للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِيثِ:

مَنْ أَحْيا مَواتاً فَهو أَحقُّ بِهِ

؛ المَوَات: الأَرض الَّتِي لَمْ يَجْرِ عَلَيْهَا مِلْكُ أَحد، وإحْياؤُها مباشَرَتها بتأْثير شَيْءٍ فِيهَا مِنْ إِحَاطَةٍ أَو زَرْعٍ أَو عِمَارَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَشْبِيهًا بِإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَمْرٍو: قِيلَ سلمانَ أَحْيُوا مَا بَيْنَ العِشاءَيْن

أَي اشْغَلُوهُ بِالصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ وَالذِّكْرِ وَلَا تعطِّلوه فَتَجْعَلُوهُ كَالْمَيِّتِ بعُطْلَته، وَقِيلَ: أَراد لَا تَنَامُوا فِيهِ خَوْفًا مِنْ فَوَاتِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ لأَن النوم موت واليقطة حَيَاةٌ. وإحْياءُ اللَّيْلِ: السَّهَرُ فِيهِ بِالْعِبَادَةِ وَتَرْكِ النَّوْمِ، وَمَرْجِعُ الصِّفَةِ إِلَى صَاحِبِ اللَّيْلِ؛ وَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:

فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً ... سُهُداً، إِذَا مَا نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ

أَي نَامَ فِيهِ، وَيُرِيدُ بِالْعِشَاءَيْنِ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فَغَلَبَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه كَانَ يُصَلِّي الْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّة

أَي صَافِيَةُ اللَّوْنِ لَمْ يَدْخُلْهَا التَّغْيِيرُ بدُنُوِّ المَغِيب، كَأَنَّهُ جَعَلَ مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تَقْدِيمَ وَقْتِهَا. وطَريقٌ حَيٌّ: بَيِّنٌ، وَالْجَمْعُ أَحْياء؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:

إِذَا مَخَارِمُ أَحْياءٍ عَرَضْنَ لَه

وَيُرْوَى: أَحياناً عَرَضْنَ لَهُ. وحَيِيَ الطريقُ: استَبَان، يُقَالُ: إِذَا حَيِيَ لَكَ الطريقُ فخُذْ يَمْنَةً. وأَحْيَت النَّاقَةُ إِذَا حَيِيَ ولَدُها فَهِيَ مُحْيٍ ومُحْيِيَة لَا يَكَادُ يَمُوتُ لَهَا وَلَدٌ. والحِيُّ، بِكَسْرِ الْحَاءِ: جمعُ الحَياةِ. وقال ابن سيده: الحِيُّ الحيَاةُ زَعَموا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

كأنَّها إذِ الحَياةُ حِيُّ، ... وإذْ زَمانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُ

وَكَذَلِكَ الْحَيَوَانُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ

؛ أَي دارُ الحياةِ الدَّائِمَةِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: كَسَرُوا أَوَّل حِيٍّ لِئَلَّا تَتَبَدَّلَ الْيَاءُ وَاوًا كَمَا قَالُوا بِيضٌ وعِينٌ. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الحَياةُ والحَيَوان والحِيِّ مَصادِر، وَتَكُونُ الحَيَاة صِفَةً كالحِيُّ كالصَّمَيانِ لِلسَّرِيعِ. التَّهْذِيبِ: وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: إنَّ الرجلَ لَيُسْأَلُ عَنْ كلِّ شيءٍ حَتَّى عَنْ حَيَّةِ أَهْلِه

؛ قَالَ: مَعْنَاهُ عَنْ كلِّ شيءٍ حَيٍّ فِي مَنْزِلِهِ مثلِ الْهِرِّ وَغَيْرِهِ، فأَنَّث الحَيّ فَقَالَ حَيَّة، ونحوَ ذَلِكَ قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ: وَإِنَّمَا قَالَ حَيَّة لأَنه ذَهَبَ إِلَى كُلِّ نَفْسٍ أَو دَابَّةٍ فأَنث لِذَلِكَ. أَبو عَمْرٍو: الْعَرَبُ تَقُولُ كَيْفَ أَنت وَكَيْفَ حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كَيْفَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ حَيّاً؛ قَالَ مَالِكُ بن الحرث الْكَاهِلِيُّ:

فَلَا يَنْجُو نَجَاتِي ثَمَّ حَيٌّ، ... مِنَ الحَيَواتِ، لَيْسَ لَهُ جَنَاحُ

أَي كُلُّ مَا هُوَ حَيٌّ فَجَمْعُهُ حَيَوات، وتُجْمع الحَيَّةُ حَيَواتٍ. والحَيَوانُ: اسْمٌ يَقَعُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حيٍّ، وَسَمَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْآخِرَةَ حَيَواناً فَقَالَ: وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ

؛ قَالَ قَتَادَةُ: هِيَ الْحَيَاةُ. الأَزهري: الْمَعْنَى أَن مَنْ صَارَ إِلَى الْآخِرَةِ لَمْ يَمُتْ وَدَامَ حَيًّا فِيهَا لَا يَمُوتُ، فَمَنْ أُدخل الْجَنَّةَ حَيِيَ فِيهَا حَيَاةً طَيِّبَةً، وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ فَإِنَّهُ لَا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى *

، كَمَا قَالَ تَعَالَى. وكلُّ ذِي رُوح حَيَوان، وَالْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ فِيهِ سَوَاءٌ. قَالَ: والحَيَوان عينٌ فِي الجَنَّة، وَقَالَ: الحَيَوان مَاءٌ فِي الْجَنَّةِ لَا يُصِيبُ شَيْئًا إلا حَيِيَ بِإِذْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ:

يُصَبُّ عَلَيْهِ ماءُ الحَيَا

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَالْمَشْهُورُ:

يُصَبُّ عَلَيْهِ ماءُ الحَيَاةِ.

ابْنُ سِيدَهْ: والحَيَوان أَيضاً جِنْسُ الحَيِّ، وأَصْلُهُ حَيَيانٌ فَقُلِبَتِ الْيَاءُ الَّتِي هِيَ لَامٌ وَاوًا، اسْتِكْرَاهًا لِتَوَالِي الْيَاءَيْنِ لِتَخْتَلِفَ الْحَرَكَاتُ؛ هَذَا مَذْهَبُ الْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَذَهَبَ أَبو عُثْمَانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>