للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى أَن الْحَيَوَانَ غَيْرُ مُبْدَلِ الْوَاوِ، وأَن الْوَاوَ فِيهِ أَصل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ فِعْلٌ، وَشَبَّهَ هَذَا بِقَوْلِهِمْ فَاظَ المَيّت يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً، وَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِنْ فَوْظٍ فِعْلًا، كَذَلِكَ الْحَيَوَانُ عِنْدَهُ مَصْدَرٌ لَمْ يُشْتَقّ مِنْهُ فِعْلٌ. قَالَ أَبو عَلِيٍّ: هَذَا غَيْرُ مَرْضِيٍّ مِنْ أَبي عُثْمَانَ مِنْ قِبَل أَنه لَا يَمْتَنِعُ أَن يَكُونَ فِي الْكَلَامِ مَصْدَرٌ عَيْنُهُ وَاوٌ وَفَاؤُهُ وَلَامُهُ صَحِيحَانِ مِثْلُ فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْل ومَوْت وأَشباه ذَلِكَ، فأَما أَن يُوجَدَ فِي الْكَلَامِ كَلِمَةٌ عَيْنُهَا يَاءٌ وَلَامُهَا وَاوٌ فَلَا، فحَمْلُه الحيوانَ عَلَى فَوْظٍ خطأٌ، لأَنه شَبَّهَ مَا لَا يُوجَدُ فِي الْكَلَامِ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ مُطَّرِدٌ؛ قَالَ أَبو عَلِيٍّ: وكأَنهم اسْتَجَازُوا قَلْبَ الْيَاءِ وَاوًا لِغَيْرِ عِلَّةٍ، وَإِنْ كَانَتِ الْوَاوُ أَثقل مِنَ الْيَاءِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ عِوَضًا لِلْوَاوِ مِنْ كَثْرَةِ دُخُولِ الْيَاءِ وَغَلَبَتِهَا عَلَيْهَا. وحَيْوَة، بِسُكُونِ الْيَاءِ: اسمُ رجلٍ، قُلِبَتِ الْيَاءُ وَاوًا فِيهِ لضَرْبٍ مِنَ التوَسُّع وَكَرَاهَةً لِتَضْعِيفِ الْيَاءِ، وَإِذَا كَانُوا قَدْ كَرِهُوا تَضْعِيفَ الْيَاءِ مَعَ الْفَصْلِ حَتَّى دَعَاهُمْ ذَلِكَ إِلَى التَّغْيِيرِ فِي حاحَيْت وهَاهَيْتُ، كَانَ إِبْدَالُ اللَّامِ فِي حَيْوةٍ لِيَخْتَلِفَ الْحَرْفَانِ أَحْرَى، وَانْضَافَ إِلَى ذَلِكَ أنَّه عَلَم، والأَعلام قَدْ يَعْرِضُ فِيهَا مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهَا نَحْوُ مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: حَيْوَة اسْمُ رَجُلٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْغَمْ كَمَا أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه اسْمٌ مَوْضُوعٌ لَا عَلَى وَجْهِ الْفِعْلِ. وحَيَوانٌ: اسْمٌ، وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي حَيْوَةَ. والمُحَايَاةُ: الغِذاء لِلصَّبِيِّ بِمَا بِهِ حَيَاته، وَفِي الْمُحْكَمِ: المُحَايَاةُ الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته بِهِ. والحَيُّ: الْوَاحِدُ مِنْ أَحْيَاءِ العَربِ. والحَيُّ: البطن من بطون العرب؛ وَقَوْلُهُ:

وحَيَّ بَكْرٍ طَعَنَّا طَعْنَةً فَجَرى

فَلَيْسَ الحَيُّ هُنَا البطنَ مِنْ بُطُونِ الْعَرَبِ كَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ، وَإِنَّمَا أَراد الشَّخْصَ الْحَيَّ المسمَّى بَكْرًا أَي بَكْرًا طَعَنَّا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، فحَيٌّ هُنَا مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حَتَّى كأَنه قَالَ: وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا، فَهَذَا مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى نَفْسِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ ابْنُ أَحمر:

أَدْرَكْتَ حَيَّ أَبي حَفْصٍ وَشِيمَتَهُ، ... وقَبْلَ ذاكَ، وعَيْشاً بَعْدَهُ كَلِبَا

وَقَوْلُهُمْ: إِنَّ حَيَّ لَيْلَى لَشَاعِرَةٌ، هُوَ مِنْ ذَلِكَ، يُريدون لَيْلَى، وَالْجَمْعُ أَحْيَاءٌ. الأَزهري: الحَيُّ مِنْ أَحْيَاء العَرب يَقَعُ عَلَى بَني أَبٍ كَثُروا أَم قَلُّوا، وَعَلَى شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ؛ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

قَاتَل اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً، ... مَا لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجابِ

وَقَوْلُهُ:

فتُشْبِعُ مَجْلِسَ الحَيَّيْنِ لَحْماً، ... وتُلْقي للإِماء مِنَ الوَزِيمِ

يَعْنِي بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة، والوَزِيمُ العَضَلُ. والحَيَا، مَقْصُورٌ: الخِصْبُ، وَالْجَمْعُ أَحْيَاء. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحَيَا، مقصورٌ، المَطَر وَإِذَا ثَنَّيْتَ قُلْتَ حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَن الْحَرَكَةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ مرَّةً: حَيَّاهم اللَّهُ بِحَياً، مَقْصُورٌ، أَي أَغاثهم، وَقَدْ جَاءَ الحَيَا الَّذِي هُوَ الْمَطَرُ وَالْخِصْبُ مَمْدُودًا. وحَيَا الربيعِ: مَا تَحْيا بِهِ الأَرض مِنَ الغَيْث. وَفِي حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ:

اللَّهُمَّ اسْقِنا غَيْثاً مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً

؛ الحَيَا، مَقْصُورٌ: المَطَر لإِحْيائه الأَرضَ، وَقِيلَ: الخِصْبُ وَمَا تَحْيا بِهِ الأَرضُ وَالنَّاسُ. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه: لَا آكلُ السَّمِينَ حَتَّى يَحْيا الناسُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَحْيَوْنَ

أَي حَتَّى يُمْطَروا

<<  <  ج: ص:  >  >>