للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سانَهْتُ، ومَرَّةً مِنَ الْوَاوِ لِقَوْلِهِمْ سَنَوات، وأَسْنَتُوا لأَن التَّاءَ فِي أَسْنَتُوا، وإِن كَانَتْ بَدَلًا مِنَ الْيَاءِ، فأَصلُها الواوُ إِنَّما انْقَلَبَتْ يَاءً لِلْمُجَاوَزَةِ، وأَما عِضاهٌ فَيَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ مِنْ الْجَمْعِ الَّذِي يُفَارِقُ واحدَه بِالْهَاءِ كقَتادةٍ وقَتادٍ، وَيُحْتَمَلُ أَن يَكُونُ مُكَسَّرًا كأَن واحدتَه عِضَهَةٌ، وَالنَّسَبُ إِلى عِضَهٍ عِضَوِيٌّ وعِضَهِيٌّ، فأَما قَوْلُهُمْ عِضاهِيٌّ فإِن كَانَ مَنْسُوبًا إِلى عَضَّةٍ فَهُوَ مِنْ شاذِّ النَّسَبِ، وإِن كَانَ مَنْسُوبًا إِلى العِضاه فَهُوَ مردودٌ إِلى وَاحِدِهَا، وواحدُها عضاهةٌ، وَلَا يَكُونُ مَنْسُوبًا إِلى الْعِضَاهِ الَّذِي هُوَ الْجَمْعُ، لأَن هَذَا الْجَمْعَ وإِن أَشْبَهَ الْوَاحِدَ فَهُوَ فِي مَعْنَاهُ جَمْعٌ، أَلا تَرَى أَن مَنْ أَضافَ إِلى تَمْرٍ فَقَالَ تَمْريّ لَمْ يَنْسُب إِلى تَمْرٍ إِنما نسَبَ إِلى تَمْرةٍ، وَحَذَفَ الْهَاءَ لأَن يَاءَ النَّسَبِ وهاءَ التأْنيث تَتَعاقَبان؟ وَالنَّحْوِيُّونَ يَقُولُونَ: العِضاهُ الَّذِي فِيهِ الشَّوْك، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي كلَّ شجرةٍ عظيمةٍ وكلَّ شَيْءٍ جَازَ البَقْلَ العِضاهَ. وَقَالَ: السَّرْحُ كلُّ شَجَرَةٍ لَا شَوْكَ لَهَا، وَقِيلَ: العِضاه كلُّ شَجَرَةٍ جَازَتِ البُقول كَانَ لَهَا شَوْكٌ أَو لَمْ يَكُنْ، والزَّيْتُونُ مِنِ العِضاه، والنَّخْل مِنِ العِضاه. أَبو زَيْدٍ: العضاهُ يَقَع عَلَى شجرٍ من شجر الشَّوْك، وَلَهُ أَسماءٌ مُخْتَلِفَةٌ يَجْمَعُهَا العِضاهُ، وإِنما العِضاهُ الخالصُ مِنْهُ مَا عَظُمَ واشتدَّ شوكُه. قَالَ: وَمَا صَغُر مِنْ شَجَرِ الشَّوْك فإِنه يُقَالُ لَهُ العِضُّ والشِّرْسُ. قَالَ: والعِضُّ والشِّرْسُ لَا يُدْعَيانِ عِضاهاً. وَفِي الصِّحَاحِ: العِضاه كلُّ شَجَرٍ يَعْظُم وَلَهُ شَوْكٌ؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلشَّمَّاخِ:

يُبادِرْنَ العِضاهَ بمُقْنعاتٍ، ... نواجذُهُنَّ كالحِدَإِ الوَقيعِ

وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: خَالِصٌ وَغَيْرُ خالصٍ، فالخالصُ الغَرْفُ والطَّلْحُ والسَّلَم والسِّدْر والسَّيَال والسَّمُر واليَنْبوتُ والعُرْفُطُ والقَتادُ الأَعظمُ والكَنَهْبُلُ والغَرَبُ والعَوْسَجُ، وَمَا لَيْسَ بِخَالِصٍ فالشَّوْحَطُ والنَّبْعُ والشِّرْيانُ والسَّرَاءُ والنَّشَمُ والعُجْرُمُ والعِجْرِمُ والتَّأْلَبُ، فَهَذِهِ تُدْعَى عِضاهَ القِياسِ مِنَ القَوْسِ، وَمَا صَغُرَ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ فَهُوَ العِضُّ، وَمَا لَيْسَ بعِضٍّ وَلَا عِضاهٍ مِنْ شَجَرِ الشَّوْكِ فالشُّكاعَى والحُلاوَى والحاذُ والكُبُّ والسُّلَّجُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِذا جِئْتُمْ أُحُداً فكُلُوا مِنْ شَجَرِهِ أَو مِنْ عِضاهِه

؛ العِضاهُ: شجرُ أُمِّ غَيْلانَ وكلُّ شَجَرٍ عَظُمَ لَهُ شوكٌ، الواحدَةُ عِضَةٌ، بِالتَّاءِ، وأَصلها عِضْهَةٌ. وعَضِهَتِ الإِبلُ، بِالْكَسْرِ، تَعْضَهُ عَضَها إِذا رَعَتِ العِضاهَ. وأَعْضَهَ القومُ: رَعَتْ إِبلُهم العِضاه وبعيرٌ عاضِهٌ وعَضِهٌ: يَرْعَى الْعِضَاهَ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي عُبَيْدَةَ: حَتَّى إِن شِدْق أَحَدهم بِمَنْزِلَةِ مِشْفَر الْبَعِيرِ العَضِه

؛ هُوَ الَّذِي يَرْعَى الْعِضَاهَ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي يَشْتَكِي مِنْ أَكل الْعِضَاهِ، فأَما الَّذِي يأْكل العِضاهَ فَهُوَ العاضِهُ، وَنَاقَةٌ عاضِهَةٌ وعاضِهٌ كَذَلِكَ، وجِمالٌ عَواضِهُ وَبَعِيرٌ عَضِهٌ يَكُونُ الراعِيَ العِضاهَ والشاكِيَ مِنْ أَكلها؛ قَالَ هِمْيانُ بْنُ قُحافَةَ السَّعْدِيّ:

وقَرَّبوا كلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ، ... قَرِيبةٍ نُدْوَتُه مِنْ مَحْمَضِهْ،

أَبْقَى السِّنافُ أَثراً بأَنْهُضِهْ

قَوْلُهُ كلَّ جُمالِيٍّ عَضِه؛ أَراد كُلَّ جُماليَّةٍ وَلَا يَعْني بِهِ الجملَ لأَن الْجُمَلَ لَا يُضَافُ إِلى نَفْسِهِ، وإِنما يُقَالُ فِي النَّاقَةِ جُمالِيَّة تَشْبِيهًا لَهَا بِالْجُمَلِ كَمَا قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

جُمالِيَّةٌ حَرْفٌ سِنادٌ يَشُلُّها

وَلَكِنَّهُ ذكَّره عَلَى لَفْظِ كُلَّ فَقَالَ: كلَّ جُمالِيٍّ عَضِهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>