للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى الزِّنا وَقَالَ لَهُ يَا زَانِي. وَفِي الْحَدِيثِ: ذِكر قُسْطَنْطِينيَّةَ الزَّانِيَةِ، يُرِيدُ الزَّانِيَ أَهلُها كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً؛ أَي ظَالِمَةَ الأَهْل. وَقَدْ زَانَى المرأَة مُزاناةً وَزِنَاءً. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قِيلَ لابنةِ الخُسِّ مَا أَزْناكِ؟ قَالَتْ: قُرْبُ الوِسادِ وطُولُ السِّوادِ؛ فكأَنَّ قَوْلَهُ مَا أَزْناكِ مَا حَمَلَكِ عَلَى الزِّنا، قَالَ: وَلَمْ يُسْمَعْ هَذَا إِلَّا فِي حَدِيثِ ابنةِ الخُسِّ. وَهُوَ ابنُ زَنْيةٍ وزِنْيةٍ، وَالْفَتْحُ أَعلى، أَي ابْنُ زِناً، وَهُوَ نقِيضُ قَوْلِكَ لِرِشدةٍ ورَشْدة. قَالَ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْمَصَادِرِ: هُوَ لِغَيَّةٍ ولِزَنْيةٍ وَهُوَ لغَيْر رَشْدةٍ، كلُّه بِالْفَتْحِ. قَالَ: وَقَالَ الْكِسَائِيُّ ويجوز رَشْدة [رِشْدة] وزَنْية [زِنْية]، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، فأَما غَيَّة فَهُوَ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرَ. وَفِي الْحَدِيثِ:

أَنه وَفَدَ عَلَيْهِ مَالِكُ بْنُ ثَعْلَبَةَ فَقَالَ مَنْ أَنتم؟ فَقَالُوا: نحن بنو الزَّنْية [الزِّنْية] فَقَالَ: بَلْ أَنتم بَنُو الرِّشْدةِ.

والزنْية، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ: آخِرُ وَلدِ الرَّجُلِ والمرأَة كالعجْزة، وبنو مَلِكٍ يُسَمَّوْنَ بَني الزَّنْية والزِّنْية لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ، صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ،

بَلْ أَنتم بَنُو الرِّشْدةِ

نَفْياً لَهُمْ عَمَّا يُوهِمُهُ لَفْظُ الزنْية مِنَ الزِّنا، والرَّشْدةُ أَفصح اللُّغَتَيْنِ. وَيُقَالُ لِلْوَلَدِ إِذَا كَانَ مِنْ زِناً: هُوَ لِزَنْية. وَقَدْ زَنَّاه. مِنَ التَّزْنِية أَي قَذَفَه. وَفِي الْمَثَلِ:

لَا حِصْنُها حِصْنٌ وَلَا الزِّنا زِنا

قَالَ أَبو زَيْدٍ: يُضْرَبُ مَثَلًا لِلَّذِي يكُفُّ عَنِ الخَيْر ثُمَّ يُفَرِّط فِيهِ وَلَا يَدومُ عَلَى طَرِيقَةٍ. وتسمَّى القِرْدة زنَّاءةً، والزَّناءُ: القصيرُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وتُولِجُ فِي الظِّلِّ الزَّناءِ رؤُوسها، ... وتَحْسِبُها هِيماً، وهُنَّ صَحائحُ

وأَصل الزَّناء الضيقُ، وَمِنْهُ الْحَدِيثِ:

لَا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وَهُوَ زَناءٌ

أَي مُدافِعٌ للِبَوْل؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الأَخطل:

وَإِذَا بَصُرْتَ إِلَى زَناءٍ قَعْرُها ... غَبْراءَ مُظْلِمَةٍ مِنَ الأَحْفارِ

وزَنا الموضعُ يَزْنُو: ضَاقَ، لُغَةٌ فِي يَزْنأُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

كَانَ النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يُحِبُّ مِنَ الدُّنْيا إِلَّا أَزْنَأَها

أَي أَضيقها. ووِعاءٌ زَنِيٌّ: ضيِّق؛ كَذَا رَوَاهُ ابْنُ الأَعرابي بِغَيْرِ هَمْزٍ. والزَّنْءُ: الزُّنُوُّ فِي الجَبَل. وزَنَّى عَلَيْهِ: ضَيَّق؛ قال:

لاهُمَّ، إنَّ الحَرِثَ بنَ جَبَلَهْ. ... زَنَّى عَلَى أَبِيهِ ثُمَّ قَتَلَهْ

قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَن هَمْزَةَ الزَّنَاءِ ياءٌ. وبَنُو زِنْيَة: حَيٌّ.

زها: الزَّهْوُ: الكِبْرُ والتِّيهُ والفَخْرُ والعَظَمَةُ؛ قَالَ أَبو المُثَلَّمِ الْهُذَلِيُّ:

مَتى مَا أَشَأْ غَيْر زَهْوِ المُلُوكِ، ... أَجْعَلْكَ رَهْطاً عَلَى حُيَّضِ

وَرَجُلٌ مَزْهُوٌّ بِنَفْسِهِ أَي مُعْجَبٌ. وبفُلان زَهْوٌ أَي كِبْرٌ؛ وَلَا يُقَالُ زَها. وزُهِيَ فُلانٌ فَهُوَ مَزْهُوٌّ إِذَا أُعْجِبَ بِنَفْسِهِ وتَكَبَّر. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ زُهِيَ عَلَى لَفْظِ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه، جَزَمَ بِهِ أَبو زَيْدٍ وأَحمد بْنُ يَحْيَى، وَحَكَى ابْنُ السِّكِّيتِ: زُهِيتُ وزَهَوْتُ. وَلِلْعَرَبِ أَحرف لَا يَتَكَلَّمُونَ بِهَا إِلَّا عَلَى سَبِيلِ المَفْعول بِهِ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ مِثْلَ زُهِيَ الرجُلُ وعُنِيَ بالأَمْر ونُتِجَتِ الشاةُ وَالنَّاقَةُ وأَشباهها، فَإِذَا أَمَرْت بِهِ قُلْتَ: لِتُزْهَ يَا رجلُ، وَكَذَلِكَ الأَمْر مِنْ كُلِّ فِعْل لَمْ يُسمّ فَاعِلُهُ لأَنك إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>