للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صَلَّى الإِلَهُ عَلَى امْرِئٍ ودَّعْتُه، ... وأَتمَّ نِعْمَتَه عَلَيْهِ وزادَها

وَقَالَ الرَّاعِي:

صَلَّى عَلَى عَزَّةَ الرَّحْمَنُ وابْنَتِها ... لَيْلَى، وَصَلَّى عَلَى جاراتِها الأُخَر

وصلاةُ اللَّهِ عَلَى رَسُولِهِ: رحْمَتُه لَهُ وحُسْنُ ثنائِه عَلَيْهِ. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ أَبي أَوْفى أَنه قَالَ: أَعطاني أَبي صَدَقة مالهِ فأَتيتُ بِهَا رسولَ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبي أَوْفى

؛ قَالَ الأَزهري: هَذِهِ الصَّلاةُ عِنْدِي الرَّحْمة؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً

؛ ف الصَّلاةُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ دُعاءٌ واسْتِغْفارٌ، وَمِنَ اللَّهِ رحمةٌ، وَبِهِ سُمِّيَت الصلاةُ لِما فِيهَا مِنَ الدُّعاءِ والاسْتِغْفارِ. وَفِي الْحَدِيثِ:

التحيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَات

؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: الصَّلَوَاتُ مَعْنَاهَا التَّرَحُّم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ

؛ أَي يتَرَحَّمُون. وَقَوْلُهُ:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبي أَوْفى

أَي تَرَحَّم عَلَيْهِمْ، وتكونُ الصَّلاةُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ. وَفِي الْحَدِيثِ

قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا دُعيَ أَحدُكُم إِلَى طَعامٍ فليُجِبْ، فَإِنْ كَانَ مُفْطِراً فليَطْعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فليُصَلّ

؛ قَوْلُهُ: ف لْيُصَلّ يَعْني فلْيَدْعُ لأَرْبابِ الطَّعامِ بالبركةِ والخيرِ، والصَّائمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ الطَّعامُ صَلَّت عَلَيْهِ الملائكةُ؛ وَمِنْهُ

قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ صَلَّى عليَّ صَلاةً صَلَّت عَلَيْهِ الملائكةُ عَشْراً.

وكلُّ داعٍ فَهُوَ مُصَلّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَعشى:

عليكِ مثلَ الَّذِي صَلَّيْتِ فاغتَمِضِي ... نوْماً، فَإِنَّ لِجَنْبِ المرءِ مُضْطَجَعا

مَعْنَاهُ أَنه يأْمُرُها بِأَنْ تَدْعُوَ لَهُ مثلَ دعائِها أَي تُعيد الدعاءَ لَهُ، وَيُرْوَى: عليكِ مثلُ الَّذِي صَلَّيت، فَهُوَ ردٌّ عَلَيْهَا أَي عَلَيْكِ مثلُ دُعائِكِ أَي يَنالُكِ مِنَ الخيرِ مثلُ الَّذِي أَرَدْتِ بِي ودَعَوْتِ بِهِ لِي. أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ

؛ ف يُصَلِّي يَرْحَمُ، وملائكتُه يَدْعون لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ. وَمِنَ الصَّلَاةِ بِمَعْنَى الِاسْتِغْفَارِ حَدِيثُ

سودَةَ: أَنها قَالَتْ يَا رسولَ اللَّهِ، إِذَا مُتْنا صَلَّى لَنَا عثمانُ بنُ مَظْعون حَتَّى تأْتِينا، فَقَالَ لَهَا: إِنَّ الموتَ أَشدُّ مِمَّا تُقَدِّرينَ

؛ قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهَا صَلَّى لَنَا أَي اسْتَغْفَرَ لَنَا عِنْدَ رَبِّهِ، وَكَانَ عثمانُ ماتَ حِينَ قَالَتْ سودَةُ ذَلِكَ. وأَما قَوْلُهُ تَعَالَى: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ

؛ فَمَعْنَى الصَّلَوَات هاهنا الثناءُ عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:

صَلَّى، عَلَى يَحْيَى وأَشْياعِه، ... ربٌّ كريمٌ وشفِيعٌ مطاعْ

مَعْنَاهُ ترحَّم اللَّهُ عَلَيْهِ عَلَى الدعاءِ لَا عَلَى الخبرِ. ابْنُ الأَعرابي: الصَّلاةُ مِنَ اللهِ رحمةٌ، وَمِنَ الْمَخْلُوقِينَ الملائكةِ والإِنْسِ والجِنِّ: القيامُ والركوعُ والسجودُ والدعاءُ والتسبيحُ؛ والصلاةُ مِنَ الطَّيرِ والهَوَامِّ التَّسْبِيحُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الأَصلُ فِي الصَّلاةِ اللُّزوم. يُقَالُ: قَدْ صَلِيَ واصْطَلَى إِذَا لَزِمَ، وَمِنْ هَذَا مَنْ يُصْلَى فِي النَّارِ أَي يُلْزَم النارَ. وَقَالَ أَهلُ اللُّغَةِ فِي الصَّلَاةِ: إِنَّهَا مِنَ الصَّلَوَيْنِ، وَهُمَا مُكْتَنِفا الذَّنَبِ مِنَ النَّاقَةِ وَغَيْرِهَا، وأَوَّلُ مَوْصِلِ الْفَخِذَيْنِ مِنَ الإِنسانِ فكأَنهما فِي الْحَقِيقَةِ مُكْتَنِفا العُصْعُصِ؛ قَالَ الأَزهري: والقولُ عِنْدِي هُوَ الأَوّل، إِنَّمَا الصلاةُ لُزومُ مَا فرَضَ اللهُ تَعَالَى، والصلاةُ مِنْ أَعظم الفَرْض الَّذِي أُمِرَ بلُزومِه. والصلاةُ: واحدةُ الصَّلَواتِ المَفْروضةِ، وَهُوَ اسمٌ يوضَعُ مَوْضِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>