سُمِّيَ مَا وَلِيَ مكةَ مِنْ أَرض الْيَمَنِ وَاتَّصَلَ بِهَا التَّهائمَ، فَمَكَّةُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَمَانية، فَقَالَ: الإِيمانُ يَمَانٍ، عَلَى هَذَا؛ وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرَ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ هَذَا الْقَوْلَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بتَبُوك، ومكّةُ والمدينةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اليَمن، فأَشار إِلَى نَاحِيَةِ اليَمن، وَهُوَ يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ أَي هُوَ مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ؛ ومثلُ هَذَا قولُ النَّابِغَةِ يذُمُّ يَزِيدَ بْنَ الصَّعِق وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ قِيسٍ:
وكنتَ أَمِينَه لَوْ لَمْ تَخُنْهُ، ... وَلَكِنْ لَا أَمانَةَ لليمَانِي
وَذَلِكَ أَنه كَانَ مِمَّا يَلِي الْيَمَنَ؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ قِيسٍ:
طافَ الخيالُ بِنَا رَكْباً يَمانِينا
فَنَسَبَ نَفْسَهُ إِلَى الْيَمَنِ لأَن الْخَيَالَ طَرَقَه وَهُوَ يَسِيرُ نَاحِيَتَهَا، وَلِهَذَا قَالُوا سُهَيْلٌ اليَمانيّ لأَنه يُرى مِنْ نَاحِيَةِ اليمَنِ. قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وَذَهَبُ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنَى بِهَذَا الْقَوْلِ الأَنصارَ لأَنهم يَمانُونَ، وَهُمْ نَصَرُوا الإِسلام والمؤْمنين وآوَوْهُم فنَسب الإِيمانَ إِلَيْهِمْ، قَالَ: وَهُوَ أَحسن الْوُجُوهِ؛ قَالَ: وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ لَمَّا وَفَدَ عَلَيْهِ وفْدُ الْيَمَنِ: أَتاكم أَهلُ اليَمن هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وأَرَقُّ أَفْئِدَة، الإِيمانُ يَمانٍ والحكمةُ يَمانِيةٌ.
وَقَوْلُهُمْ: رجلٌ يمانٍ مَنْسُوبٌ إِلَى الْيَمَنِ، كَانَ فِي الأَصل يَمَنِيّ، فَزَادُوا أَلفاً وَحَذَفُوا يَاءَ النِّسْبَةِ، وَكَذَلِكَ قَالُوا رَجُلٌ شَآمٍ، كَانَ فِي الأَصل شأْمِيّ، فَزَادُوا أَلفاً وَحَذَفُوا يَاءَ النِّسْبَةِ، وتِهامَةُ كَانَ فِي الأَصل تَهَمَةَ فَزَادُوا أَلفاً وَقَالُوا تَهامٍ. قَالَ الأَزهري: وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: اليَمَنُ بلادٌ لِلْعَرَبِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا يَمَنِيٌّ ويَمانٍ، مُخَفَّفَةٌ، والأَلف عِوَضٌ مِنْ يَاءِ النَّسَبِ فَلَا يَجْتَمِعَانِ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ يَمَانِيٌّ، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ أُميَّة بْنُ خَلَفٍ:
يَمانِيّاً يَظَلُّ يَشُدُّ كِيراً، ... ويَنْفُخُ دائِماً لَهَبَ الشُّوَاظِ
وَقَالَ آخَرُ:
ويَهْماء يَسْتافُ الدليلُ تُرابَها، ... وَلَيْسَ بِهَا إِلَّا اليَمانِيُّ مُحْلِفُ
وَقَوْمٌ يَمانية ويَمانُون: مِثْلَ ثَمَانِيَةٌ وَثَمَانُونَ، وامرأَة يَمانية أَيضاً. وأَيْمَن الرجلُ ويَمَّنَ ويامَنَ إِذَا أَتى