إِنْعامٍ ابْتَدَاءً مِنْ غيرِ مكافأَةٍ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ
؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أُولي القُوَّة وَالْعُقُولِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: مَا لِي بِهِ يَدٌ أَي مَا لِي بِهِ قُوَّة، وَمَا لِي بِهِ يَدانِ، وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ أَيْدٍ أَي قُوَّةٌ، ولهم أَيْدٍ وأَبْصار وهم أُولُو الأَيْدي والأَبْصار. واليَدُ: الغِنَى والقُدْرةُ، تَقُولُ: لِي عَلَيْهِ يَدٌ أَي قُدْرة. ابْنُ الأَعرابي: اليَدُ النِّعْمةُ، واليَدُ القُوَّةُ، واليَدُ القُدْرة، واليَدُ المِلْكُ، واليَدُ السُلْطانُ، واليَدُ الطاعةُ، واليَدُ الجَماعةُ، واليَدُ الأَكْلُ؛ يُقَالُ: ضَعْ يدَكَ أَي كُلْ، واليَدُ النَّدَمُ، وَمِنْهُ يُقَالُ: سُقِط فِي يَدِهِ إِذا نَدِمَ، وأُسْقِطَ أَي نَدِمَ. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ
؛ أَي نَدِمُوا، واليَدُ الغِياثُ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْمِ، واليَدُ الاسْتِسلامُ، واليدُ الكَفالةُ فِي الرَّهْن؛ وَيُقَالُ للمعاتِب: هَذِهِ يَدِي لكَ. وَمِنْ أَمثالهم: لِيَدٍ مَا أَخَذتْ؛ الْمَعْنَى مَنْ أَخذ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ. وَقَوْلُهُمْ: يَدِي لكَ رَهْنٌ بِكَذَا أَي ضَمِنْتُ ذَلِكَ وكَفَلْتُ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: لَهُ عليَّ يَدٌ، وَلَا يَقُولُونَ لَهُ عِنْدِي يدٌ؛ وأَنشد:
لَهُ عليَّ أَيادٍ لَسْتُ أَكْفُرُها، ... وإِنما الكُفْرُ أَنْ لَا تُشْكَرَ النِّعَمُ
قَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: الْعَرَبُ تُشَدِّدُ الْقَوَافِيَ وإِن كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْمُضَاعَفِ مَا كَانَ مِنَ الْيَاءِ وَغَيْرِهِ؛ وأَنشد:
فجازُوهمْ بِمَا فَعَلُوا إِلَيْكُمْ، ... مُجازاةَ القُرُومِ يَداً بيَدِّ
تَعالَوْا يَا حَنِيفَ بَني لُجَيْمٍ، ... إِلَى مَنْ فَلَّ حَدَّكُمُ وَحَدِّي
وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ: مِنْ أَمثالهم:
أَطاعَ يَداً بالقَوْدِ فَهْوَ ذَلُولُ
إِذا انْقادَ واستسلمَ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَنه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِي مُنَاجَاتِهِ رَبَّهُ وَهَذِهِ يَدِي لَكَ
أَي اسْتَسْلَمْتُ إِليك وانْقَدْت لَكَ، كَمَا يُقَالُ فِي خلافِه: نزَعَ يدَه مِنَ الطَّاعَةِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ
عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: هَذِهِ يَدي لعَمَّار
أَي أَنا مُسْتَسْلِمٌ لَهُ مُنْقادٌ فليَحْتَكِمْ عليَّ بِمَا شَاءَ. وَفِي حَدِيثِ
عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مرَّ قومٌ مِنَ الشُّراة بِقَوْمٍ مِنْ أَصحابه وَهُمْ يَدْعُون عَلَيْهِمْ فَقَالُوا بِكُم اليَدانِ
أَي حاقَ بِكُمْ مَا تَدْعُون بِهِ وتَبْسطُون أَيْدِيَكم. تَقُولُ الْعَرَبُ: كَانَتْ بِهِ اليَدانِ أَي فَعَلَ اللهُ بِهِ مَا يقولُه لِي، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ: رَماني مِنْ طُولِ الطَّوِيِّ وأَحاقَ اللهُ بِهِ مَكْرَه ورجَع عَلَيْهِ رَمْيُه، وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ:
لَمَّا بَلَغَهُ مَوْتُ الأَشتر قَالَ لليَدَيْنِ وللفَمِ
؛ هَذِهِ كَلِمَةٌ تُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا دُعِيَ عَلَيْهِ بالسُّوء، مَعْنَاهُ كَبَّه اللَّهُ لِوَجْهِهِ أَي خَرَّ إِلى الأَرض عَلَى يدَيه وفِيهِ؛ وَقَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
أَلا طَرَقَتْ مَيٌّ هَيُوماً بذِكْرِها، ... وأَيْدِي الثُّرَيّا جُنَّحٌ فِي المَغارِب
استعارةٌ وَاتِّسَاعٌ، وَذَلِكَ أَنَّ اليَدَ إِذا مالَتْ نَحْوَ الشَّيْءِ ودَنَتْ إِليه دَلَّتْ عَلَى قُرْبها مِنْهُ ودُنوِّها نحوَه، وإِنما أَراد قُرْبَ الثُّرَيَّا مِنَ المَغْربِ لأُفُولها فَجُعِلَ لَهَا أَيْدِياً جُنَّحاً نَحْوَهَا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
حَتَّى إِذا أَلْقَتْ يَداً فِي كافِرٍ، ... وأَجَنَّ عَوْراتِ الثُّغُورِ ظَلامُها
يَعْنِي بدأَت الشَّمْسُ فِي المَغِيب، فجعل للشمس يَداً إِلى المَغِيب لَمَّا أَراد أَن يَصِفَها بالغُروب؛ وأَصل هَذِهِ الِاسْتِعَارَةِ لِثَعْلَبَةَ بْنِ صُعَيْر الْمَازِنِيِّ فِي قَوْلِهِ:
فتَذَكَّرا ثَقَلًا رَثِيداً بَعْدَ ما ... أَلْقَتْ ذُكاءُ يَمِينها فِي كافِرِ