فاعملوا -قبل كل شيء- على ألا يبقى في البلاد أمّي، فإن من العار على سورية (وهي هي في ماضيها وحاضرها وما تأمل في مستقبلها) أن يكون فيها رجل واحد لا يستطيع أن يفك الخط أو امرأة لا تقدر أن تكتب لزوجها إن غاب عنها إلا بمعونة «العرضحالجي» ... وارصدوا لذلك الأموال الكثيرة، وابذلوا فيه المبالغ الوفيرة، ولا تضنوا عليه بشيء؛ لأن محاربة الجهل والفسوق واجبة وجوب محاربة اليهود، ولأن ما تدفعونه تشترون به أدمغة وعقولاً وعبقريات. ولعل في أُجَراء الخبازين، وصبيان اللحامين، وأولاد الأزقة المتشردين (الذين سيكونون لصوصاً مجرمين أو يكونون شحاذين) مَن لو تعلم لكان عبقرياً في الأدب، أو نابغة في العلم، أو واقعة في السياسة، ولأكسب أمته مجداً لا يقوّم بثمن، ولأكسبها -مع هذا المجد- قوة ومالاً.
واعملوا على رد الناس إلى الدين، فإنه لا يدفع هذه الشرور، ولا يدرأ هذه المفاسد، ولا يمنع هذا الفساد إلا الدين.
إن الذي يخاف القانون وحده، يخافه ما بقي الشرطي واقفاً، فإن ذهب الشرطي رتع الرجل. فهل تستطيعون أن تقيموا على كل رجل شرطياً يراقبه؟ وإذا كان الشرطي نفسه يحتاج هو أيضاً إلى مراقب؟ أما الذي يخاف الله فإنه يعلم أنه يراه دائماً، وأنه مطّلع عليه في سره وجهره وهو معه أينما كان، فيمنعه خوفه الله من أن يسرق أو يزني أو يظلم أحداً أو يعتدي على أحد. وها أنتم هؤلاء جربتم ترك الدين والبعد عنه والزهد فيه، فماذا وجدتم؟
أنا أقول لكم ماذا وجدتم!
هذه الدعارة التي انتشرت حتى شكا منها الطالح قبل الصالح والفاسق