للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

امْرُؤُ الْقَيْسِ:

أَصاحِ، تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَه، ... كَلَمْعِ اليَدَيْنِ فِي حَبِيٍّ مُكَلَّلِ

قَالَ: والحَبَا مِثْلُ العَصا مثْلُه، وَيُقَالُ: سُمِّيَ لدنُوِّه مِنَ الأَرض. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي مِثْلَ الحَبِيِّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَصِفُ جَعبة السِّهَامِ:

هِيَ ابْنةُ حَوْبٍ أُمُّ تِسعين آزَرَتْ ... أَخاً ثِقةً يَمْرِي حَبَاها ذَوائِبُه

والحَبِيُّ: سَحَابٌ فَوْقَ سَحَابٍ. والحَبْوُ: امْتِلَاءُ السَّحَابِ بِالْمَاءِ. وكلُّ دانٍ فَهُوَ حَابٍ. وَفِي الْحَدِيثِ حَدِيثِ

وَهْبٍ: كأَنه الجبلُ الحَابِي

، يَعْنِي الثقيلَ المُشْرِفَ. والحَبِيُّ مِنَ السَّحَابِ: المُتَراكِمُ. وحَبَا البعيرُ حَبْواً: كُلِّفَ تَسَنُّمَ صَعْبِ الرَّمْلِ فأَشرَف بِصَدْرِهِ ثُمَّ زحَف؛ قَالَ رُؤْبَةُ:

أَوْدَيْتَ إِن لَمْ تَحْبُ حَبْوَ المُعْتَنِك

وَمَا جَاءَ إِلَّا حَبْواً أَي زَحْفاً. وَيُقَالُ مَا نَجا فُلَانٌ إِلا حَبْواً. والحَابِي مِنَ السِّهام: الَّذِي يَزْحَف إِلى الهَدَف إِذا رُمِيَ بِهِ. الْجَوْهَرِيُّ: حَبَا السهمُ إِذا زَلَجَ عَلَى الأَرض ثُمَّ أَصاب الهَدَف. وَيُقَالُ: رَمَى ف أَحْبَى أَي وَقَعَ سهمُه دُونَ الغرَض ثُمَّ تَقافَزَ حَتَّى يُصِيبَ الْغَرَضَ. وَفِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِنَّ حَابِياً خيرٌ مِنْ زاهِقٍ.

قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: الحَابِي مِنَ السِّهَامِ هُوَ الَّذِي يَقَعُ دُونَ الهَدَف ثُمَّ يَزْحَفُ إِليه عَلَى الأَرض، يُقَالُ: حَبَا يَحْبُو، وإِن أَصاب الرُّقْعة فَهُوَ خازِقٌ وخاسِق، فإِن جَاوَزَ الهدَف وَوَقَعَ خلْفه فَهُوَ زاهِقٌ؛ أَراد أَن الحابِيَ، وإِن كَانَ ضَعِيفًا وَقَدْ أَصاب الهدَف، خَيْرٌ مِنَ الزَّاهِقِ الَّذِي جازَه بشدَّة مَرِّه وَقُوَّتِهِ وَلَمْ يُصِبِ الهدَف؛ ضرَب السَّهْمَيْنِ مَثَلًا لِوالِيَيْن أَحدهما يَنَالُ الْحَقَّ أَو بعضَه وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْآخَرُ يَجُوزُ الحقَّ ويَبْعد، عَنْهُ وَهُوَ. قويٌّ. وحَبَا المالُ حَبْواً: رَزَمَ فَلَمْ يَتَحَرَّك هُزالًا. وحَبَت السفينةُ: جَرَتْ. وحَبَا لَهُ الشيءُ، فَهُوَ حَابٍ وحَبِيٌّ: اعْتَرَضَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ قُرْقُوراً:

فَهْوَ إِذا حَبَا لَهُ حَبِيُ

فَمَعْنَى إِذا حَبَا لَهُ حَبِيٌّ: اعترضَ لَهُ مَوْجٌ. والحِبَاءُ: مَا يَحْبُو بِهِ الرجلُ صاحَبه وَيُكْرِمُهُ بِهِ. والحِبَاءُ: مِنَ الاحْتِبَاءِ؛ وَيُقَالُ فِيهِ الحُباءُ، بِضَمِّ الْحَاءِ، حَكَاهُمَا الْكِسَائِيُّ، جَاءَ بِهِمَا فِي بَابِ الْمَمْدُودِ. وحَبَا الرجلَ حَبْوةً أَي أَعطاه. ابْنُ سِيدَهْ: وحَبَا الرجُلَ حَبْواً أَعطاهُ، والاسم الحَبْوَة والحِبْوَة [الحُبْوَة] والحِبَاءُ، وَجَعَلَ اللِّحْيَانِيُّ جَمِيعَ ذَلِكَ مَصَادِرَ؛ وَقِيلَ: الحِبَاءُ العَطاء بِلَا مَنٍّ وَلَا جَزاءٍ، وَقِيلَ: حَبَاه أَعطاه ومَنَعَه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي لَمْ يَحْكِهِ غَيْرُهُ. وَتَقُولُ: حَبَوْته أَحْبُوه حِباءً، وَمِنْهُ اشتُقّت المُحَابَاة، وحَابَيْتُه فِي الْبَيْعِ مُحَابَاة، والحِبَاءُ: الْعَطَاءُ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

خالِي الذَّي اغْتَصَبَ المُلُوكَ نُفُوسَهُم، ... وإِلَيْه كَانَ حِبَاءُ جَفْنَةَ يُنْقَلُ

وَفِي حَدِيثِ صَلَاةِ التَّسْبِيحِ:

أَلا أَمْنَحُكَ أَلا أَحْبُوكَ؟

حَبَاه كَذَا إِذا أَعطاه. ابْنُ سِيدَهْ: حَبَا مَا حَوْله يَحْبُوه حَماهُ وَمَنَعَهُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

ورَاحَتِ الشَّوْلُ ولَمْ يَحْبُها ... فَحْلٌ، وَلَمْ يَعْتَسَّ فِيهَا مُدِرّ «١»

. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: لَمْ يَحْبُها لم يتلفت إِليها أَي أَنَّهُ شُغِل بِنَفْسِهِ، وَلَوْلَا شُغْلُهُ بِنَفْسِهِ لحازَها وَلَمْ يُفَارِقْهَا؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَذَلِكَ حَبَّى مَا حَوْله تَحْبِيَة.


(١). قوله [وَلَمْ يَعْتَسَّ فِيهَا مُدِرْ] أي لم يطف فيها حالب يحلبها انتهى تهذيب

<<  <  ج: ص:  >  >>