للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِهامِهِم أَرُضُّه وأَنقَخُ ... أُمَّ الصَّدى عَنِ الصَّدى وأَصْمَخُ

وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: والصَّدَى أَيضاً العَطش. يُقَالُ: صَدِيَ الرجلُ يَصْدَى صَدىً، فَهُوَ صَدٍ وصَدْيانُ؛ وأَنشد «١»:

ستعلمُ، إِنْ مُتنا صَدىً، أَيُّنا الصَّدِي

وَقَالَ غَيْرُهُ: الصَّدَى العَطَشُ الشديدُ. وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَا يشتدُّ العطشُ حَتَّى ييبَسَ الدماغُ، وَلِذَلِكَ تنشَقُّ جلدةُ جَبهةِ مَنْ يموتُ عَطَشًا، وَيُقَالُ: امرأَة صَدْيا وصادِيَةٌ. والصَّدَى السادسُ قولُهُم: فُلَانٌ صَدَى مَالٍ إِذَا كَانَ رَفِيقًا بسِياسِتها «٢»؛ وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ فلانٌ صَدَى مالٍ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِهَا وبمَصلحَتِها، ومثلُه هُوَ إزاءُ مالٍ، وإنه ل صَدَى مالٍ أَي عالِمٌ بمصلحتهِ، وخصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْعَالِمَ بمصلحةِ الإِبل فَقَالَ: إِنَّهُ لصَدَى إبلٍ. وَقَالَ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا مَاتَ وهَلَك صمَّ صَدَاه، وَفِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ: أَصَمَّ اللَّهُ صَدَاه أَي أَهْلكه، وأَصلهُ الصَّوْتُ يَرُدُّه عَلَيْكَ الْجَبَلُ إِذَا صِحْتَ أَو المكانُ المُرْتَفِعُ الْعَالِي، فَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ فَإِنَّهُ لَا يُسْمَع وَلَا يُصَوِّت فيَرُدَّ عَلَيْهِ الْجَبَلُ، فكأَن مَعْنَى قَوْلِهِ صَمَّ صَداهُ أَي مَاتَ حَتَّى لَا يُسْمع صوتهُ وَلَا يجابُ، وَهُوَ إِذَا ماتَ لَمْ يَسْمَع الصَّدى مِنْهُ شَيْئًا فيُجيبَه؛ وَقَدْ أَصْدَى الْجَبَلُ. وَفِي حَدِيثِ

الْحَجَّاجِ: قَالَ لأَنَسٍ أَصَمَّ اللَّهُ صَدَاكَ

أَي أَهْلَكك الصَّدَى: الصَّوْتُ الَّذِي يسمَعُه المُصَوِّتُ عقَيبَ صِياحهِ رَاجِعًا إِلَيْهِ مِنَ الجَبلِ والبِناءِ المُرْتَفِع، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِلْهَلَاكِ لأَنه إِنَّمَا يُجَابُ الحَيُّ، فَإِذَا هلكَ الرجلُ صَمَّ صَدَاه كأَنه لَا يَسْمَعُ شَيْئًا فيُجيبَ عَنْهُ؛ ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي أَنه أَنشده لسَدوسِ بْنِ ضِبابٍ:

إِنِّي إِلَى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبَةٍ ... أَدْعُو حُبَيْشاً، كَمَا تُدْعى ابْنَةُ الجَبلِ

أَيْ أُنَوِّهُ بِهِ كَمَا يُنَوَّه بابْنة الجَبل، وَقِيلَ: ابنةُ الجَبل هِيَ الحَيَّة، وَقِيلَ: هِيَ الدَّاهِيَةُ؛ وأَنشد:

إِنْ تَدْعهُ مَوْهِناً يَعْجَلْ بجابَتِهِ ... عارِي الأَشاجِعِ، يَسْعى غَيْرَ مُشْتمِل

يَقُولُ: يَعْجَل حُبَيْشٌ بجابَتهِ كَمَا يَعْجَلُ الصَّدى وَهُوَ صوتُ الجَبل. أَبو عُبَيْدٍ: والصَّدى الرجلُ اللّطِيفُ الجَسَدِ؛ قَالَ شَمِرٌ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ هَذَا الحَرْفَ غيرَ مهموزٍ، قَالَ: وأُراهُ مَهْمُوزًا كأَنَّ الصَّدأَ لغةٌ فِي الصَّدَعِ، وَهُوَ اللَّطِيفُ الجِسْمِ، قَالَ: وَمِنْهُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ

صَدَأٌ مِنْ حديدٍ

فِي ذِكْرِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ. والصَّدى: ذكرُ البُومِ والهامُ، والجمعُ أَصْداءٌ؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الحَكَم:

بكلِّ يَفاعٍ بُومُها تُسْمِعُ الصَّدى ... دُعاءً، مَتَى مَا تُسْمِعِ الهامَ تَنْأَجِ

تَنْأَج: تَصِيحُ، قَالَ: وجمعهُ صَدَوَات؛ قَالَ يَزِيدُ بْنُ الصَّعِق:

فلنْ تَنْفَكَّ قُنْبُلَة ورَجْلٌ ... إليكمْ، مَا دَعا الصَّدَواتِ بُومُ

قَالَ: والياءُ فِيهِ أَعرَفُ. والتَّصْدِيَةُ: التَّصْفِيقُ. وصَدَّى الرَّجُلُ: صَفَّقَ بِيَدَيْهِ، وَهُوَ مِنْ مُحَوَّل التَّضْعِيف. والمُصَادَاةُ: المُعارَضَة. وتصَدَّى للرجلِ: تَعَرَّض لَهُ وتَضَرَّعَ، وَهُوَ الَّذِي يَسْتَشْرِفهُ نَاظِرًا إِلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

أَنسٍ فِي غَزْوَةِ حنينٍ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يتَصدَّى لرسولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ليَأْمُرَه بقَتْلِه

؛ التَّصَدِّي: التَّعَرُّض للشيءِ. وتَصَدَّى للأَمر: رَفع رأْسَه إِلَيْهِ. والصَّدَى: فعلُ المُتَصَدِّي. والصَّدَاةُ: فعلُ المُتَصَدِّي، وَهُوَ الَّذِي يَرْفعُ رأْسَه وصَدْرَه يتصَدَّى لِلشَّيْءِ يَنْظُرُ


(١). البيت لطرفة من معلقته
(٢). المراد بالمال هنا الإِبل، ولذلك أنث الضمير العائد إليها

<<  <  ج: ص:  >  >>