للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ والِ مَن وَالَاهُ أَي أَحْبِبْ مَنْ أَحَبَّه وانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ.

والمُوالاةُ عَلَى وُجُوهٍ، قَالَ ابْنُ الأَعرابي: المُوالاةُ أَن يَتَشَاجَرَ اثْنَانِ فَيَدْخُلُ ثَالِثٌ بَيْنِهِمَا لِلصُّلْحِ وَيَكُونُ لَهُ فِي أَحدهما هَوًى فيوالِيه أَوْ يُحابيه، وَوَالَى فُلَانٌ فُلَانًا إِذا أَحبَّه، قَالَ الأَزهري: وَلِلْمُوَالَاةِ مَعْنَى ثَالِثٌ، سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ والُوا حَواشِيَ نَعَمِكم عَنْ جِلَّتِها أَي اعْزِلوا صِغارَها عَنْ كِبارِها، وَقَدْ والَيْناها فتَوالَتْ إِذا تَمَيَّزَتْ، وأَنشد بَعْضُهُمْ:

وكُنَّا خُلَيْطَى فِي الجِمالِ، فأَصبحَتْ ... جِمالي تُوالَى وُلَّهاً مِن جِمالِكا

تُوالى أَي تُمَيَّزُ مِنْهَا، وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الأَعشى:

ولكنَّها كانتْ نَوًى أَجْنَبِيَّةً، ... تَواليَ رِبْعِيّ السِّقابِ فأَصْحَبا

ورِبْعِيُّ السِّقاب: الَّذِي نُتِجَ فِي أَوَّل الرَّبِيعِ، وتوَالِيه: أَن يُفْصَلَ عَنْ أُمه فيَشْتدَّ ولَهُه إِليها إِذا فَقَدها، ثُمَّ يَسْتَمِرُّ عَلَى المُوالاة ويُصْحِبُ أَي يَنْقَادُ ويَصْبِر بعد ما كَانَ اشْتدَّ عَلَيْهِ مِنْ مُفارَقته إِياها. وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: تَوالَيْتُ مَالِي وامْتَزْت مَالِي وازْدَلْت مَالِي بِمَعْنَى وَاحِدٍ، جُعِلَتْ هَذِهِ الأَحرف وَاقِعَةً، قَالَ: وَالظَّاهِرُ مِنْهَا اللُّزُومُ. ابْنُ الأَعرابي قَالَ: ابْنُ الْعَمِّ مَوْلًى وَابْنُ الأُخت مَوْلًى والجارُ والشريكُ والحَلِيف، وَقَالَ الْجَعْدِيُّ:

مَواليَ حِلْفٍ لَا مَوالي قَرابةٍ، ... ولكنْ قَطِيناً يَسْأَلونَ الأَتاوِيا

يَقُولُ: هُمْ حُلَفاء لَا أَبناء عَمٍّ، وَقَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:

فَلَوْ كَانَ عبدُ اللَّهِ مَوْلًى هَجَوْتُه، ... ولكنَّ عبدَ اللَّهِ مَوْلَى مَوالِيا

لأَنَّ عَبْدُ اللَّه بْنُ أَبي إِسحاق مَوْلَى الحَضْرَمِيِّين، وَهُمْ حُلفاء بَنِي عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، والحَلِيفُ عِنْدَ الْعَرَبِ مَوْلًى، وإِنما قَالَ مُوَالِيًا فَنَصَبَ لأَنه ردَّه إِلى أَصله لِلضَّرُورَةِ، وإِنما لَمْ يُنَوَّنْ لأَنه جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ غَيْرِ الْمُعْتَلِّ الَّذِي لَا يَنْصَرِفُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَعَطَفَ قَوْلَهُ وَلَكِنْ قَطِينًا عَلَى الْمَعْنَى، كأَنه قَالَ لَيْسُوا مَوالِيَ قَرَابَةٍ وَلَكِنْ قَطِينًا، وَقَبْلَهُ:

فَلَا تَنْتَهي أَضْغانُ قَوْميَ بينَهم ... وسَوْآتُهم، حَتَّى يَصِيرُوا مَوالِيا

وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ:

مَوْلى القَوْمِ مِنْهُمْ.

قَالَ ابْنُ الأَثير: الظَّاهِرُ مِنَ الْمَذَاهِبِ وَالْمَشْهُورُ أَن مَوالي بَنِي هاشِم والمُطَّلِب لَا يَحرم عَلَيْهِمْ أَخذ الزَّكَاةِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الَّذِي بِهِ حَرُمَ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ، وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ عَلَى وَجْهٍ أَنه يَحْرُمُ عَلَى الْمَوَالِي أَخذها لِهَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ: وَوَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثِ وَنَفِي التَّحْرِيمِ أَنه إِنما قَالَ هَذَا الْقَوْلَ تَنْزِيهًا لَهُمْ، وَبَعْثًا عَلَى التَّشَبُّهِ بسادتِهم والاسْتِنانِ بسنَّتهم فِي اجْتِنَابِ مَالِ الصَّدَقَةِ الَّتِي هِيَ أَوساخ النَّاسِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْمَوْلَى فِي الْحَدِيثِ، قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ يَقَعُ عَلَى جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ فَهُوَ: الرَّبُّ والمالِك والسَّيِّدُ والْمُنْعِم والْمُعْتِقُ والنَّاصِر والمُحِبُّ والتَّابع والجارُ وَابْنُ العَم والحَلِيفُ والعَقِيدُ والصِّهْرُ والعَبْدُ والمُعْتَقُ والمُنْعَمُ عَلَيْهِ، قَالَ: وأَكثرها قَدْ جاءَت فِي الْحَدِيثِ فَيُضَافُ كُلُّ وَاحِدٍ إِلى مَا يَقْتَضِيهِ الْحَدِيثُ الْوَارِدُ فِيهِ، وكلُّ مَنْ وَليَ أَمراً أَو قَامَ بِهِ فَهُوَ مَوْلاه وَوَلِيُّه، قَالَ: وَقَدْ تَخْتَلِفُ مَصَادِرُ هَذِهِ الأَسماءِ، فالوَلايةُ بِالْفَتْحِ فِي النَّسَبِ والنُّصْرة والعِتْق والوِلايةُ بِالْكَسْرِ فِي الإِمارة والوَلاءُ فِي المُعْتَق، والمُوالاةُ مَنْ وَالَى القومَ، قَالَ ابْنُ الأَثير:

وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كنتُ مَوْلاه فعَليٌّ مَوْلاه

،

<<  <  ج: ص:  >  >>