للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فوَضعَها بينَ يَديِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ إنِّي وجَدْتُها تَدْمَى

أَي أَنَّها تَرَى الدَّمَ، وَذَلِكَ لأَن الأَرْنَب تَحِيضُ كَمَا تَحِيضُ المرأَة. والمُدَمَّى: الثوبُ الأَحْمَر. والمُدَمَّى: الشَّدِيدُ الشُّقْرة. وَفِي التَّهْذِيبِ: مِنَ الخَيْلِ الشديدُ الحُمْرَة شِبْهُ لَوْنِ الدَّمِ. وكلُّ شيءٍ فِي لوْنِهِ سَوادٌ وحُمْرة فَهُوَ مُدَمّىً. وَكُلُّ أَحْمَرَ شَدِيدِ الْحُمْرَةِ فَهُوَ مُدَمّىً. وَيُقَالُ: كُمَيْتٌ مُدَمّىً؛ قَالَ طُفَيْلٌ:

وكُمْتاً مُدَمَّاةً كأَنَّ مُتُونَها ... جَرى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَب

يَقُولُ: تَضْرِبُ حُمْرَتُها إِلَى الكُلْفة لَيْسَتْ بِشَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ. قَالَ أَبو عُبيدَةَ: كُمَيْتٌ مُدَمّىً إِذَا كَانَ سوادُه شديدَ الحُمرة إِلَى مَراقِّه. والأَشْقَرُ المُدَمَّى: الَّذِي لَوْنُ أَعلى شعْرَتِه يَعْلُوها صُفْرَةٌ كَلوْنِ الكُمَيْت الأَصْفَرِ. والمُدَمَّى مِنَ الأَلْوانِ: مَا كَانَ فِيهِ سوادٌ. والمُدَمَّى مِنَ السِّهام: الَّذِي تَرْمي بِهِ عَدُوَّك ثُمَّ يَرْمِيكَ بِهِ؛ وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا رَمَى العَدُوَّ بسَهْمٍ فأَصاب ثُمَّ رَمَاهُ بِهِ العَدُوُّ وعَلَيْه دَمٌ جَعَله فِي كِنانَتِه تَبَرُّكاً بِهِ. وَيُقَالُ: المُدَمَّى السَّهْمُ الَّذِي يَتَعاوَرُه الرُّماة بينَهُم وَهُوَ راجِع إِلَى مَا تَقدَّم. وَفِي حَدِيثِ

سَعْدٍ قَالَ: رَمَيْتُ يوْمَ أُحْدٍ رَجلًا بِسهْمٍ فقَتَلْتُه ثُمَّ رُمِيت بِذَلِكَ السَّهْم أَعْرِفُه حَتَّى فَعَلْتُ ذَلِكَ وفعلُوه ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقُلْتُ: هَذَا سَهْمٌ مُبَارَكٌ مُدَمّىً فَجَعَلْتُهُ فِي كِنانَتي، فَكَانَ عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ

؛ المُدَمَّى مِنَ السِّهامِ: الَّذِي أَصابه الدَّمُ فحصَل فِي لوْنِه سَوادٌ وَحُمْرَةٌ مِمَّا رُمِيَ بِهِ العَدُوّ؛ قَالَ: وَيُطْلَقُ عَلَى مَا تَكَرّر بِهِ الرَّمْيُ، وَالرُّمَاةُ يتَبرَّكون بِهِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مأخُوذٌ مِنَ الدَّامِيَاء وَهِيَ البَرَكَة؛ قَالَ شِمْرٌ: المُدَمَّى الَّذِي يَرْمِي بِهِ الرجلُ العدُوَّ ثُمَّ يرْميه العَدُوّ بِذَلِكَ السَّهْمِ بِعَيْنِهِ: قَالَ: كأَنه دُمِّيَ بالدَّمِ حِينَ وقَع بالمَرْمِيِّ. والمُدَمَّى: السَّهْمُ الَّذِي عَلَيْهِ حُمْرة الدَّمِ وَقَدْ جَسِدَ بِهِ حَتَّى يضرِبَ إِلَى السَّواد. وَيُقَالُ: سُمِّيَ مُدَمّىً لأَنه احْمَرَّ مِنَ الدَّمِ. وَفِي حَدِيثِ

النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي بَيْعة الأَنْصار، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ: أَنَّ الأَنْصار لمَّا أَرادُوا أَن يُبايعُوه بَيْعَةَ العَقَبَة بمَكَّة قَالَ أَبو الهَيْثَمِ بنُ التَّيِّهان إنَّ بينَنا وبينَ القَوْم حِبالًا ونَحْنُ قاطِعُوها، ونَخْشى إنِ اللهُ أَعَزَّك وأَظْهَرَكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى قَوْمِكَ، فتَبَسَّمَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ: بَلِ الدَّمُ الدَّمُ والهَدْمُ الهَدْمُ، أُحارِبُ مَنْ حارَبْتُمْ وأُسالِمُ منْ سالَمْتُمْ

، وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ:

بَل اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ

، فَمَنْ رَوَاهُ بَلِ الدَّمُ الدَّمُ فَإِنَّ ابْنَ الأَعرابي قَالَ: الْعَرَبُ تَقُولُ دَمي دَمُكَ وهَدْمي هَدْمُك فِي النُّصْرَة أَي إِن ظُلِمْت فَقَدْ ظُلِمْت؛ وأَنشد للعُقَيْلي:

دَماً طَيِّباً يَا حَبَّذا أَنتَ مِنْ دَمِ

قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَقَالَ الْفَرَّاءُ الْعَرَبُ تُدْخِلُ الأَلف وَاللَّامَ اللَّتَيْنِ لِلتَّعْرِيفِ عَلَى الإِسم فَتَقُومَانِ مَقَامَ الإِضافة كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: فَأَمَّا مَنْ طَغى وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى؛ أَي أَنَّ الْجَحِيمَ مَأْواهُ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى؛ الْمَعْنَى فَإِنَّ الجنةَ مأْواه، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ المأْوى لَهُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كُلِّ اسْمَيْن يَدُلَّانِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الإِضمار، فَعَلَى قَوْلِ الْفَرَّاءِ قَوْلُهُ الدَّمُ الدَّمُ أَي دَمُكُمْ دمِي وهَدْمُكُم هَدْمي وأَنْتُمْ تُطْلَبُون بدَمي وأُطْلَبُ بدَمِكم ودَمِي ودمُكُمْ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وأَما مَنْ رَوَاهُ بَل

<<  <  ج: ص:  >  >>