للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَّا جعلوها كالخالق؛ فاقتضى المقامُ أَنْ يُجعلَ الخالقُ مُشَبَّهًا به، وغيرُ الخالقِ مُشَبّهًا؛ لكنّ في عكسِه مزيدَ توبيخٍ؛ إذ المعنى يصيرُ: أن غيرَ الخالِق عندهم في وجه الشَّبهِ أقوى من الخالقِ وأَوْلَى باسمِ الألُوهيَّةِ (١).


(١) تبيّن -من كلام الشّارح- أن مراده "بمن لا يخلق" الأصنام. وهو رأيٌ أورده السَّكاكيُّ -أيضًا- غير أنَّه رجَّح غيره فقال (المفتاح: ٣٤٤): "وعندي أنّ الّذي تقتضيه البلاغةُ القرآنيّة هو أن يكون المراد بمن لا يخلق: الحيُّ العالم القادر من الخلق لا الأصنام، وأن يكون الإنكار موجّهًا إلى توهّم تشبيه الحيّ العالم القادر من الخلق به تعالى وتقدّس عن ذلك علوًّا كبيرًا؛ تعريضًا به عن أبلغ الإنكار؛ لتشبيه ما ليس بحيٍّ عالم قادر به تعالى، ويكون قوله: {أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} تنبيه توبيخ على مكان التّعريض".
وعلى هذا الرّأي يلزم إنكار عبوديّة الأوثان بالطريق الأَولى.
هذا، وإنّما قال الصنّف -رحمه الله-: "ومنه" قبل إيراد المثالين؛ لاحتمالهما أن لا يكونا من التّشبيه المقلوب؛ كما نَقَل ذلك عن المصنِّف أحدُ شرّاح الفوائد الغياثيّة إذ قال: (ل: ١٨٠ - ١٨١).
"أمّا الأوّل: فقال المصنّف: يحتمل أن يكون المرادُ منه إثباتَ الحرمة في البيع للإلزام؛ أي: البيع مثل الرّبا. فلو كان الرّبا حرامًا -كما زعمتم- لكان البيع أيضًا حرامًا وليس فليس. وقال الإمام الرازي في تفسيره: المراد إثبات الساواة بينهما في اقتضاء الحل والحرمة فلا فرق بين أن يقال البيع مثل الرِّبا وعكسه.
وأما الثّاني: فقال المُصنِّف يحتمل أن يكون سوقه للتَّنْزيه عن مماثلةِ الخلوقات؛ فكان حقُّ الكلام كما ذكر؛ لا للتوبيخ عن التّشريك في العبادة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>