للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعلمْ: أن المشهورَ [أن] (١) "لو" لامتناع الشَّيءِ لامتناع غيره، وقد وقعَ في بعض العبارات: أَنّه لامتناع الثَّاني لامتناع الأوّل (٢)؛ كما يُقال في نحو: (لو جئتني أكرمتك): أن انتفاءَ إكرامك لانتفاءِ مجيءِ مخاطبك، وفي بعضها: إنّه لامتناع الأَوَّل لامتناع الثَّاني؛ كما قال ابن الحاجب في قوله -تعالى-: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} (٣): إنّه نفى التعدُّد لانتفاء الفساد (٤).

وَالتَّحقيقُ فيه: أنَّه يُستعملُ (٥) في كلا المعنيين؛ لكن بالاعتبارين: باعتبار الوجودِ والتَّعليلِ، وباعتبارِ العلمِ والاستدلالِ؛ فيقول: لَمَّا كان المجيءُ عِلّةً للإكرامِ بحسب الوجودِ فانتفاءُ الإكرامِ لانتفاءِ االمجيءِ (٦) انتفاءٌ


(١) ما بين المعقوفين ساقط من الأصل، ومثبت من أ، ب. ولا بد منه لتمام السياق.
(٢) وعلى هذا القول درج جمهور النحاة. كما سبق أن أشرت ص: (٤٦٦).
(٣) سورة الأنبياء؛ من الآية: ٢٢.
(٤) وبيانه: أنّ الآية سيقت ليستدلّ بامتناع الفساد على امتناع تعدّد الآلهة دون العكس؛ إذ لا يلزم من انتفاء تعدد الآلهة انتفاء الفساد؛ لجواز وقوعه بإرادة الواحد الأحد لحكمة تقتضيه، ولأنّ المعلوم هو انتفاء الفساد لكونه مشاهدًا، والمجهول هو انتفاء التعدد لكونه غير مشاهد، وإنَّما يستدلّ بالمعلوم على المجهول دون العكس.
وعليه فإن امتناع الأوَّل؛ وهو (التعدد) حاصل بسبب امتناع الثَّاني؛ وهو (الفساد).
فـ (لو) حينئذ تفيد: امتناع الأوَّل لامتناع الثّاني.
ينظر: الإيضاح في شرح المفصل: (٢/ ٢٤٢).
(٥) في ب: "ليستعمل".
(٦) في ب زيادة: "ظاهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>