للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ فُعْلَةٌ عَلَى أَفعالٍ كَمَا قَالَ:

وعُقْبة الأَعْقابِ فِي الشَّهْرِ الأَصَمّ

قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ أَصْوَاءٌ جمعَ صُوىً مثلَ رُبَعٍ وأَرباعٍ، وَقِيلَ: الصُّوَى والأَصْواءُ الأَعلامُ المَنْصُوبة المُرْتَفِعة فِي غَلْظٍ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: إنَّ للإِسلامِ صُوًى ومَناراً كمَنارِ الطريقِ

، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْقُبُورِ أَصْواءٌ. قَالَ أَبو عَمْرٍو: الصُّوَى أَعْلامٌ مِنْ حجارةٍ منصوبةٌ فِي الفَيافي والمَفازةِ المجهولةِ يُسْتدَلُّ بِهَا عَلَى الطَّرِيقِ وَعَلَى طَرَفيها، أَراد أَنَّ للإِسلام طَرائقَ وأَعْلاماً يُهْتَدَى بِهَا؛ وَقَالَ الأَصمعي: الصُّوَى مَا غَلُظَ مِنَ الأَرض وَارْتَفَعَ وَلَمْ يَبْلُغ أَن يَكُونَ جَبَلًا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: وقولُ أَبي عَمْرٍو أَعْجَبُ إليَّ وَهُوَ أَشْبَهُ بِمَعْنَى الْحَدِيثِ؛ وَقَالَ لَبِيدٌ:

ثُمَّ أَصْدَرْناهما فِي وارِدٍ ... صادِرِ، وَهْمٍ صُواهُ قَدْ مثَلْ «١»

. وَقَالَ أَبو النَّجْمِ:

وبينَ أَعلامِ الصُّوَى المَوائِلِ

ابْنُ الأَعرابي: أَخْفَضُ الأَعلامِ الثَّايَةُ، وَهِيَ بلُغة بَنِي أَسَدٍ بقَدْرِ قِعْدَةِ الرجلِ، فَإِذَا ارْتفعَتْ عَنْ ذَلِكَ فَهِيَ صُوَّة. قَالَ يعقوبُ: والعَلَم مَا نُصِبَ مِنَ الْحِجَارَةِ ليُسْتدَلَّ بِهِ عَلَى الطريقِ، والعَلَمُ الجبلُ. وَفِي حَدِيثِ

لَقيط: فيَخْرُجون مِن الأَصْواءِ فيَنْظُرون إِلَيْهِ سَاعَةً

، قال القُتيبي: يعني ب الأَصْواءِ القُبورَ، وأَصلُها الأَعلامُ، شَبَّه القبورَ بِهَا، وَهِيَ أَيضاً الصُّوَى، وَهِيَ الْآرَامُ، وَاحِدُهَا أَرَمٌ وإرَمٌ وأَرَميٌّ وإرَميٌّ وأَيْرَميٌّ ويَرَميٌّ أَيضاً. وَفِي حَدِيثِ

أَبي هُرَيْرَةَ: فَتَخْرُجُونَ مِنَ الأَصْواءِ فتَنْظُرُون إِلَيْهِ

؛ الأَصْوَاءُ: القُبورُ. وَالصَّاوِي: اليابِسُ. الأَصمعي فِي الشَّاءِ: إِذَا أَيْبَس أَرْبابُها أَلْبانَها عَمْداً لِيَكُونَ أَسْمَنَ لَهَا فَذَلِكَ التَّصْوِيَةُ وَقَدْ صَوَّيْناها، يُقَالُ: صَوَّيْتها فصَوَتْ. ابْنُ الأَعرابي: التَّصْوِيَة فِي الإِناثِ أَن تُبَقَّى أَلبانُها فِي ضُروعِها لِيَكُونَ أَشدَّ لَهَا فِي العامِ المُقْبِلِ. وصَوَّيْت النَّاقَةَ: حَفَّلْتُها لتَسْمَنَ، وَقِيلَ: أَيْبَسْتُ لَبنَها، وَإِنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ ليكونَ أَسْمَنَ لَهَا؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:

إِذَا الدِّعْرِمُ الدِّفْناسُ صَوَّى لِقاحَه، ... فإنَّ لَنَا ذَوْداً عِظامَ المَحالِبِ

قَالَ: وناقةٌ مُصَوَّاةٌ ومُصَرّاة ومُحَفَّلَةٌ بِمَعْنًى واحدٍ. وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ:

التَّصْوِيَةُ خِلابَةٌ

، وكذلك التَّصْرِية. وصَوَّيْت الغَنمَ: أَيْبَسْتُ لَبنَها عَمْداً لِيَكُونَ أَسْمَنَ لَهَا مثلُه فِي الإِبِل، والاسمُ مِنْ كلِّ ذَلِكَ الصَّوَى، وقيل: الصَّوى أَنْ تترُكَها فَلَا تَحْلُبَها؛ قَالَ:

يَجْمع للرِّعاءِ فِي ثَلاثٍ: ... طُولَ الصَّوَى، وقِلَّةَ الإِرْغاثِ

والتَّصْوِيَةُ مثلُ التَّصْرِيَةِ: وَهُوَ أَنْ تُتْرَكَ الشاةُ أَيّاماً لَا تُحْلَب. والخِلابَةُ: الخِدَاعُ. وضَرْعٌ صاوٍ إِذَا ضَمَرَ وذَهَبَ لَبَنُه؛ قَالَ أَبو ذُؤَيب:

مُتَفَلِّق أَنْساؤُها عَنْ قَانِئٍ ... كالقُرْطِ صَاوٍ، غُبْرهُ لَا يُرْضَعُ

أَرادَ بالقانِيءِ ضَرْعَها، وَهُوَ الأَحْمَر لأَنه ضَمَر وارْتَفعَ لَبَنُه. التَّهْذِيبُ: الصَّوَى أنْ تُغَرَّز الناقةُ فيَذْهَبَ لَبَنُها؛ قَالَ الرَّاعِي:

فَطَأْطَأْتُ عَيْني، هلْ أَرَى مِنْ سَمِينة ... تَدارَك مِنها نَيّ عامَيْنِ والصَّوَى؟


(١). قوله [قد مثل] هكذا في الأَصل هنا، وتقدم في مادة مثل: صواه كالمثل؛ وشرحه هناك نقلًا عن ابن سيدة

<<  <  ج: ص:  >  >>