للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَدْيانِ، وَإِنِ اتَّفَقُوا عَلَى أَن تَقديرَ يَدٍ فَعْلٌ ساكنَة الْعَيْنِ، لأَنه إِنَّمَا ثُنِّيَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ لِلْيَد يَدَا، قَالَ: وَهَذَا الْقَوْلُ أَصح. قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَائِلٌ فَلَسْنا عَلَى الأَعقاب هُوَ الحُصَين بنُ الحَمامِ المُرِّي؛ قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ جَرِيرٍ:

عَوى مَا عَوى مِنْ غَيْرِ شيءٍ رَمَيْته ... بقارِعَة أَنْفاذُها تَقْطُر الدَّما

قَالَ: أَنْفاذُها جَمْعُ نَفَذٍ مِنْ قَوْلُ قَيْسِ بْنِ الخَطِيم:

لَهَا نَفَذٌ لَوْلا الشُّعاعُ أَضاءَها

وَقَالَ اللَّعِينُ المِنْقَري:

وأُخْذَلُ خِذْلاناً بِتَقْطِيعِيَ الصُّوى ... إليكَ، وخُفٍّ راعِفٍ يَقْطُرُ الدَّما

قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلِ عَلِيٍّ،

كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ:

لِمَنْ رايَةٌ سَوْدَاءُ يَخْفِقُ ظِلُّها، ... إِذَا قِيلَ: قَدِّمْها حُضَيْنُ، تَقَدَّما

ويُورِدُها للطَّعْنِ، حَتَّى يُعِلَّها ... حِياضَ المَنايا تَقْطُر المَوْتَ والدَّما

وَتَصْغِيرُ الدَّمِ دُمَيٌّ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهِ دَمِيٌّ، وَإِنْ شِئْتَ دَمَويٌّ. وَيُقَالُ: دَمِيَ الشيءُ يَدْمى دَمىً ودُمِيّاً فَهُوَ دَمٍ، مِثْلُ فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً فَهُوَ فَرِقٌ، وَالْمَصْدَرُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَنه بِالتَّحْرِيكِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الِاسْمِ. وأَدْمَيْته ودَمَّيْته تَدْمِيَةً إِذَا ضَرَبْتَه حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ دَمِيَ دَمىً وأَدْمَيْته ودَمَّيْته؛ أَنشد ثَعْلَبٌ قَوْلَ رُؤْبَةَ:

فَلَا تَكُوني، يَا ابْنَةَ الأَشَمِّ، ... وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبُها المُدَمِّي

ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: الذِّئْبُ إِذَا رأَى لِصَاحِبِهِ دَمًا أَقبل عَلَيْهِ ليأْكله فَيَقُولُ: لَا تَكُونِي أَنتِ مِثْلَ ذَلِكَ الذِّئْبِ؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:

وكُنْت كذِئْبِ السُّوء لمَّا رأَى دَماً ... بِصاحِبِه يَوْمًا، أَحالَ عَلَى الدَّمِ

وَفِي الْمَثَلِ: ولدُكَ مَنْ دمَّى عَقِبَيْك. وَفِي حَدِيثِ

عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنه قَالَ لأَبي مَريمَ الحَنَفِيِّ: لأَنا أَشدُّ بُغْضاً لكَ مِنَ الأَرْض للدَّمِ

؛ يَعْنِي أَنَّ الدَّمَ لَا تَشْرَبُهُ الأَرض وَلَا يَغُوص فِيها فجعَلَ امْتِناعها مِنْهُ بُغْضاً مَجَازًا. وَيُقَالُ: إِنَّ أَبا مَرْيَمَ كَانَ قَتَل أَخاه زَيْدًا يَوْمَ الْيَمَامَةِ. والدَّامِيَة مِنَ الشِّجاجِ: الَّتِي دَمِيَتْ وَلَمْ يَسِلْ بعدُ مِنْهَا دمٌ، والدامِعَة هِيَ الَّتِي يَسِيلُ مِنْهَا الدَّمُ. وَفِي حَدِيثِ

زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: فِي الدَّامِيَة بَعيرٌ

؛ الدَّامِيةُ: شَجَّة تَشُقُّ الجِلْد حَتَّى يَظْهَر مِنْهَا الدَّمُ، فَإِنْ قَطَر مِنْهَا فَهِيَ دامِعةٌ. واسْتَدْمَى الرَّجلُ: طَأْطَأَ رأْسَه يقْطُر مِنْهُ الدَّم. الأَصمعي: المُسْتَدْمِي الَّذِي يَقْطُر مِنْ أَنْفِه الدَّمُ المُطَأْطِئُ رأسَه، والمُسْتَدْمِي الَّذِي يَسْتَخْرِجُ منْ غَريمهِ دَيْنَه بالرِّفْق. وَفِي حَدِيثِ العَقيقة:

يُحْلَقُ مِنْ رأْسِه ويُدَمَّى

، وَفِي رِوَايَةٍ:

ويُسَمَّى.

وَكَانَ قَتَادَةُ إِذَا سُئِلَ عَنِ الدَّمِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: إِذَا ذُبِحَت الْعَقِيقَةُ أُخِذَتْ مِنْهَا صُوفة واسْتُقْبِلَتْ بِهَا أَوْداجُها، ثُمَّ تُوضَع عَلَى يافُوخِ الصَّبِيّ ليَسِيلَ عَلَى رأْسه مثلُ الخَيْط، ثُمَّ يُغْسل رأْسُه بعدُ ويُحْلَقُ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَخرجه أَبو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ وَقَالَ هَذَا وَهَمٌ مِنْ هَمَّامٍ، وجاءَ بِتَفْسِيرِهِ عَنْ قَتَادَةَ وَهُوَ مَنسوخ، وَكَانَ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَالَ: ويُسَمَّى أَصَحُّ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: إِذَا كَانَ أَمَرهم بإماطَة الأَذى اليابِس عَنْ رأْس الصَّبِيِّ فَكَيْفَ يأْمُرُهم بتَدْمِية رأْسِه وَالدَّمُ نَجِسٌ نجاسَة غَلِيظَةً؟ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَن رَجُلًا جاءَ ومَعَه أَرْنَبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>