للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ويَدِيٌّ جَمْعُ يَدٍ، وَهُوَ فَعِيلٌ مِثْلُ كلْب وكَلِيب وعَبْد وعَبيد، قَالَ: وَلَوْ كَانَ يَدِيٌّ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ يَدِيّاً فُعُولًا فِي الأَصل لَجَازَ فِيهِ الضَّمُّ وَالْكَسْرُ، قَالَ: وَذَلِكَ غَيْرُ مَسْمُوعٍ فِيهِ. ويَدَيْتُ إِليه يَداً وأَيْدَيْتُها: صَنَعْتها. وأَيْدَيْتُ عِنْدَهُ يَدًا فِي الإِحسان أَي أَنْعَمْت عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: إِنَّ فُلَانًا لَذُو مَالٍ يَيْدِي بِهِ ويَبُوع بِهِ أَي يَبْسُط يَدَه وَبَاعَهُ. ويادَيْتُ فُلَانًا: جازَيْتُه يَدًا بِيَدٍ، وأَعطيته مُياداةً أَي مِنْ يدِي إِلى يَدِهِ. الأَصمعي: أَعطيته مَالًا عَنْ ظَهْرِ يَدٍ، يَعْنِي تَفَضُّلًا لَيْسَ مِنْ بَيْعٍ وَلَا قَرْض وَلَا مُكافأَة. اللَّيْثُ: اليَدُ النِّعْمةُ السابغةُ. ويَدُ الفأْسِ ونحوِها: مَقْبِضُها. ويَدُ القَوْسِ: سِيَتُها. ويدُ الدَّهْر: مَدُّ زَمَانِهِ. ويدُ الرِّيحِ: سُلْطانُها؛ قَالَ لَبِيدٌ:

نِطافٌ أَمرُها بِيَدِ الشَّمال

لَمَّا مَلَكَتِ الريحُ تَصْرِيفَ السَّحاب جُعل لَهَا سُلطان عَلَيْهِ. وَيُقَالُ: هَذِهِ الصَّنْعَةُ فِي يَدِ فُلَانٍ أَي فِي مِلْكِه، وَلَا يُقَالُ فِي يَدَيْ فُلَانٍ. الْجَوْهَرِيُّ: هَذَا الشَّيْءُ فِي يَدِي أَي فِي مِلْكي. ويَدُ الطَّائِرِ: جَناحُه. وخَلَعَ يدَه عَنِ الطَّاعَةِ: مِثْلَ نزَعَ يدَه، وأَنشد:

وَلَا نازِعٌ مِن كلِّ مَا رابَني يَدا

قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا بايَعْتُه يَداً بيَدٍ، وَهِيَ مِنَ الأَسماء الْمَوْضُوعَةِ مَوْضِعَ المَصادِر كأَنك قُلْتَ نَقْداً، وَلَا يَنْفَرِدُ لأَنك إِنما تُرِيدُ أَخذَ مِنِّي وأَعْطاني بِالتَّعْجِيلِ، قَالَ: وَلَا يَجُوزُ الرَّفْعُ لأَنك لَا تُخْبِرُ أَنك بايَعْتَه ويدُك فِي يَدِه. واليَدُ: القُوَّةُ. وأَيَّدَه اللَّهُ أَي قَوَّاه. وَمَا لِي بِفُلَانٍ يَدانِ أَي طاقةٌ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ

؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ كَعْبُ بْنُ سَعْدٍ الغَنَويِّ:

فاعمِدْ لِما يَعْلُو، فَمَا لكَ بِالَّذِي ... لَا تستَطِيعُ مِنَ الأُمورِ يَدانِ

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا

، وَفِيهِ: فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ.

وَقَوْلُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: المُسْلِمُونَ تتَكافَأُ دماؤُهم ويَسْعَى بذِمَّتهم أَدْناهم وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَن سِواهم

أَي كَلِمَتُهم وَاحِدَةٌ، فبعضُهم يُقوِّي بَعْضاً، وَالْجَمْعُ أَيْدٍ، قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى قَوْلِهِ يَدٌ عَلَى مَن سِوَاهُمْ أَي هُمْ مُجْتَمِعُونَ عَلَى أَعدائِهم وأَمرُهم وَاحِدٌ، لَا يَسَعُهم التَّخاذُل بَلْ يُعاوِنُ بعضُهم بَعْضًا، وكَلِمَتُهم ونُصْرَتُهم واحدةٌ عَلَى جَمِيعِ المِلَلِ والأَدْيانِ المُحاربةِ لَهُمْ، يتَعاوَنون عَلَى جَمِيعِهِمْ وَلَا يَخْذُل بعضُهم بَعْضًا، كأَنه جَعَلَ أَيْدِيَهم يَداً وَاحِدَةً وفِعْلَهم فِعْلًا وَاحِدًا. وَفِي الْحَدِيثِ:

عَلَيْكُمْ بالجماعةِ فإِنَّ يدَ اللهِ عَلَى الفُسْطاطِ

؛ الفُسْطاطُ: المِصْرُ الجامِعُ، ويَدُ اللهِ كِنَايَةٌ عَنِ الحِفظ والدِّفاع عَنْ أَهل الْمِصْرِ، كأَنهم خُصُّوا بواقِيةِ اللهِ تَعَالَى وحُسْنِ دِفاعِه؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ:

يَدُ اللهِ عَلَى الجَماعةِ

أَي أَنَّ الْجَمَاعَةَ المُتَّفِقةَ مِنْ أَهل الإِسلام فِي كَنَفِ اللهِ، ووِقايَتُه فَوْقَهم، وَهُمْ بَعِيد مِنَ الأَذَى والخوْف فأَقِيموا بَيْنَ ظَهْرانَيهِمْ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ:

اليَدُ العُلْيا خَيْرٌ مِنَ اليَدِ السُّفْلى

؛ العُلْيا المُعْطِيةُ، وَقِيلَ: المُتَعَفِّفَةُ، والسُّفْلى السائلةُ، وَقِيلَ: المانِعةُ.

وَقَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِنِسَائِهِ: أَسْرَعُكُنَّ لُحوقاً بِي أَطْوَلُكُنَّ يَداً

؛ كَنَى بطُولِ الْيَدِ عَنِ العَطاء والصَّدَقةِ. يُقَالُ: فُلَانٌ طَوِيلُ اليَدِ وطويلُ الباعِ إِذا كَانَ سَمْحاً جَواداً. وَكَانَتْ زَيْنَبُ تُحِبُّ الصَّدقة وَهِيَ مَاتَتْ قَبْلَهنَّ. وَحَدِيثُ

قَبِيصةَ: مَا رأَيتُ أَعْطَى للجَزِيل عَنْ ظَهْرِ يَدٍ مِنْ طَلْحَة

أَي عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>