للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المَصْدر، تَقُولُ: صَلَّيْتُ صَلَاةً وَلَا تَقُلْ تَصْلِيةً، وصلَّيْتُ عَلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذكرُ الصَّلاةِ، وَهِيَ العبادةُ المخصوصةُ، وأَصلُها الدعاءُ في اللغة فسُمِّيت بِبَعْضِ أَجزائِها، وَقِيلَ: أَصلُها فِي اللُّغَةِ التَّعْظِيمُ، وسُمِّيت الصلاةُ الْمَخْصُوصَةُ صَلَاةً لما فيها من تعظيم الرَّبِّ تَعَالَى وَتَقَدُّسٍ. وَقَوْلُهُ فِي التَّشَهُّدِ: الصلواتُ لِلَّهِ أَي الأَدْعِية الَّتِي يُرادُ بِهَا تعظيمُ اللهِ هُوَ مُسَتحِقُّها لَا تَلِيقُ بأَحدٍ سِوَاهُ. وأَما قَوْلُنَا: اللَّهُمَّ صلِّ عَلَى محمدٍ، فَمَعْنَاهُ عَظِّمْه فِي الدُّنيا بإعلاءِ ذِكرِهِ وإظْهارِ دعْوَتِه وإبقاءِ شَريعتِه، وَفِي الْآخِرَةِ بتَشْفِيعهِ فِي أُمَّتهِ وتضعيفِ أَجْرهِ ومَثُوبَتهِ؛ وَقِيلَ: الْمَعْنَى لمَّا أَمَرَنا اللهُ سُبْحَانَهُ بِالصَّلَاةِ عليه ولم نَبْلُغ قَدْرَ الواجبِ مِنْ ذَلِكَ أَحَلْناهُ عَلَى اللهِ وَقُلْنَا: اللَّهُمَّ صلِّ أَنتَ عَلَى محمدٍ، لأَنك أَعْلَمُ بِمَا يَليق بِهِ، وَهَذَا الدعاءُ قَدِ اختُلِفَ فِيهِ هَلْ يجوزُ إطلاقُه عَلَى غَيْرِ النبيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَم لَا، وَالصَّحِيحُ أَنه خاصٌّ لَهُ وَلَا يُقَالُ لِغَيْرِهِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الصَّلاةُ الَّتِي بِمَعْنَى التَّعْظِيمِ وَالتَّكْرِيمِ لَا تُقال لِغَيْرِهِ، وَالَّتِي بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَالتَّبْرِيكِ تقالُ لِغَيْرِهِ؛ وَمِنْهُ:

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبي أَوْفَى

أَي تَرَحَّم وبَرِّك، وَقِيلَ فِيهِ: إنَّ هَذَا خاصٌّ لَهُ، وَلَكِنَّهُ هُوَ آثَرَ بِهِ غيرَه؛ وأَما سِواه فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَن يَخُصَّ بِهِ أَحداً. وَفِي الْحَدِيثِ:

مَنْ صَلَّى عليَّ صَلَاةً صَلَّتْ عَلَيْهِ الملائكةُ عَشْرًا

أَي دَعَتْ لَهُ وبَرَّكَتْ. وَفِي الْحَدِيثِ:

الصائمُ إِذَا أُكِلَ عندَه الطعامُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الملائكةُ.

وصَلوات اليهودِ: كَنائِسُهم. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ

؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ كَنائِسُ الْيَهُودِ أَي مَواضِعُ الصَّلواتِ، وأَصلُها بالعِبْرانِيَّة صَلُوتا.

وقُرئَتْ وصُلُوتٌ ومساجِدُ

، قَالَ: وَقِيلَ إِنَّهَا مواضِعُ صَلواتِ الصابِئِين، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَهُدِّمَتْ مواضعُ الصلواتِ فأُقِيمت الصلواتُ مقامَها، كما قال: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ؛ أَيْ حُبَّ العجلِ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَهْدِيمُ الصَّلَوات تَعْطِيلُها، وَقِيلَ: الصلاةُ بيْتٌ لأَهْلِ الكتابِ يُصَلُّون فِيهِ. وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ أَي رَحَماتٌ، قَالَ: ونَسَقَ الرَّحمة عَلَى الصَّلَوَاتِ لاختلافِ اللَّفظَين. وقوله: وصَلَواتُ الرَّسُولِ أَي ودَعَواته. والصَّلا: وسَطُ الظَّهرِ مِنَ الإِنسانِ وَمِنْ كلِّ ذِي أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: هُوَ مَا انْحَدَر مِنَ الوَرِكَيْنِ، وَقِيلَ: هِيَ الفُرْجَةُ بَيْنَ الجاعِرَةِ والذَّنَب، وَقِيلَ: هُوَ مَا عَنْ يَمِينِ الذَّنَبِ وشِمالِه، والجمعُ صَلَواتٌ وأَصْلاءٌ الأُولى مِمَّا جُمِعَ مِنَ المُذَكَّر بالأَلف وَالتَّاءِ. والمُصَلِّي مِنَ الخَيْل: الَّذِي يَجِيءُ بعدَ السابقِ لأَن رأْسَه يَلِي صَلا المتقدِّم وَهُوَ تَالِي السَّابِقِ، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِنَّمَا سُمِّيَ مُصَلِّياً لأَنه يَجِيءُ ورأْسُه عَلَى صَلا السابقِ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الصِّلَوَيْن لَا مَحالة، وَهُمَا مُكْتَنِفا ذَنَبِ الفَرَس، فكأَنه يأْتي ورأْسُه مَعَ ذَلِكَ المكانِ. يُقَالُ: صَلَّى الفَرَسُ إِذَا جَاءَ مُصَلِّياً. وصَلَوْتُ الظَّهْرَ: ضَرَبْتُ صَلاه أَو أَصَبْتُه بِشَيْءٍ سَهْمٍ أَو غيرهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ قَالَ: وَهِيَ هُذَلِيَّة. وَيُقَالُ: أَصْلَتِ الناقةُ فَهِيَ مُصْلِيةٌ إِذَا وَقَعَ ولدُها فِي صَلاها وقَرُبَ نَتاجُها. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ أَنه قَالَ: سَبَقَ رسولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وصَلَّى أَبو بَكْرٍ وثَلَّث عُمَر وخَبَطَتْنا فِتْنةٌ فَمَا شَاءَ اللَّهُ

؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وأَصلُ هَذَا فِي الخيلِ فالسابقُ الأَولُ، والمُصَلِّي الثَّانِي، قِيلَ لَهُ مُصَلٍّ لأَنه يكونُ عِنْدَ صَلا

<<  <  ج: ص:  >  >>