تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَوْ تَحْتَفِيُوا بِهَا بَقْلًا فشَأْنَكُم بِهَا
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مِنَ الحَفا، مَهْمُوزٌ مَقْصُورٌ، وَهُوَ أَصل البَرْدي الأَبيض الرَّطبِ مِنْهُ، وَهُوَ يُؤْكَل، فتأَوَّله فِي قَوْلِهِ تَحْتَفِيُوا، يَقُولُ: مَا لَمْ تَقْتَلِعُوا هَذَا بعَيْنه فتأْكلوه، وَقِيلَ: أَي إِذَا لَمْ تَجِدُوا فِي الأَرض مِنَ الْبَقْلِ شَيْئًا، وَلَوْ بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قَضَينا عَلَى أَنّ اللَّامَ فِي هَذِهِ الْكَلِمَاتِ يَاءٌ لَا وَاوٌ لِمَا قِيلَ مِنْ أَن اللَّامَ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا. الأَزهري: وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِهِ أَو تَحْتَفِيُوا بَقْلًا فشَأْنَكُم بِهَا؛ صَوَابُهُ تَحْتَفُوا، بِتَخْفِيفِ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ. وكلُّ شَيْءٍ اسْتُؤْصل فَقَدِ احْتُفِيَ، وَمِنْهُ إحْفاءُ الشَّعَرِ. قَالَ: واحْتَفَى البَقْلَ إِذَا أَخَذَه مِنْ وَجْهِ الأَرض بأَطراف أَصابعه مِنْ قِصَرِهِ وقِلَّته؛ قَالَ: وَمَنْ قَالَ تَحْتَفِئُوا بِالْهَمْزِ مِنَ الحَفإ البَرْدِيّ فَهُوَ بَاطِلٌ لأَن البَرْدِيَّ لَيْسَ مِنَ الْبَقْلِ، والبُقُول مَا نَبَتَ مِنَ العُشْب عَلَى وَجْهِ الأَرض مِمَّا لَا عِرْق لَهُ، قَالَ: وَلَا بَرْدِيَّ فِي بِلَادِ الْعَرَبِ، وَيُرْوَى:
مَا لَمْ تَجْتَفِئُوا
، بِالْجِيمِ، قَالَ: والاجْتِفاء أَيضاً بِالْجِيمِ بَاطِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِيَةَ إِذَا جَفَأْتَها، وَيُرْوَى:
مَا لَمْ تَحْتَفُّوا
، بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، مِنَ احْتَفَفْت الشَّيْءَ إِذَا أَخذتَه كُلَّهُ كَمَا تَحُفُّ المرأَة وَجْهَهَا مِنَ الشَّعْرِ، وَيُرْوَى بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ كُلْثُومٍ: احْتَفَى القومُ المَرْعى إِذَا رَعَوْهُ فَلَمْ يَتْرُكُوا مِنْهُ شَيْئًا؛ وَقَالَ فِي قَوْلِ الْكُمَيْتِ:
وشُبِّه بالحِفْوة [بالحَفْوة] المُنْقَلُ
قَالَ: المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ مِنْ مَرْعىً احْتَفَوْه إِلَى مَرْعىً آخَرَ. الأَزهري: وَتَكُونُ الحَفْوَة [الحِفْوَة] مِنَ الحَافِي الَّذِي لَا نَعْلَ لَهُ وَلَا خُفَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وشُبِّه بالِحفْوَة المُنْقَلُ
وَفِي حَدِيثِ السِّباق ذَكَرَ الحَفْيَاء، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَميال، وَبَعْضُهُمْ يُقَدِّمُ الْيَاءَ عَلَى الْفَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
حقا: الحَقْوُ والحِقْوُ: الكَشْحُ، وَقِيلَ: مَعْقِدُ الإِزار، وَالْجَمْعُ أَحْقٍ وأَحْقَاء وحِقِيٌّ وحِقَاء، وفي الصحاح: الحِقْ والخَصْرُ ومَشَدُّ الإِزار مِنَ الجَنْب. يُقَالُ: أَخذت بحَقْوِ فُلَانٍ. وَفِي حَدِيثِ صِلةِ الرَّحِمِ
قَالَ: قَامَتِ الرَّحِمُ فأَخَذَت بِحَقْو العَرْشِ
؛ لمَّا جعلَ الرَّحِمَ شَجْنة مِنَ الرَّحْمَنِ اسْتَعَارَ لَهَا الِاسْتِمْسَاكَ بِهِ كَمَا يَستمسك القريبُ بِقَرِيبِهِ والنَّسيب بنسيبه، والحِقْو [الحَقْو] فِيهِ مَجَازٌ وَتَمْثِيلٌ. وَفِي حَدِيثِ
النُّعمان يَوْمَ نِهاوَنْدَ [نُهاوَنْدَ]: تَعاهَدُوها بَيْنكم فِي أَحْقِيكمْ
؛ الأَحْقِي: جَمْعُ قِلَّةٍ للحَقْو مَوْضِعُ الإِزار. وَيُقَالُ: رَمى فلانٌ بحَقْوِه إِذَا رَمى بِإِزَارِهِ. وحَقاهُ حَقواً: أَصابَ حَقْوَه. والحَقْوانِ والحِقْوانِ: الخاصِرَتان. ورجلٌ حَقٍ: يَشْتَكي حَقْوَه [حِقْوَه]؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. وحُقِيَ حَقْواً، فَهُوَ مَحْقُوٌّ ومَحْقِيٌّ: شَكا حَقْوه؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: بُنِيَ عَلَى فُعِلَ كَقَوْلِهِ:
مَا أَنا بِالْجَافِي وَلَا المَجْفِيِ
قَالَ: بَنَاهُ عَلَى جُفِيَ، وأَما سِيبَوَيْهِ فَقَالَ: إِنَّمَا فَعَلوا ذَلِكَ لأَنهم يَميلون إِلَى الأَخَفِّ إِذِ الْيَاءُ أَخَفُّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْوَاوِ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَدْخُلُ عَلَى الأُخْرى فِي الأَكثر، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: عُذْتُ بحَقْوِه إِذَا عَاذَ بِهِ ليَمْنَعه؛ قَالَ:
سَماعَ اللهِ والعلماءِ أَنِّي ... أَعوذُ بحَقْوِ خَالِكَ، يَا ابنَ عَمْرِو