ونقل بعض الفقهاء عنه -رضي الله تعالى عنه-: أنه قال: إذا طاف بالبيت وهو جنب، عليه دم، ولا ريب أن المراد بذلك أنه يشبه الصلاة من بعض الوجوه، وليس المراد: أنه نوع من الصلاة التي تشترط لها الطهارة، وهذا كقوله: إذا أتى أحدكم المسجد، فلا يُشَبكنَّ بين أصابعه؛ فإنه في صلاة، ما كانت الصلاةُ تحبسُه وما دام ينتظر الصلاة، وما كان يعمد إلى الصلاة، ونحو ذلك، فلا يجوز لحائض أن تطوف إلا طاهرة إذا أمكنها ذلك باتفاق العلماء، ولو قدمت المرأة حائضاً، ولم تطف بالبيت، لكن تقف بعرفة، وتفعل سائر المناسك، وإن اضطرت إلى الطواف، فطافت، أجزأها على الصحيح من قول العلماء، وعن عائشة: أن أول شيء بدأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة: أنه توضأ، ثم طاف بالبيت، متفق عليه.
٢ - الثاني: ستر العورة؛ لحديث أبي بكر، قال: لا يطوف بالبيت عُريان، رواه الشيخان، وفيه دليل على وجوب سترها حال الطواف، واختلف هل الستر شرط لصحة الطواف أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه شرط، وذهب الحنفية إلى أنه ليس بشرط، فمن طاف عرياناً، أعاد ما دام بمكة، وإن خرج، لزمه دم.
٣ - الثالث: الاضطباع، وهو مستحب عند الجمهور، سوى مالك، وقال الشافعية: هو في طواف ليس فيه الرمَل، وعند الحنفية: مستحب، أو سنة في جميع طواف القدوم، وطواف العمرة خاصة، وعند الشافعية: يستديم الاضطباع إلى آخر السعي إلا في ركعتي الطواف، وعند الحنفية والحنابلة: أنه في الطواف خاصة، ولا يشرع عند المالكية الاضطباعُ في الطواف، ولا في غيره، والحديث يردُّ عليهم، وكأنه لم يبلغهم.
والاضطباع: أن يجعل وسطَ ردائه تحت إبطه اليمنى، يجمع طرفيه على منكبه الأيسر، فيرخي طرفاً وراء ظهره، وطرفاً على صدره بالاتفاق.
٤ - الرابع: أن يَرْمُل في ثلاثة أشواط، ويمشي في الأربعة الآخر على الهيئة المعتادة؛ لحديث جابر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم مكة: أتى الحَجَر فاستلمه، ثم مشى على يمينه، فرمل ثلاثاً، ومشى أربعاً، رواه مسلم، والنسائي، ولم