أ- أن كل واحد منهما: "المعاني، البيان" -وإنْ تلازما- علم مستقلّ بذاته، فالتثنية أصدق عليهما؛ بخلاف من أثبت الإفراد؛ فإنَّه يتحتَّم عليه أن يصرفه إلى الجِنْس أَوّلا "علم البلاغة"، ومن ثم إلى عِلمي المعاني والبيان. ومن وجهٍ آخر يلزمه -أيضًا- تقدير محذوف قبل كلمة "البيان"، ليستقيم الكلام وهو كلمة "وعلم"؛ فيكون الكلام هكذا: "فهذا مختصر في علم المعاني وعلم البيان، وما لا يحتمل التقدير أَوْلَى مما يحتمل التقدير. لذا كانت التثنية أَوْلَى. ب- ما ذكره المصنّف من أنّ كتابَه مُختصر "يتضمّن مقاصد مفتاح العلوم؛ وقد صرّح صاحب الفتاح "السَّكاكيّ" بالتَّثنية؛ إذ قال (مفتاح العلوم: ١٦١): "القسم الثالث في علمي المعاني والبيان" فتأَكد إثباتها قياسًا للفرع على الأصل. (١) أي: مقاصد القسم الثالث من مفتاح العلوم، لأبي يعقوب السَّكاكي؛ أطلق اسم الكلّ وأراد به الجزء. هذا هو الرّأي الرّاجح. وقد ذكر أحدُ الشُّرَّاح رأيًا آخر إضافة إلى ما تقدّم؛ وهو أن المختصر "يتضمن مقاصد المفتاح نفسه؛ وهو ما يشتمل عليه القسم الثالث ... إذ هو المقصود بالذات من المفتاح، وما تشتمل عليه سائر الأجزاء؛ من سوابقه ولواحقه- وسيلة إليه". شرح الفوائد الغياثية. مجهول: (٤ / أ). ولا شكّ أن هذا الرأي مرجوحٌ مجانبٌ للصَّواب؛ لأنَّ الفوائد الغياثية لم تشتمل إلَّا على مهمّات القسم الثّالث لا مجموعها. ولو كان الأمر كما ذكر لوجب استيعاب القسم الثّالث بتمامه. وليس كذلك. يقول طاشكبرى زاده دافعًا هذا الرّأي (شرح الفوائد الغياثية: ٥): "ولا توهمنّ أنّه أَراد بمفتاح العلوم: المجموع، وبالمقاصد: القسم الثّالث؛ بناء على أنَّه العُمدة =