للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَعْدَهُمْ كَحَيَاتِهِمْ، ثُمَّ قَالُوا: وَتَمُوتُ أَولادُنا فَلَا نَحْيا وَلَا هُمْ. وَفِي حَدِيثِ حُنَيْنٍ قَالَ للأَنصار:

المَحْيَا مَحْيَاكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ

؛ المَحْيا: مَفْعَلٌ مِنَ الحَياة وَيَقَعُ عَلَى الْمَصْدَرِ وَالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ

؛ أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثُمَّ أَحْيَيْتَنا ثُمَّ أَمَتَّنا بعدُ ثُمَّ بَعَثْتَنا بَعْدَ الْمَوْتِ، قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ التَّفْسِيرِ أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى المَيْتَتَيْنِ أَن يَحْيا فِي الْقَبْرِ ثُمَّ يَمُوتَ، فَذَلِكَ أَدَلُّ عَلَى أَحْيَيْتَنا وأَمَتَّنا، والأَول أَكثر فِي التَّفْسِيرِ. واسْتَحْيَاه: أَبقاهُ حَيّاً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: استَحْيَاه استَبقاه وَلَمْ يَقْتُلْهُ، وَبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ*

؛ أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً

؛ أَي لَا يسْتَبْقي. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ حَايَيْتُ النارَ بالنَّفْخِ كَقَوْلِكَ أَحْيَيْتُها؛ قَالَ الأَصمعي: أَنشد بعضُ الْعَرَبِ بيتَ ذِي الرُّمَّةِ:

فقُلْتُ لَهُ: ارْفَعْها إليكَ وحَايِهَا ... برُوحِكَ، واقْتَتْه لَهَا قِيتَةً قَدْرا

وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: حَيَّتِ النَّارُ تَحَيُّ حَيَاة، فَهِيَ حَيَّة، كَمَا تَقُولُ ماتَتْ، فَهِيَ مَيْتَةٌ؛ وَقَوْلُهُ:

وَنَارٌ قُبَيْلَ الصُّبحِ بادَرْتُ قَدْحَها ... حَيَا النارِ، قَدْ أَوْقَدْتُها للمُسافِرِ

أَراد حياةَ النارِ فَحَذَفَ الْهَاءَ؛ وَرَوَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده:

أَلا حَيَّ لِي مِنْ لَيْلَةِ القَبْرِ أَنَّه ... مآبٌ، ولَوْ كُلِّفْتُه، أَنَا آيبُهْ

أَراد: أَلا أَحَدَ يُنْجِيني مِنْ لَيْلَةِ الْقَبْرِ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ إِذَا ذَكَرَتْ مَيْتًا كُنَّا سَنَةَ كَذَا وَكَذَا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا وحَيُّ عمرٍو مَعَنا، يُرِيدُونَ وعمرٌو مَعَنا حيٌّ بِذَلِكَ الْمَكَانِ. وَيَقُولُونَ: أَتيت فُلَانًا وحَيُّ فلانٍ شاهدٌ وحَيُّ فلانَة شاهدةٌ؛ الْمَعْنَى فُلَانٌ وَفُلَانَةُ إذ ذَاكَ حَيٌّ؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ فِي مِثْلِهِ:

أَلا قَبَح الإِلَهُ بَني زِيادٍ، ... وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ الحِمارِ

أَي قَبَحَ اللَّهُ بَني زِيَادٍ وأَباهُمْ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: أَتانا حَيُّ فُلانٍ أَي أَتانا فِي حَياتِهِ. وسَمِعتُ حَيَّ فُلَانٍ يَقُولُ كَذَا أَي سَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي حَيَاتِهِ. وَقَالَ الكِسائي: يُقَالُ لَا حَيَّ عَنْهُ أَي لَا مَنْعَ مِنْهُ؛ وأَنشد:

ومَنْ يَكُ يَعْيا بالبَيان فإنَّهُ ... أَبُو مَعْقِل، لَا حَيَّ عَنْهُ وَلَا حَدَدْ

قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ لَا يَحُدُّ عَنْهُ شيءٌ، وَرَوَاهُ:

فَإِنْ تَسْأَلُونِي بالبَيانِ فإنَّه ... أَبُو مَعْقِل، لَا حَيَّ عَنْهُ وَلَا حَدَدْ

ابْنُ بَرِّيٍّ: وحَيُّ فلانٍ فلانٌ نَفْسُه؛ وأَنشد أَبو الْحَسَنِ لأَبي الأَسود الدُّؤَلِيِّ:

أَبو بَحْرٍ أَشَدُّ الناسِ مَنّاً ... عَلَيْنَا، بَعدَ حَيِّ أَبي المُغِيرَهْ

أَي بَعْدَ أَبي المُغيرَة. وَيُقَالُ: قَالَهُ حَيُّ رِياح أَي رِياحٌ. وحَيِيَ الْقَوْمُ فِي أَنْفُسِهم وأَحْيَوْا فِي دَوابِّهِم وماشِيَتِهم. الْجَوْهَرِيُّ: أَحْيَا القومُ حَسُنت حالُ مواشِيهمْ، فَإِنْ أَردت أَنفُسَهم قُلْتَ حَيُوا. وأَرضٌ حَيَّة: مُخْصِبة كَمَا قَالُوا فِي الجَدْبِ مَيِّتَةٌ. وأَحْيَيْنا الأَرضَ: وَجَدْنَاهَا حيَّة النباتِ غَضَّة. وأَحْيَا القومُ أَي صَارُوا فِي الحَيا، وَهُوَ الخِصْب. وأَتَيْت الأَرضَ ف أَحْيَيتها أَي وَجَدْتُهَا خِصْبة. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أُحْيِيَت الأَرض إِذَا اسْتُخْرِجَت. وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>