للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمعلولِ لانتفاءَ علّته (١). و -أيضًا-: لَمَّا يُعلم انتفاءُ الإكرامِ فقد يُستدل منه على انتفاءِ المجيء؛ استدلالًا من انتفاءِ اللازمِ على انتفاء الملزومِ. وهكذا في الآيةِ الكريمةِ (٢)؛ تقولُ في مقامِ التَّعليلِ: انتفاءُ الفسادِ لانتفاء عِلّته -أي: التَّعدُّد-، وفي مقامِ الاستدلالِ: يُعلم انتفاء التَّعدّدِ لانتفاءّ الفسادِ؛ فمن قال بالأوّلِ (٣) نظرَ إلى الاعتبارِ الأوّلِ، ومن قال بالثاني (٤) نظرَ إلى الاعتبار (٥) الثَّاني؛ هذا إذا لم يمتنعْ نَفيُ الجزاء، أمَّا إذا امتنع فليس لامتناع الشّيءِ لامتناع غيره؛ بلْ لبيان الملازمةِ وإثباتِ الجزاءِ مطلَقًا؛ أمّا عند وجودِ الواو فلاقتضائه معطوفًا عليه؛ كأنه في حكمِ شرطين؛ أي: أحبّك لو لم تكن قاتلي ولو كنت قاتلي، وأمّا عند عدمِ الواو فلأنّه إذا كان المتروك أولى يَدل عليه بمفهومِ الموافقةِ (٦)؛ كما


(١) في أوردت العبارة هكذا: "فانتفاء الإكرام لانتفاء المجئ ظاهر لانتفاء المعلول لانتفاء العلة" وهما بمعنى.
(٢) أي: المتقدّمة؛ وهي قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}.
(٣) وهم الجمهور.
(٤) وهو ابن الحاجب.
(٥) في الأصل: "اعتبار" والمثبت من أ، ب. وهو الملائم لما قبله.
(٦) مفهوم الموافقة هو: "فهم الحكم في المسكوت من المنطوق بدلالة سياق الكلام ومقصوده، ومعرفة وجود المعنى في المسكوت بطريق الأَوْلَى؛ كفهم تحريم الشّتم والضّرب من قوله: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء، من الآية: ٢٣] " روضة النّاظر وجنّة المناظر لابن قدامة (طبعه مكتبة الرّشد): (٢/ ٧٧٢)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>