وَلَا تَنْبو سُيوفُ بَني قُشَيْرٍ، ... وَلَا تَمْضي الأَسِنَّةُ فِي صَفاها
عَدَّاهُ بعَلى لأَنَّه إِذَا رَضِيَتْ عَنْهُ أَحَبَّتْه وأَقْبَلَت عليه، فذلك اسْتَعْمل عَلَى بِمَعْنَى عَنْ. قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَكَانَ أَبو عَلِيّ يَسْتَحْسِنُ قَوْلَ الْكِسَائِيِّ فِي هَذَا، لأَنه لمَّا كَانَ رَضِيتُ ضِدَّ سَخِطْت عَدَّى رَضيتُ بعَلى، حَمْلًا لِلشَّيْءِ عَلَى نَقِيضِهِ كَمَا يُحْمَلُ عَلَى نَظيره، قَالَ: وَقَدْ سَلَكَ سِيبَوَيْهِ هذه الطريق في المصادر كَثِيرًا فَقَالَ: قَالُوا كَذَا كَمَا قَالُوا كَذَا، وأَحدُهما ضدُّ الآخرَ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ*
؛ تأْويله أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَضِيَ عَنْهُم أَفْعالَهم وَرَضُوا عَنْهُ مَا جَازَاهُمْ بِهِ. وأَرْضاهُ: أَعْطاهُ مَا يَرْضى بِهِ. وتَرَضَّاهُ طَلَب رِضاه؛ قَالَ:
إِذَا العَجوزُ غَضِبَتْ فَطَلِّقِ، ... وَلَا تَرَضَّاها وَلَا تَمَلَّقِ
أَثبت الأَلف مِنْ تَرَضَّاها فِي مَوْضِعِ الْجَزْمِ تَشْبِيهًا بِالْيَاءِ فِي قَوْلِهِ:
أَلَمْ يَأْتيكَ، والأَنْباءُ تَنْمي، ... بِمَا لاقَتْ لَبونُ بَني زِيادِ؟
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لَئلَّا يَقُولَ تَرَضَّها فيلْحَقَ الجُزْءَ خَبْنٌ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَدْ رَواه عَلَى الْوَجْهِ الأَعْرَف: وَلَا تَرَضَّها وَلَا تَمَلَّقِ، عَلَى احْتِمَالِ الخَبْن. والرَّضِيُّ: المَرْضِيُّ. ابْنُ الأَعرابي: الرَّضِيُّ المُطيعُ والرَّضِيُّ الضّامِنُ. ورَضِيتُ الشيءَ وارْتَضَيْتُه، فَهُوَ مَرْضِيٌّ، وَقَدْ قالوا مَرْضُوٌّ، فجاؤوا بِهِ عَلَى الأَصْل. ابْنُ سِيدَهْ: ورَضِيَهُ لِذَلِكَ الأَمْر، فَهُوَ مَرْضُوٌّ ومَرْضِيٌّ. وارْتَضَاه: رَآهُ لَهُ أَهْلًا. ورجلٌ رِضىً مِنْ قَوْمٍ رِضىً: قُنْعانٌ مَرْضِيٌّ، وصَفوا بالمَصْدر؛ قَالَ زُهَيْرٌ:
هُمُ بَيْنَنا فَهُمْ رِضىً وهُمُ عَدْلُ
وصَفَ بِالْمَصْدَرِ الَّذِي فِي مَعْنى مَفْعول كَمَا وُصِفَ بالمَصْدر الَّذِي فِي مَعْنى فاعِلٍ فِي عَدْلٍ وخَصْمٍ. الصِّحَاحُ: الرِّضْوَانُ الرِّضا، وَكَذَلِكَ الرُّضْوانُ، بِالضَّمِّ، والمَرْضَاةُ مثلهُ. غَيره: المَرْضَاةُ والرِّضْوَان مَصْدَرَانِ، والقُرّاء كلهم قَرَؤُوا الرِّضْوَانَ، بِكَسْرِ الرَّاءِ، إلَّا مَا رُوِي عَنْ عَاصِمٍ أَنه قرأَ رُضْوَان وَيُقَالُ: هُوَ مَرْضِيٌّ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَرْضُوٌّ لأَن الرِّضَا فِي الأَصل مِنْ بَنَاتِ الْوَاوِ، وَقِيلَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ*
أَي مَرْضِيَّة أَي ذَاتِ رِضًى كَقَوْلِهِمْ هَمٌّ ناصِبٌ. وَيُقَالُ: رُضِيَتْ مَعيشَتهُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلهُ، وَلَا يُقَالُ رَضِيَتْ. وَيُقَالُ: رَضِيتُ بِهِ صاحِباً، وَرُبَّمَا قَالُوا رَضِيتُ علَيْه فِي معنَى رَضِيتُ بِهِ وَعَنْهُ. وأَرْضَيْتُه عَنِّي ورَضَّيْته، بِالتَّشْدِيدِ أَيضاً، فَرَضِيَ. وتَرَضَّيته أَي أَرْضَيْته بَعْدَ جَهْدٍ. واسْتَرْضَيْتُه فأَرْضَانِي. ورَاضَانِي مُرَاضَاةً ورِضَاءً فَرَضَوْتُه أَرْضُوهُ، بِالضَّمِّ، إِذَا غَلَبْتَه فِيهِ لأَنه مِنَ الْوَاوِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: فرَضَوْتُه كُنْتُ أَشدَّ رِضاً مِنْهُ، وَلَا يُمَدُّ الرِّضَا إِلَّا عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَإِنَّمَا قَالُوا رَضِيتُ عَنْهُ رِضاً، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْوَاوِ، كَمَا قَالُوا شَبِعَ شِبَعاً، وَقَالُوا رَضِيَ لِمكان الْكَسْرِ وحَقُّه رَضُوَ، قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: إِذَا جَعَلْتَ الرِّضَى بِمَعْنَى المُراضاةِ فَهُوَ مَمْدُودٌ، وَإِذَا جَعَلْتَهُ مصدَرَ رَضِي يَرْضَى رِضىً فَهُوَ مَقْصُورٌ. قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا عيشَة رَاضِيَة عَلَى النَّسب أَي ذَاتُ رِضاً. ورَضْوَى: جَبَل بالمَدينة، والنِّسْبة إِلَيْهِ رَضَوِي قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورَضْوَى اسْمُ جَبَلٍ بِعَيْنِهِ، وَبِهِ سُمِّيَتِ المرأَةُ، قَالَ: وَلَا أَحمله عَلَى بَابِ تَقْوَى لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ ر ض ي فَيَكُونُ هَذَا مَحْمُولًا عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute