للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الشّيخ عبد القاهر (١)، إذ لا يُعتقدُ أنَّ: قلتَ كلَّ شِعْر؛ أي: لاسْتلزامه أن يكونَ قد اعتقد فيك (٢) مُعْتقدٌ: أنَّك قُلتَ كل شعرٍ في الدُّنيا فنفيت أن يكون إِيَّاه. ووجهُ الاستلزامِ أنَّه في قُوَّةِ: قال غيري كلَّ شعرٍ، وهو في جواب: ما قال غيرُك كل شعرٍ، وفيه اعتقادٌ أَنَّك قلتَ كلَّ شعرٍ.

وأمَّا لو أردتَ التَّخصيص، كما تُريد شعرًا معيّنًا فلا مَنْع منه.

ولا في "مما أنما ضربتُ"؛ أي: لا تقلْ في [نحو] (٣) "ما أنا ضربتُ" كلمة: "إلا زيدًا" حتَّى يصير هكذا: "ما أنا ضربتُ إلّا زيدًا"؛ لأنّه يُفيد أنَّك ضَربته ولم تضربه، لأن نقضَ النَّفي بـ "إلّا" يقتضي أن


(١) أورد الإمام عبد القاهر الجرجانيّ -رحمه الله- صورتي التَّأخير والتَّقديم. ومثّل لهما بأكثر من مثال. من ذلك قوله في الصورة الأَولى -التّأخير- (دلائل الإعجاز ١٢٤): "أنَّك إذا قلتَ: (ما قلتُ هذا)، كنتَ نفيت أن تكون قد قلت ذاك، وكنت نوظرت في شيء لم يثبت أنّه مَقُول".
وقوله في الصورة الثانية -التَّقديم-: "وإذا قُلت: (ما أنا قلتُ هذا) كنتَ نفيتَ أن تكون القائلَ له، وكانت المناظرة في شيء ثَبَت أنّه مقُولٌ".
ثمَّ أردفَ ذلك بتقرير المسألة الّتي نحن بصددها؛ فصرَّح بالعموم في الصّورة الأَولى واستلزامه العطف عليها في الصُّورة الثانية. يقول (ص: ١٢٤): "ومن أجل ذلك صَلَحَ في الوجه الأَوَّل أن يكون المنفيُّ عامًا؛ كقولك: (ما قلتُ شعرًا قطُّ). . . ولم يصلح في الوجه الثّاني؛ فكان خَلْفًا أن تقول: (ما أنا قلت شعرًا قط). . . وذلك أنّه يقتضي المُحال، وهو أن يكون -ها هنا- إنسان قد قال كلَّ شعرٍ في الدُّنيا. . . فنَفيتَ أن تكونَه".
(٢) في الأصل: "قبل"، وهو تصحيف لحق أحرف الكلمة كلِّها، والصَّواب من أ، ب.
(٣) ما بين المعقوفين ساقطٌ من الأصل، ومثبت من: أ، ب. وهو الأَولى لتعميم النّهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>