فَقَالَ: أَراك قَدْ حَفَوْتَنا ثَوابَها
أَي مَنَعتَنا ثَوَابَ السَّلَامِ حَيْثُ استَوْفَيت عَلَيْنَا فِي الردِّ، وَقِيلَ: أَراد تَقَصَّيْتَ ثوابَها وَاسْتَوْفَيْتَهُ عَلَيْنَا. وحَافَى الرجلَ مُحَافَاةً: مارَاه ونازَعه فِي الْكَلَامِ. وحَفِيَ بِهِ حِفَايةً، فَهُوَ حَافٍ وحَفِيٌّ، وتَحَفَّى واحْتَفَى: لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ والفَرَحَ بِهِ وأَكثر السُّؤَالَ عَنْ حَالِهِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنَّ عَجُوزًا دخلَت عَلَيْهِ فسَأَلها فأَحْفَى وَقَالَ: إنَّها كَانَتْ تَأْتِينا فِي زَمَن خَدِيجَة وإنَّ كَرَم العَهْدِ مِنَ الإِيمان.
يُقَالُ: أَحْفَى فُلَانٌ بصاحبه وحَفِيَ به وتَحَفَّى بِهِ أَي بالَغَ فِي بِرِّهِ وَالسُّؤَالِ عَنْ حَالِهِ. وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ: فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه.
وَحَدِيثُ
عَلِيٍّ: إنَّ الأَشْعَثَ سَلَّم عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ بغَيْر تَحَفّ
أَي غيرَ مُبالِغٍ فِي الرَّدِّ والسُّؤَالِ. والحَفَاوَة، بِالْفَتْحِ: المُبالَغةُ فِي السؤَال عَنِ الرَّجُلِ والعنايةُ فِي أَمرهِ. وَفِي الْمَثَلِ: مَأْرُبَةٌ لَا حَفاوةٌ؛ تَقُولُ مِنْهُ: حَفِيت، بِالْكَسْرِ، حَفاوةً. وتَحَفَّيْت بِهِ أَي بالَغْت فِي إكْرامِه وإلْطافِه وحَفِيَ الفرسُ: انْسَحَجَ حافِرهُ. والإِحْفاء: الاسْتِقْصاء فِي الْكَلَامِ والمُنازَعَةُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الحرث بْنِ حِلِّزة:
إِنَّ إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُونَ ... عَلَيْنا، فِي قيلِهِم إحْفَاءُ
أَي يَقَعون فِينَا. وحَافَى الرجلَ: نازَعَه فِي الْكَلَامِ وَمَارَاهُ. الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا
؛ أَي يُجْهِدْكُم. وأَحْفَيْتُ الرجلَ إِذَا أَجْهَدْتَه. وأَحْفَاه: بَرَّحَ بِهِ فِي الإِلحاحِ عَلَيْهِ، أَو سأَله فأَكْثَر عَلَيْهِ فِي الطَّلَبِ، وأَحْفَى السؤالَ كَذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ
أَنس: أَنهم سأَلوا النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، حَتَّى أَحْفَوْه
أَي اسْتَقْصَوْا فِي السؤالِ. وَفِي حَدِيثِ السِّواكِ:
لَزِمْتُ السِّواكَ حَتَّى كِدْتُ أُحْفِي فَمِي
أَي أَسْتَقْصِي عَلَى أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: يسأَلونك عَنْ أَمر الْقِيَامَةِ كأَنك فرحٌ بِسُؤَالِهِمْ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ كأَنك أَكثرت المسأَلة عَنْهَا، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: فِيهِ تَقْدِيمٌ وتأْخير، مَعْنَاهُ يسأَلونك عَنْهَا كأَنك حفِيٌّ بِهَا؛ قَالَ: وَيُقَالُ فِي التَّفْسِيرِ كأَنك حَفِيٌّ عَنْهَا كأَنك عَالِمٌ بِهَا، مَعْنَاهُ حافٍ عَالِمٌ. وَيُقَالُ: تحافَيْنا إِلَى السُّلْطَانِ فَرَفَعَنَا إِلَى الْقَاضِي، وَالْقَاضِي يُسَمَّى الحَافِيَ. وَيُقَالُ: تَحَفَّيْتُ بِفُلَانٍ فِي المسأَلة إِذَا سأَلت بِهِ سُؤَالًا أَظهرت فِيهِ المحَبَّةَ والبِرَّ، قَالَ: وَقِيلَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها
كأَنك أَكثرت المسأَلة عَنْهَا، وَقِيلَ: كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها
كأَنك مَعْنِيٌّ بِهَا، وَيُقَالُ: الْمَعْنَى يسأَلونك كأَنك سَائِلٌ عَنْهَا. وَقَوْلُهُ: إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا
؛ مَعْنَاهُ كَانَ بِي مَعْنِيّاً؛ وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ كَانَ بِي عَالِمًا لَطِيفًا يُجِيبُ دَعْوَتِي إِذَا دَعَوْتُهُ. وَيُقَالُ: تحَفَّى فلان بفلان مَعْنَاهُ أَنه أَظهر العِناية فِي سؤَاله إِيَّاهُ. يُقَالُ: فُلَانٌ بِي حَفِيٌّ إِذَا كَانَ مَعْنِيّاً؛ وأَنشد للأَعشى:
فَإِنْ تَسْأَلي عنِّي، فَيَا رُبَّ سائِلٍ ... حَفِيّ عَنِ الأَعْشى بِهِ حَيْثُ أَصعَدا
مَعْنَاهُ: مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عَنْهُ. ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ لَقِيتُ فُلَانًا فَحَفِيَ بِي حَفَاوَة وتَحَفَّى بِي تَحَفِّياً. الْجَوْهَرِيُّ: الحَفِيُّ الْعَالِمُ الَّذِي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء. والحَفِيُّ: المُسْتَقْصي فِي السُّؤَالِ. واحْتَفَى البَقْلَ: اقْتَلعَه مِنْ وَجْهِ الأَرض. وَقَالَ أَبو حَنِيفَة: الاحْتِفَاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير مِنَ الأَرض. وَفِي حَدِيثِ المضْطَرّ الَّذِي سأَل النبيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَتى تَحِلُّ لَنَا المَيْتَةُ؟ فَقَالَ: مَا لَمْ