للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجهٌ؛ لأنه (شمسٌ) ادّعاءً، فيكون للتعجُّبِ وجهٌ. ولا أن لا يكون للإنكار وجه؛ لأنَّه (بدرٌ) ادّعاءً فيكون له وجهٌ.

وقد تردَّد الإمامُ الباهرُ الشَّيخُ عبد القاهر فيهما في المذهبين؛ فقال: تارةً بكونه لغويًّا، وأخرى بكونه عقليًّا (١).

فإن قلتَ: فكيفَ الجمعُ بين ادّعاء الأسديّة للرَّجل، وبينَ نصب القرينة على عدمِ إرادتها؛ أي: إرادة الأسديّة؛ وما هذا إلا تناقضٌ؟.

قَلتُ: إنه يدّعي أن للأسد صورتين، متعارفةً، وهي التي لها جرأةُ الإقدام، ونهاية قوّةُ البَطْش مع الصُّورة المخصوصة، وغيرها؛ غير متعارفةٍ، وهي التي لها تلك الجرأة وتلك القُوَّة، ولكن (٢) لا مع تلكَ الصُّورة المَخْصُوصةِ؛ بل مع صُورة أخرى؛ كما قال المتنبِّي (٣):

نحنُ قَوْمٌ ملْجِنِّ (٤)؛ أي: من الجِنّ؛ نحذفَ النُّونَ لالتقاءِ

السّاكنين، في زيِّ (٥) ناسٍ ... فَوْقَ طيرٍ لها شُخُوص الجِمَالِ.


(١) ينظر: دلائل الإعجاز ص: (٤٣٢ - ٤٤٠).
(٢) في أ، ب: "لكن" بدون الواو.
(٣) والبيتُ من الخفيف. وهو في ديوان الشَّاعر بشرح العكبريّ: (٣/ ١٩٤) برواية: "نحن ركب" ضمن قصيدة طويلة مدحَ بها عبد الرَّحمن بن المبارك الأنطاكي.
وقد استُشهد به -برواية الدِّيوان- في دلائل الإعجاز: (٤٣٤)، و -برواية المتن- في المفتاح: (٣٧٢)، والإيضاح: (٥/ ٥٧).
(٤) هكذا اتّفقت النّسخ المخطوطة على كتابتها، وكذا في الدّيوان. ويرى أبو فهر؛ محمود شاكر محقق الدّلائل: (٤٣٤): أن الأجود أن تكتب هكذا: (مِ الجنّ).
(٥) الزي: اللِّباسُ والهيئة. اللّسان (زيي): (١٤/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>