للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فتَصِلُ إِلى الأَلف وَاللَّامِ بأَيٍّ، وَهَا لازِمةٌ لأَيٍّ لِلتَّنْبِيهِ، وَهِيَ عِوَضٌ مِنَ الإِضافة فِي أَيٍّ لأَن أَصل أَيٍّ أَن تَكُونَ مُضَافَةً إِلى الِاسْتِفْهَامِ وَالْخَبَرِ. وَتَقُولُ للمرأَةِ: يَا أَيَّتُها المرأَةُ، والقرّاء كلهم قَرَؤُوا: أَيُّها وَيَا أَيُّها الناسُ وأَيُّها الْمُؤْمِنُونَ، إِلا ابنَ عَامِرٍ فإِنه قرأَ أَيُّهُ الْمُؤْمِنُونَ، وَلَيْسَتْ بجَيِّدةٍ، وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: هِيَ لُغَةٌ؛ وأَما قَوْلُ جَرير:

يقولُ لِي الأَصْحابُ: هَلْ أَنتَ لاحِقٌ ... بأَهْلِكَ؟ إِنَّ الزَّاهِرِيَّةَ لَا هِيا

فَمَعْنَى لَا هِيا أَي لَا سَبِيلَ إِليها، وَكَذَلِكَ إِذا ذكَر الرَّجُلُ شَيْئًا لَا سَبِيلَ إِليه قَالَ لَهُ المُجِيبُ: لَا هُوَ أَي لَا سَبِيلَ إِليه فَلَا تَذْكُرْهُ. وَيُقَالُ: هُوَ هُوَ أَي هُوَ مَن قَدْ عرَفْتُهُ. وَيُقَالُ: هِيَ هِيَ أَي هِيَ الداهِيةُ الَّتِي قَدْ عَرَفْتُها، وَهُمُ هُمْ أَي هُمُ الَّذِينَ عَرَفْتُهم؛ وَقَالَ الْهُذَلِيُّ:

رَفَوْني وَقَالُوا: يَا خُوَيْلِدُ لَم تُرَعْ؟ ... فقُلتُ وأَنْكَرْتُ الوجوهَ: هُمُ هُمُ

وَقَوْلُ الشَّنْفَرَى:

فإِنْ يكُ مِن جِنٍّ لأَبْرَحُ طارِقاً، ... وإِنْ يَكُ إِنْساً مَا كَها الإِنْسُ تَفْعَلُ

أَي مَا هَكَذَا الإِنْسُ تَفْعَل؛ وَقَوْلُ الْهُذَلِيِّ:

لَنا الغَوْرُ والأَعْراضُ فِي كلِّ صَيْفةٍ، ... فذَلِكَ عَصْرٌ قَدْ خَلا هَا وَذا عَصْرُ

أَدخلَ هَا التَّنْبِيهِ؛ وَقَالَ كَعْبٌ:

عادَ السَّوادُ بَياضاً فِي مَفارقِهِ، ... لَا مَرْحَباً هَا بِذَا اللَّوْنِ الَّذِي رَدَفا

كأَنه أَراد لَا مَرْحَباً بِهَذَا اللَّوْنِ، فَفَرَقَ بَيْنَ هَا وَذَا بالصِّفة كَمَا يفْرُقون بَيْنَهُمَا بِالْاسْمِ: هَا أَنا وَهَا هُوَ ذَا. الْجَوْهَرِيُّ: وَالْهَاءُ قَدْ تَكُونُ كِنايةً عَنِ الغائبِ والغائِبة، تَقُولُ: ضَرَبَه وضَرَبها، وَهُوَ للمُذكَّر، وهِيَ للمُؤنثِ، وإِنما بَنَوا الواوَ فِي هُوَ وَالْيَاءَ فِي هِيَ عَلَى الْفَتْحِ ليَفْرُقُوا بَيْنَ هَذِهِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ الَّتِي هِيَ مِن نَفْسِ الْاسْمِ المَكْنِيِّ وَبَيْنَ الْوَاوِ وَالْيَاءِ اللَّتَيْنِ تَكُونَانِ صِلَةً فِي نَحْوِ قَوْلِكَ رأَيْتُهو ومَرَرْتُ بِهِي، لأَن كُلَّ مَبْنِيّ فَحَقُّهُ أَن يُبْنى عَلَى السُّكُونِ، إِلا أَن تَعْرِضَ عِلَّة تُوجِبُ الحَركة، وَالَّذِي يَعْرِضُ ثلاثةُ أَشياء: أَحَدُها اجتماعُ الساكِنَيْنِ مِثْلُ كَيْفَ وأَيْن، وَالثَّانِي كَوْنُهُ عَلَى حَرْف وَاحِدٍ مِثْلَ الْبَاءِ الزَّائِدَةِ، والثالثُ الفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِثْلَ الفِعل الماضِي يُبْنى عَلَى الْفَتْحِ، لأَنه ضارَعَ بعضَ المُضارعةِ فَفُرِقَ بالحَركة بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَمْ يُضارِعْ، وَهُوَ فِعْلُ الأَمْرِ المُواجَهِ بِهِ نَحْوَ افْعَلْ؛ وأَما قولُ الشَّاعِرُ:

مَا هِيَ إِلا شَرْبةٌ بالحَوْأَبِ، ... فَصَعِّدِي مِنْ بَعْدِها أَو صَوِّبي

وَقَوْلُ بِنْتِ الحُمارِس:

هَلْ هِيَ إِلَّا حِظةٌ أَو تَطْلِيقْ، ... أَو صَلَفٌ مِنْ بَينِ ذاكَ تَعْلِيقْ؟

فإِنَّ أَهل الْكُوفَةِ قَالُوا هِيَ كِنايةٌ عَنْ شَيْءٍ مَجْهُولٍ، وأَهل البَصرة يَتأَوَّلُونها القِصَّة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَضَمِيرُ الْقِصَّةِ والشأْن عِنْدَ أَهل الْبَصْرَةِ لَا يُفَسِّره إِلا الجماعةُ دُونَ المُفْرَد. قَالَ الْفَرَّاءُ: وَالْعَرَبُ تَقِفُ عَلَى كُلِّ هاءِ مؤنَّث بِالْهَاءِ إِلا طَيِّئاً فإِنهم يَقِفون عَلَيْهَا بِالتَّاءِ فَيَقُولُونَ هَذِهِ أَمَتْ وجاريَتْ وطَلْحَتْ، وإِذا أَدْخَلْتَ الْهَاءَ فِي النُّدْبة أَثْبَتَّها فِي الوقْف وحذفْتها فِي الْوَصْلِ، ورُبما ثَبَتَتْ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ فتُضَمُّ كالحَرْف الأَصليّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ فتُضَمُّ كَهَاءِ الضَّمِيرِ فِي عَصاهُ ورَحاهُ، قَالَ: وَيَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>