للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَمَرْتَ مِنْهُ فَإِنَّمَا تأْمر فِي التَّحْصِيلِ غَيْرَ الَّذِي تُخاطِبه أَن يُوقِع بِهِ، وأَمْرُ الغائبِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاللَّامِ كَقَوْلِكَ ليَقُمْ زَيد، قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى حَكَاهَا ابْنُ دُرَيْدٍ زَها يَزْهُو زَهْواً أَي تَكَبَّر، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: مَا أَزْهاهُ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ زُهِيَ لأَن مَا لَمْ يُسم فَاعِلُهُ لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ. قَالَ الأَحمر النَّحْوِيُّ يَهْجُو العُتْبِيَّ والفَيْضَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ:

لَنَا صاحِبٌ مُولَعٌ بالخِلافْ، ... كثيرُ الخَطاء قليلُ الصَّوابْ

أَلَجُّ لَجَاجًا مِنَ الخُنْفُساءْ، ... وأَزْهى، إِذَا مَا مَشى، منْ غُرابْ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قُلْتُ لأَعرابي مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ مَا مَعْنَى زُهِيَ الرجلُ؟ قَالَ: أُعجِبَ بنفسِه، فَقُلْتُ: أَتقول زَهى إِذَا افْتَخَر؟ قَالَ: أَمّا نَحْنُ فَلَا نَتَكَلَّمُ بِهِ. وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنبة: زَها فُلَانٌ إِذَا أُعجب بِنَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ الأَعرابي: زَهاه الكِبْر وَلَا يُقَالُ زَها الرَّجل وَلَا أَزْهيتُه ولكنْ زَهَوْتُه. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنِ اتَّخَذَ الخَيْلَ زُهاءً ونِواءً عَلَى أَهْل الإِسْلام فَهِيَ عَلَيْهِ وِزْرٌ

؛ الزُّهاء، بِالْمَدِّ، والزَّهْوُ الكِبْرُ والفَخْر. يُقَالُ: زُهِيَ الرَّجُلُ، فَهُوَ مَزْهُوٌّ، هَكَذَا يتكلَّم بِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظر إِلَى الْعَامِلِ المَزْهُوِّ

؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ

عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عنها: إن جَارِيَتِي تُزْهَى أَن تَلْبَسَه فِي الْبَيْتِ

أَي تَتَرَفَّعُ عَنْهُ وَلَا تَرْضاه، تَعْنِي درْعاً كَانَ لَهَا؛ وأَما مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ:

جَزَى اللهُ البَراقِعَ مِنْ ثِيابٍ، ... عَنِ الفِتْيانِ، شَرّاً مَا بَقِينا

يُوارِينَ الحِسانَ فَلَا نَراهُم، ... ويَزْهَيْنَ القِباحَ فيَزْدَهِينا

فَإِنَّمَا حُكْمه ويَزْهُونَ القِباحَ لأَنه قَدْ حُكِيَ زَهَوْتُه، فَلَا مَعْنَى ليَزْهَيْنَ لأَنه لَمْ يَجِئْ زَهَيْته، وَهَكَذَا أَنشده ثَعْلَبٌ ويَزْهُون. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ وَهِمَ ابْنُ الأَعرابي فِي الرِّوَايَةِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَ زَهَيْتُه لُغَةً فِي زَهَوْتُه، قَالَ: وَلَمْ تُرْوَ لَنَا عَنْ أَحد. وَمِنْ كَلَامِهِمْ: هِيَ أَزْهَى مِن غُرابٍ، وَفِي الْمَثَلِ المعروفِ: زَهْوَ الغُرابِ، بِالنَّصْبِ، أَي زُهِيتَ زَهْوَ الغرابِ: وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي النَّوَادِرِ: زُهِيَ الرَّجُلُ وَمَا أَزْهاهُ فوضَعُوا التَّعَجُّبَ عَلَى صِيغَةِ الْمَفْعُولِ، قَالَ: وَهَذَا شاذٌّ إِنَّمَا يَقع التَّعَجُّبُ مِنْ صِيغَةِ فِعْلِ الْفَاعِلِ، قَالَ: وَلَهَا نَظَائِرُ قَدْ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ وَقَالَ: رجُلٌ إنْزَهْوٌ وامرأَة إنْزَهْوَةٌ وَقَوْمٌ إنْزَهْوُون ذَوو زَهْوٍ، ذَهَبُوا إِلَى أَن الأَلف وَالنُّونَ زَائِدَتَانِ كَزِيَادَتِهِمَا فِي إنْقَحْلٍ، وَذَلِكَ إِذَا كَانُوا ذَوِي كِبْر. والزَّهْو: الكَذِب والباطلُ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:

وَلَا تَقُولَنَّ زَهْواً مَا تُخَبِّرُني، ... لَمْ يَتْرُكِ الشَّيْبُ لِي زَهْواً، وَلَا العَوَرُ «١»

. الزَّهْو: الكِبْرُ. والزَّهْوُ: الظُّلْمُ. والزَّهْو: الاسْتِخْفافُ: وزَها فُلَانًا كلامُك زَهْواً وازْدهاه فازْدَهَى: اسْتَخَفَّه فَخَفَّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: فُلَانٌ لَا يُزْدَهَى بخَديعَة. وازْدَهَيْت فُلَانًا أَي تَهاوَنْت بِهِ. وازْدَهَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذَا اسْتَخَفَّه. وَقَالَ الْيَزِيدِيُّ: ازْدَهاهُ وازْدَفاهُ إِذَا اسْتَخَفَّه. وزَهاهُ وازْدَهاهُ: اسْتَخَفَّه وَتَهَاوَنَ بِهِ؛ قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:

فَلَمَّا تَواقَفْنا وسَلَّمْتُ أَقْبَلَتْ ... وجُوهٌ، زَهاها الحُسْنُ أَنْ تَتَقَنَّعا


(١). قوله [ولا العور] أنشده في الصحاح: ولا الكبر، وقال في التكملة، والرواية: ولا العور

<<  <  ج: ص:  >  >>