والنُّدْهَةُ، بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّهَا: الْكَثْرَةُ مِنَ الْمَالِ مِنْ صامِتٍ أَو مَاشِيَةٍ؛ وأَنشد قَوْلَ جمِيل:
فكيْفَ، وَلَا تُوفِي دماؤُهمُ دَمِي، ... وَلَا مالُهُمْ ذُو نَدْهَةٍ فيَدُونِي؟
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عِنْدَهُ نَدْهَةٌ مِنْ صامِتٍ وماشيةٍ ونُدْهَةٌ، وَهِيَ الْعِشْرُونَ مِنَ الْغَنَمِ ونحوِها، والمائةُ مِنَ الإِبل أَو قُرَابتُها، والأَلف مِنَ الصَّامِتِ أَو نَحْوِهِ. الأَصمعي: وَكَانَ يُقَالُ للمرأَة فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا طُلِّقَت إذْهَبي فَلَا أَنْدَهُ سَرْبَكِ، فَكَانَتْ تَطْلُقُ، قَالَ: والأَصل فِيهِ أَنه يَقُولُ لَهَا اذْهَبي إِلَى أَهلِك فَإِنِّي لَا أَحفظ عَلَيْكِ مالكِ وَلَا أَرُدُّ إبلَكِ عَنْ مَذْهَبِهَا، وَقَدْ أَهملتها لِتَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَتْ؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَي لَا أَرُدُّ إِبِلَكَ لِتَذْهَبَ حيث شاءت.
نزه: النُّزْهَةُ: مَعْرُوفَةٌ. والتَّنَزُّهُ: التَّبَاعُدُ، والإِسم النُّزْهةُ. ومكانٌ نَزِهٌ ونَزِيهٌ، وَقَدْ نَزِهَ نَزَاهَةً ونَزَاهِيةً، وَقَدْ نَزِهَتِ الأَرضُ، بِالْكَسْرِ وأَرضٌ نَزْهَةٌ ونَزِهَةٌ بَعِيدَةٌ عَذْبَةٌ نَائِيَةٌ مِنَ الأَنْداءِ والمياهِ والغَمَقِ. الْجَوْهَرِيُّ: وَخَرَجْنَا نتَنَزَّهُ فِي الرِّياضِ، وأَصله مِنَ البُعْدِ، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ، بالكسر. وَيُقَالُ: ظَلِلْنا مُتَنَزِّهِينَ إِذَا تَبَاعَدُوا عَنِ الْمِيَاهِ. وَهُوَ يتنَزَّهُ عَنِ الشَّيْءِ إِذَا تباعد عَنْهُ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: الجابِيَةُ أَرضٌ نَزِهَةٌ
أَي بَعِيدَةٌ عَنِ الوَباء. والجابِيَةُ: قَرْيَةٌ بدمشْقَ. ابْنُ سِيدَهْ: وتنزَّهَ الإِنسانُ خَرَجَ إِلَى الأَرض النَّزِهَةِ، قَالَ: وَالْعَامَّةُ يَضَعُونَ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ ويَغْلَطُونَ فَيَقُولُونَ خَرَجْنَا نتَنزَّهُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْبَسَاتِينِ فَيَجْعَلُونَ التَّنزُّهَ الخروجَ إِلَى الْبَسَاتِينِ والخُضَر والرِّياض، وَإِنَّمَا التَّنزُّهُ التباعدُ عَنِ الأَرياف وَالْمِيَاهِ حَيْثُ لَا يَكُونُ ماءٌ وَلَا نَدىً وَلَا جَمْعُ ناسٍ، وَذَلِكَ شِقُّ الْبَادِيَةِ، وَمِنْهُ قِيلَ: فلانٌ يتَنَزَّهُ عن الأَقذار ويُنَزِّهُ نفْسَه عَنْهَا أَي يُباعد نَفْسَهُ عَنْهَا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أُسامة بْنُ حَبِيبٍ الْهُذَلِيُّ:
كأَسْحَمَ فَرْدٍ عل حافةٍ، ... يُشَرِّدُ عَنْ كَتِفيْهِ الذُّبابا
أَقَبَّ رَباعٍ بِنُزْهِ الفَلاةِ، ... لَا يَرِدُ الماءَ إِلَّا ائتِيابا
وَيُرْوَى: إِلَّا انْتِيابا، يُرِيدُ مَا تَبَاعَدَ مِنَ الْفَلَاةِ عَنِ الْمِيَاهِ والأَرياف. وَفِي حَدِيثِ
عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: صنَعَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شَيْئًا فرَخَّصَ فِيهِ فتَنَزَّهَ عَنْهُ قومٌ
أَي تَرَكُوهُ وأَبعدوا عَنْهُ ولم يَعْمَلوا بالرُّخْصة فِيهِ. وَقَدْ نَزُهَ نَزاهةً وتَنَزَّهَ تنَزُّهاً إِذَا بَعُدَ. وَرَجُلٌ نَزْهُ الخُلُقِ ونَزِهُهُ ونازِهُ النَّفْس: عَفِيفٌ مْتكَرِّمٌ يَحُلُّ وحْدَهُ وَلَا يُخَالِطُ الْبُيُوتَ بِنَفْسِهِ وَلَا مَالِهِ، وَالْجَمْعُ نُزَهاءُ ونَزِهُونَ ونِزَاهٌ، والاسمُ النَّزْهُ والنَّزاهةُ. ونَزَّهَ نفْسَه عَنِ الْقَبِيحِ: نَحّاها. ونزَّهَ الرجلَ: بَاعَدَهُ عَنِ الْقَبِيحِ. والنَّزاهةُ: الْبُعْدُ عَنِ السُّوءِ. وَإِنَّ فُلَانًا لنَزِيهٌ كريمٌ إِذَا كَانَ بَعِيدًا مِنَ اللُّؤْمِ، وَهُوَ نزِيهُ الخُلُقِ. وَفُلَانٌ يتَنزَّهُ عَنْ مَلائمِ الأَخلاق أَي يتَرَفَّعُ عَمَّا يُذَمُّ مِنْهَا. الأَزهري: التَّنَزُّهُ رَفْعُه نفْسَه عَنِ الشَّيْءِ تكَرُّماً وَرَغْبَةً عَنْهُ. والتَّنزِيهُ: تَسْبِيحُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وإبعادُهُ عَمَّا يَقُولُ الْمُشْرِكُونَ. الأَزهري: تَنْزِيهُ اللَّهِ تبعيدُه وتقديسُه عَنِ الأَنداد والأَشباه، وَإِنَّمَا قِيلَ لِلْفَلَاةِ الَّتِي نأَتْ عَنِ الرِّيفِ وَالْمِيَاهِ نزِيهةٌ لِبُعْدِهَا عَنْ غَمَقِ الْمِيَاهِ وذِبّانِ القُرى وومَدِ الْبِحَارِ وَفَسَادِ الْهَوَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَلَا يَمُرُّ بآيةٍ فِيهَا تَنْزِيهُ اللَّهِ إِلَّا نزَّهَهُ
؛ أَصل النُّزْهِ البعدُ، وتَنْزِيهُ اللَّهِ تبعيدُه عَمَّا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ مِنَ النَّقَائِصِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ فِي تَفْسِيرِ سُبْحَانَ اللَّهِ: