للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللكَبير رَثَيات أَرْبَعُ: ... الرُّكبَتان والنَّسا والأَخْدَعُ

وَلَا يزالُ رأْسُه يَصَّدَّعُ، ... وكلُّ شيءٍ بعدَ ذاكَ يَيْجَعُ

والرَّثْيَةُ: الحُمْق. وَفِي أَمْره رَثْيَة أَي فُتُور؛ وَقَالَ أَعرابي:

لَهُمْ رَثْيَةٌ تَعْلو صَرِيمَةَ أَهْلِهمْ، ... وللأَمْر يَوْماً راحةٌ فقَضاءُ

ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ مَرْثُوءٌ مِنَ الرَّثْية نادرٌ أَي أَنه مِمَّا هُمِزَ وَلَا أَصل لَهُ فِي الهَمْز. وَرَجُلٌ أَرْثَى: لَا يُبْرِمُ أَمْراً، ومَرْثُوٌّ: فِي عقْله ضَعْف، وَقِيَاسُهُ مَرْثِيٌّ، فأَدخلوا الواو على الواو كَمَا أَدخلوا الْيَاءُ عَلَى الْوَاوِ فِي قَوْلِهِمْ أَرضٌ مَسْنِيَّة وقَوْسٌ مَغْريّة. ورَثَى فُلَانٌ فُلَانًا يَرْثِيهِ رَثْياً ومَرْثِيَةً إِذا بكاهُ بَعْدَ مَوته. قَالَ: فإِن مدَحَه بَعْدَ مَوْتِهِ قِيلَ رَثَّاهُ يُرَثِّيه تَرْثِيَةً. ورَثَيْت الميّتَ رَثْياً ورِثَاءً ومَرْثَاةً ومَرْثِيَةً ورَثَّيْته: مَدَحْته بَعْدَ الْمَوْتِ وبَكَيْته. ورَثَوْت الْمَيِّتَ أَيضاً إِذا بكَيْته وعدَّدت مَحَاسِنَهُ، وَكَذَلِكَ إِذا نظَمْت فِيهِ شِعْرًا. ورَثَتِ المرأَةُ بعْلها تَرْثِيه ورَثِيَتْه تَرْثاهُ رِثَايَةً فِيهِمَا؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وتَرَثَّتْ كرَثَّت؛ قَالَ رُؤْبَةَ:

بكاءَ ثكْلى فَقَدتْ حَميما، ... فَهِيَ تُرَثِّي بِأَبا وابْنِيما

وَيُرْوَى: وابْناما، وَلَمْ يَحْتَشِمْ مِنَ الأَلف مَعَ الْيَاءِ لأَنها حِكَايَةٌ، وَالْحِكَايَةُ يَجُوزُ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا، أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا مَن زَيْدًا فِي حِكَايَةِ رأَيتُ زيْداً، ومَن زيدٍ فِي حِكَايَةِ مَرَرْتُ بزَيْدٍ؟ وكلُّ ذَلِكَ مذْكورٌ فِي مَوَاضِعِهِ. وامرأَة رثَّاءَةٌ ورثَّايَة: كَثِيرَةُ الرِّثاء لبَعْلِها أَو لِغَيْرِهِ مِمَّن يُكْرمُ عندَها تَنُوحُ نِياحةً، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ، فَمَنْ لَمْ يَهْمِزْ أَخرجه عَلَى أَصله، وَمَنْ هَمَزَهُ فلأَنَّ الْيَاءَ إِذا وَقَعَتْ بَعْدَ الأَلف السَّاكِنَةِ هُمِزَت، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي سَقَّاءَةٍ وسَقَّايَةٍ وَمَا أَشْبَهَها. قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَالَتِ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ رَثأْتُ زَوْجي بأَبيات، وهَمَزَت؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: رُبَّما خَرَجَتْ بِهِمْ فَصاحَتُهم إِلى أَنْ يَهْمِزُوا مَا لَيْسَ بمَهموز، قَالُوا: رَثَأْت المَيت ولَبَّأْت بالحَجِّ وحَلَّأْت السَّويقَ تَحْلِئَةً إِنما هُوَ مِنَ الحَلاوةِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه نَهَى عَنِ التَّرَثِّي

، وَهُوَ أَن يُنْدَب المَيِّتُ فيقال وَا فُلاناهْ. ورَثَيْتُ لَهُ: رَحِمْتُهُ. وَيُقَالُ: مَا يَرْثِي فلانٌ لِي أَي مَا يَتَوَجَّع وَلَا يُبالِي. وإِنِّي لأَرْثِي لَهُ مَرْثَاةً ورَثْياً. ورَثَى لَهُ أَي رَقَّ لَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنّ أُخْتَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ بَعَثَتْ إِلَيْهِ عِنْدَ فِطْرِه بقَدَحِ لَبَنٍ وَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنما بَعَثْت بِهِ إِليكَ مَرْثِيةً لكَ مِنْ طُول النهارِ وشِدّة الحرِّ

أَي تَوَجُّعاً لكَ وإِشْفاقاً، مِنْ رَثَى لَهُ إِذا رَقّ وَتَوَجَّعَ، وَهِيَ مِنْ أَبنية الْمَصَادِرِ نَحْوُ المَغْفِرَة والمَعْذِرَة، قَالَ: وَقِيلَ الصَّوَابُ أَن يُقَالَ مَرْثاةً لكَ مِنْ قَوْلِهِمْ رَثَيْت للحيِّ رَثْياً ومَرْثَاةً، والله أَعلم.

رجا: الرَّجَاءُ مِنَ الأَمَلِ: نَقِيضُ اليَأْسِ، مَمْدودٌ. رَجاهُ يَرْجُوهُ رَجْواً ورَجَاءً ورَجَاوَةً ومَرْجَاةً ورَجَاةً، وهمزَتُه مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ بِدَلِيلِ ظُهورِها فِي رَجاوةٍ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِلَّا رَجَاةَ أَن أَكُونَ مِنْ أَهْلِها

؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

غَدَوْتُ رَجَاةً أَن يَجودَ مُقاعِسٌ ... وصاحِبُه، فاسْتَقْبَلانِيَ بالغَدْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>